لم تسفر زيارة وزيرة الخارجية الأميركية مادلين اولبرايت الى سورية ولبنان عن احداث اختراق وان كان التفاؤل الحذر هو الذي ساد في انتظار مساع جديدة "خلال الأيام والأسابيع المقبلة من أجل احداث تقدم على هذين المسارين". واختصر وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الجو بقوله: "ان اولبرايت لم تحمل معها أخباراً طيبة من اسرائيل" مستطرداً انه يأمل "ان تأتي هذه الأخبار في المستقبل". راجع ص 5 في دمشق دعت اولبرايت الجانبين السوري والاسرائيلي الى اظهار "المرونة والارادة السياسية" اللازمتين لوضع "أسس" استئناف مفاوضات السلام المتوقفة منذ العام 1996، مشددة على ضرورة اقامة "سلام دائم" بين سورية واسرائيل على أساس مبدأ "الأرض مقابل السلام"، من دون أي ذكر لضرورة العودة الى طاولة المفاوضات "من حيث توقفت" على أساس التزام "وديعة" رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق اسحق رابين المتعلقة بالانسحاب الكامل من الجولان، الأمر الذي اعتبره وزير الخارجية السوري فاروق الشرع كافياً كي تستأنف المفاوضات "غداً" لتحقيق "اتفاق سلام خلال أشهر". وكان الشرع واولبرايت يتحدثان في دمشق حيث اجرت وزيرة الخارجية الأميركية محادثات مع الرئيس حافظ الأسد. وأشار وزير الخارجية السوري الى ان اولبرايت لم تحمل معها من اسرائيل "أخباراً طيبة" كانت دمشق تنتظرها، لكنه امل ان تأتي هذه "الأخبار الطيبة" في المستقبل، لافتاً الى وجود "شعور وانطباع" لدى دمشق بأن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك سيقر بتعهد رابين الانسحاب من الجولان. وانتقلت اولبرايت بعد دمشق الى لبنان وخصته بلفتة بارزة بهبوط طائرتها في مطار بيروت الدولي في اول خطوة من نوعها منذ 16 سنة اي منذ الحظر على منع الطائرات الاميركية من الهبوط فيه والشركات الاميركية من العمل على ارضه راجع ص 4 و 5. وأجرت اولبرايت في زيارة استمرت ثلاث ساعات في السرايا الحكومية في بيروت، محادثات مع رئيس الحكومة اللبنانية وزير الخارجية الدكتور سليم الحص، تخللتها خلوة استمرت ثلث ساعة، انتهت بمؤتمر صحافي مشترك اعلنت فيه ان محادثاتها في دمشق التي قدمت منها الى بيروت جواً كانت مثمرة وبنّاءة، مع الرئىس السوري حافظ الأسد، وأن الجانب الأميركي سيسعى خلال الايام والأسابيع المقبلة من اجل إحداث تقدم في عملية السلام. وإذ تركت لفتة هبوط الطائرة الاميركية في المطار انطباعاً ايجابياً على الصعيد المعنوي لدى المسؤولين اللبنانيين، خصوصاً أن الوزيرة الأميركية وضعت "بروش" على شكل ارزة على صدرها، فان الصحافيين الاميركيين المرافقين لها على الطائرة نقلوا عن مسؤول اميركي رفيع مرافق لها قوله ان الهدف من "اللفتة" اظهار الدعم للبنان، "من دون ان يعني رفعاً قريباً للحظر على مجيء الطائرات وشركات الطيران الاميركية الى بيروت". وأعلنت اولبرايت انها بحثت مع الرئىس الحص "في قضايا من الماضي والإرهاب وخطف الرهائن"، في اشارة اعتبرها المراقبون حضاً على الملاحقات القانونية لمتهمين بخطف الرهائن وبقتل اميركيين منهم السفير الاميركي السابق فرنسيس ميلوي في السبعينات، إلا أن مصادر لبنانية رسمية قالت ل"الحياة" ان اولبرايت "لم تبحث هذه الأمور في شكل تفصيلي، كما انها لم تشترط اي تدابير لبنانية من اجل مواصلة دعم لبنان". وفيما ردت اولبرايت معالجة قضية توطين الفلسطينيين التي اثارها الحص معها الى محادثات الوضع النهائي، قال الرئيس الحص "ان لبنان لا يستطيع قبول القول بأن قضية اللاجئين يجب ان تحال الى مفاوضات الوضع النهائي بين الفلسطينيين والاسرائيليين". وأكد "ان لبنان يجب ان يكون طرفاً في اي نوع من المحادثات لأنه يستضيف عدداً كبيراً من اللاجئين". وتمنى الحص ان تسهم جولة اولبرايت بتحديد موعد لإطلاق عملية السلام مجدداً انطلاقاً من النقطة التي توقفت عندها عام 1996، ووصف اجتماعه معها بأنه "جيد". وأكد "حق المقاومة للإحتلال الإسرائىلي". وكررت اولبرايت دعوة سورية وإسرائيل ولبنان الى ضبط الوضع في الجنوب اللبناني من اجل خلق مناخ يسهّل إحداث تقدم في عملية السلام.