تسعى فرنسا الى استضافة قمة للبلدان الأوروبية والمتوسطية في الصيف أو الخريف المقبلين في ظل رئاستها للإتحاد الأوروبي التي تبدأ مطلع تموز يوليو ولستة أشهر. وقال مصدر مطلع ل"الحياة" ان باريس تأمل، إذا ما حققت محادثات السلام السورية - الاسرائيلية في واشنطن تقدماً حاسماً، بأن تشكل القمة الأوروبية - المتوسطية إطاراً يجمع الرئيس السوري حافظ الأسد ورئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود باراك للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي - الاسرائيلي. ويضم مسار برشلونة الأوروبي - المتوسطي الذي إنطلق في اسبانيا في 1995، 15 دولة في الإتحاد الأوروبي و12 دولة متوسطية، ثماني عربية إضافة الى تركيا واسرائيل وقبرص ومالطا. وكان مفترضاً أن تستضيف البرتغال الإجتماع الوزاري السنوي للبلدان المشاركة في مسار برشلونة خلال رئاستها للاتحاد الأوروبي التي تبدأ مطلع العام الجديد، إلا أن الوزراء وافقوا في اجتماعهم الأخير الذي عقدوه في شتوتغارت المانيا على اقتراح فرنسا استضافة الاجتماع المقبل بعد تسلمها رئاسة الاتحاد على ان يعقد الوزراء اجتماعاً تحضيرياً في البرتغال قبل تسليمها الرئاسة للفرنسيين يقتصر فيه الحضور على الوزراء ومساعد واحد لكل منهم ميثاق السلام والاستقرار ويأمل الفرنسيون بأن يتوصل وزراء الخارجية المتوسطيون الى قرار يصادق على مشروع "الميثاق الأوروبي - المتوسطي للسلام والإستقرار" في ظل رئاستهم للاتحاد، بعدما قطع فريق العمل المكلف اعداد المشروع شوطاً حاسماً في أعماله. وكان الوزراء وافقوا على "الخطوط الكبرى" للمشروع والتي عرضت عليهم في شتوتغارت في نيسان ابريل الماضي، وحضوا على استكمال الوثيقة النهائية وعرضها على الإجتماع الرسمي المقبل. وعلمت "الحياة" من مصادر قريبة من فريق العمل المؤلف من موظفين كبار في وزارات الخارجية المعنية ان "الميثاق" سيجسد إعلان برشلونة في المجال الأمني ويرسي حواراً سياسياً مكثفاً يكرس التشاور الدائم في قضايا حسن الجوار والتعاون الإقليمي واعتماد الديبلوماسية الوقائية لمنع التوترات والأزمات بين البلدان المتوسطية. الى ذلك سيكرس الميثاق آليات جديدة لاتخاذ القرارات الجماعية في القضايا المتصلة بالسلم والأمن الاقليميين يُعتقد أنها ستعزز الإطار المؤسسي الحالي الذي أرساه مؤتمر برشلونة، إضافة الى تطوير التعاون في مجال مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب وشبكات الاتجار بالمخدرات. على صعيد آخر استبعدت مصادر مطلعة ان يستضيف أحد بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط الإجتماع الوزاري التالي للإجتماع المقرر في فرنسا كون البلدان العربية تعتبر حضور وزير خارجية اسرائيلي مؤتمراً على أرضها مضراً بالمفاوضات الجارية مع سورية وتلك التي يرجح ان تبدأ مع لبنان، مما يعني ان استضافة المؤتمرات الوزراية المتوسطية ستبقى متداولة بين العواصم الأوروبية المعنية فقط في الأمد المنظور. في المقابل زالت الإعتراضات الأوروبية السابقة على المشاركة الليبية الكاملة في اجتماعات مسار برشلونة بمستوياتها المختلفة. وبعدما أفسح في المجال أمام حضور مسؤول الشؤون الأوروبية في الخارجية الليبية وزير الخارجية الأسبق عبدالعاطي العبيدي المؤتمر الوزاري الأخير في شتوتغارت يرجح ان تكون الطريق سالكة لاحتلال ليبيا مقعداً كاملاً في المؤتمر المقبل في فرنسا إذ لن تكون مجرد ضيف لرئاسة الاتحاد الأوروبي مثلما كان الشأن في المانيا. إلا ان مصادر أوروبية ربطت بين إنضمام ليبيا الى المسار الأوروبي - المتوسطي وإعلانها رسمياً الموافقة على إعلان برشلونة وما تلاه من بيانات وقرارات. وأفادت المصادر ان وزير الخارجية الليبي عمر المنتصر أشعر نظراءه الأوروبيين بأن بلده في صدد إستكمال اللمسات الأخيرة على الموافقة بعد درس كل الوثائق ذات الصلة بمسار برشلونة. ورجحت المصادر ان يكون التأخير في اعلان ليبيا تبنيها الوثائق المتوسطية يعود الى تحفظاتها على الطرح العام للصراع العربي - الاسرائيلي وإطار تسويته في وثائق برشلونة. إضافة الى موضوعي ميثاق الإستقرار المتوسطي وإدماج ليبيا في مسار برشلونة يُتوقع أن يبت المؤتمر الوزاري المقبل بالوثيقة التي تعكف على إعدادها حالياً "لجنة تفكير" متخصصة، والمتعلقة بوضع تصور شامل للتعاون الإقليمي بين البلدان المشاركة في المسار الأوروبي المتوسطي. وتضم اللجنة ممثلين لبلدان الشمال والجنوب ويؤمل ان تشكل الوثيقة مرجعاً للتعاون الإقليمي في حوض المتوسط مستقبلاً.