كأن السينما المصرية مكتوب عليها أن تعيش دائماً في أزمات ومشكلات، فقبل أسابيع اثيرت قضية محاولة البعض - وخصوصاً غرفة صناعة السينما - اصدار قرار بزيادة عدد نسخ الأفلام الأجنبية المستوردة، لكن السينمائيين وقفوا ضد المشروع لأنه "سيدمر الانتاج السينمائي المصري". وكان من ابرز من عملوا على وقف هذا القرار الدكتور محمد كامل القليوبي رئيس المركز القومي للسينما الذي وصف من سعوا الى اصداره بأنهم "ليسوا على قَدْر المسؤولية، ولا يحمون الصناعة الوطنية". ولم تكد تمر اسابيع، حتى أثيرت قضية بيع "نيغاتيف" الأفلام، ما أحدث جدلاً واسعاً في الوسط السينمائي والثقافي. والغريب هذه المرة أن الفنانة إسعاد يونس وزوجها علاء الخواجة هما وراء هذه القضية إذ اشتريا مئات من "نيغاتيف" الأفلام المصرية، بزعم أنهما يهدفان الى ترميم هذه الأفلام وحمايتها من التلف. ولكن المسؤولين السينمائيين اعتبروا أن ما يحدث كارثة جديدة تهدد التراث السينمائي المصري ولهذا يجب الوقوف ضد كل من يحاول تدمير هذا التراث. والغريب في القضية ان الكلام ملأ الصحف والمجلات بتصريحات المسؤولين في الجمعيات والنقابات ولم يخرج علينا أي مسؤول كبير واحد ليقول رأيه في ما يحدث. وحده الدكتور محمد القليوبي كان على قدر المسؤولية. فبعدما نجح في وقف قرار زيادة النسخ الأجنبية، كان له دور مهم في قضية بيع "نيغاتيف" الأفلام، وارسل قبل أيام خطاباً رسمياً الى الإدارة العامة للجمارك يطالبها بضرورة منع إخراج "نيغاتيف" أي فيلم مصري وضرورة معاملة "النيغاتيف" مثل الآثار. ويبقى التأكيد أن الذين اشتروا الأفلام، لن يستطيع أحد منعهم من ذلك، ما لم يجبروا أحداً على البيع، وما دامت ليست هناك حكومة تحمي تراثها وتاريخها. ويكفي ما قاله رئيس غرفة صناعة السينما المصرية منيب شافعي عندما سئل عن اسباب بيع أفلامه: "على من يرى ضرورة الحفاظ على هذا التراث أن يدفع للاحتفاظ به". هذه هي حال السينمائيين في مصر: فريق يعمل على تدمير الصناعة، وفريق يسعى الى الحفاظ على وجودها، والمسؤولون في حال غيبوبة تامة.