أكد وزير خارجية سورية السيد فاروق الشرع أن السيناريو الذي وضعته إسرائيل لانسحابها من لبنان "فشل وتحول الى هزيمة". وأكد أنه لا يصح الربط بين الانسحاب الإسرائيلي من جنوبلبنان والوجود السوري هناك، فقد جاء الوجود السوري بناء على طلب من الحكومة والشعب اللبناني وليس من اميركا أو اسرائيل، بينما كان الوجود الحدودي احتلالاً للشريط الجنوبي من لبنان. وفي واشنطن أبلغ مصدر رفيع المستوى في الإدارة الأميركية "الحياة" ان أجواء التعاون الايجابية التي رافقت الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، ساهمت في تأمين لقاء اليوم بين وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت ونظيرها السوري. وقال المسؤول، الذي فضل عدم كشف اسمه، "إن جميع الأطراف، بما فيها حزب الله وأمل وسورية وإسرائيل والفلسطينيون، تصرفوا بطريقة مسؤولة". ورأى ان ذلك سينعكس ايجابياً على مستقبل المفاوضات السورية - الإسرائيلية. وتوقع ان يكون لانعقاد مؤتمر حزب البعث في سورية "تأثير ايجابي على المفاوضات السلمية". وبالنسبة إلى الوجود السوري في لبنان، قال إن الموقف الأميركي لا يزال قائماً على أنه "حين يشعر اللبنانيون بأنهم لم يعودوا بحاجة إلى الوجود السوري، عندئذ يصبح مناسباً أن تنسحب سورية. يجب أن نسمع من اللبنانيين أولاً، فحكومة لبنان هي التي دعت السوريين إليه، ونريد أن نسمع منها في هذا المجال". وأضاف ان الولاياتالمتحدة تدعم تطبيق اتفاق الطائف، ولكن "توقيت تنفيذ فقراته يعود إلى حاجات الأطراف المعنية وما تريده الحكومة اللبنانية". وأكد ان هناك مساعي لتأمين مساعدات اقتصادية للبنان من أجل المساهمة في إعادة إعمار الجنوب، وهناك اتصالات مع دول معنية، خصوصاً فرنسا والمؤسسات الدولية. وفي هذا المجال، كشفت مصادر ديبلوماسية ان رئيس الوزراء الإسرائيلي طلب من رئيس البنك الدولي جيم ويلفنسون تقديم مساعدة للبنان بقيمة 150 مليون دولار. وجاء هذا الطلب خلال لقاء ويلفنسون مع باراك أخيراً ورفض الشرع فكرة أن يكون اللقاء مع أولبرايت استئنافاً ل "لعبة المسارات"، التي تمارسها إسرائيل واميركا. وقال: "نحن ضد هذه اللعبة ولا نمارسها، ولا نسمح باللعب مرة على المسار السوري ومرة أخرى على المسار الفلسطيني أو العكس". كما رفض أي تصور لضغط يمكن أن يمارس على سورية، وقال: إن "ما حدث في لبنان يجب أن يكون حافزاً للفلسطينيين لرفض الضغوط"، وأكد في هذا الصدد أن بلاده "لم ولن تسمح بخلق معركة مع الإخوة الفلسطينيين". مظاهر الفشل وعدّد الشرع في لقاء صحافي في بيت سفير سورية في القاهرة مظاهر الفشل الاسرائيلي، فقال أن إسرائيل "أرادت خلق صراع دموي بين جيش لحد من ناحية والمقاومة والجيش اللبناني من ناحية أخرى، وتصورت أن المقاومة اللبنانية ستتقدم الى المواقع التي كانت تحت الاحتلال وتُعمل القتل في جيش لحد والعناصر المتعاونة معه، كما وضعت حساباتها على أساس أن يهب لبنان بعد تحرير أرضه مطالباً بانسحاب سوري من أراضيه، وخاب ظنهم"، وأشار الشرع إلى "مطالبة الكثير من اللبنانيين بتقدم الجيش السوري جنباًَ الى جنب الجيش اللبناني في اتجاه الجنوب". وحذر من "المبالغة غير العقلانية" في الانتصار الذي حققه لبنان والمقاومة اللبنانية مدعومة بالصمود السوري والتأييد العربي، وقال: إن "ما حدث شيء عظيم، لكن علينا أن نتذكر أن إسرائيل لا تزال تملك واحدة من اقوى ترسانات السلاح في العالم، وأنها لن تسلم بالهزيمة بسهولة". وأكد "لبنانية مزارع شبعا" قائلاً إن "الالتزام بالشرعية الدولية وقراراتها لا يتجزأ، وبصرف النظر عما إذا كانت شبعا لبنانية أو سورية فمن المؤكد، باعتراف إسرائيل نفسها، أنها ليست إسرائيلية، ولذلك لا يصحّ أن يكون تنفيذ قرارات مجلس الأمن بشكل انتقائي". واستنكر الشرع بشدة "ما يتردد عن أن سورية اصبحت ضعيفة ومعزولة بعد القرار الإسرائيلي الانسحاب من لبنان وتنفيذ هذا الانسحاب"، وقال: "العكس هو الصحيح، أصبحت سورية أكثر قوة وتعززت مكانتها عربياً، والبيان الصادر عن دول إعلان دمشق أمس الأول يعكس هذا تماماً"، وقال: إن "كثيراً من البيانات والتصريحات تصدر وتشيع أن الملف السوري قد أغلق الى الأبد، وأن سورية تضع العصي في عجلات السلام، وإن دور المقاومة اللبنانية قد انتهى، ونحن نقول إن باب السلام لا يزال مفتوحاً ونمد يدنا للسلام ولا نأبه للغرور الذي يستند الى القوة العسكرية، فالحقيقة أن إسرائيل مهزومة من الداخل رغم امتلاكها أقوى ترسانة عسكرية، والحق دائماً هو المنتصر، أما الحديث عن انتهاء دور المقاومة اللبنانية فهو حديث في غير محله، ولا أحد مضطر للإعلان أو القول إن دور المقاومة قد انتهى". وقال الشرع: "من الواضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي باراك لا يقرأ الواقع جيداً، ولم يدرك ما تحقق من تغيرات وتطورات في العالم العربي والاقليمي، وعليه أن يدرك أن حالة من النضج قد تحققت ولم يعد من السهل أن يروج كما روج أسلافه أن إسرائيل في خطر ومهددة من جيرانها". واستبعد إمكان أن تستغل إسرائيل الأوضاع في لبنان وتفجر الغاماً موجودة، مثل لغم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والذين يبلغ عددهم نحو 350 ألف لاجئ. وقال: "أعتقد أن اضطرار إسرائيل الى الانسحاب من جنوبلبنان اثبت عدم القدرة على استغلال الوضع الطائفي في لبنان والوضع في الجنوب بين قوات لحد والمقاومة، ومثل هذا الفشل لا بد أن يكون مصير أي محاولة لاستغلال وضع اللاجئين".