سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حذر الغرب من مواصلة ضغوطه منذراً بدعم من قوى في اميركا واوروبا ... وأعلن تأييده العولمة . الترابي ل"الحياة": نفوز في الانتخابات والجيش لن يضرب اي انتفاضة
تحدث الدكتور حسن الترابي في جزء أول من حوار طويل أجرته معه "الحياة" في الخرطوم ونُشر امس، عن أسباب الخلاف مع الرئيس السوداني عمر حسن البشير، مؤكداً الفراق بين الطرفين وانشقاق حزب المؤتمر الوطني الحاكم. وعزا اسباب إخراجه من الحكم الى "التدخلات الاجنبية"، ولم يعارض انفصال جنوب السودان اذا قرر أهله ذلك. وفي هذا الجزء الثاني والأخير من الحوار، لمّح الشيخ الترابي الى انتفاضة الشعب مستبعداً مواجهة مع الجيش، وقال: "القوات المسلحة كانت نظامية موحدة سابقاً، اما اليوم فالجنود جاؤوا من جهات عدة، والجهات تنامى عندها الوعي الجهوي. كما ان التيار الاسلامي دخل القوات المسلحة. وهناك مجاهدون قوات الدفاع الشعبي وهؤلاء ليسوا نظاميين". وأكد ان تيار الشباب والطلاب والنساء يقف الى جانبه واستبعد ان يتدخل الجيش لضرب اي انتفاضة. وحذّر من الضغوط التي يمارسها الخارج، مشيراً الى ان الكيانات المنظمة اذا كُبتت ينفجر الغاضب والثائر لوحده وهذه أخطر من الثورة النظامية". ونبّه الى علاقات تياره بحركات وقوى في الغرب، في اميركا واوروبا والتي قد تتحرك دفاعاً عنه. واعلن انه مع العولمة. وعندما سُئل هل يخطط لانقلاب آخر داخل المؤسسة العسكرية، قال: "ما كنا نريده هو ان نركّز الاسلام قبل ان يقع انقلاب موال للغرب، لكن الاسلام اليوم راسخ في المجتمع، واذا جاءت انتخابات سيفوز الخط الاسلامي". وهنا الجزء الثاني والاخير من الحوار: هل أنت راض عن المصالحة التي مضيتم اليها مع احزاب المعارضة؟ - بالطبع انا الذي بدأتها في جنيف، وأحد أصول الخلاف القائم الآن في المؤتمر الوطني وأحد اسبابه العليا هي حرية الاحزاب. المجموعة العسكرية كلها كانت داخل حزبنا ضد بسط الحرية للاحزاب، لكننا أوضحنا لهم ان أي عقد انما يؤسس على الحرية. وقلنا لهم ان المسألة ليست حكماً عسكرياً وليست حكم عصابة، بل هي حكم عهد يقوم على مواثيق ودساتير يتوالى عليها الناس حرية واختياراً. أنت تعتبر انهم أخلّوا بهذا العقد؟ - نعم أخلّوا به، ثم نقضوا الدستور بنداً بنداً وأذكر، عندما ناقشنا الدستور داخل الأطر الخاصة للحركة الاسلامية، ان الجدال كان شديداً ودخلنا في حوار كثيف في المكتب القيادي للحزب. وكان هناك عدد كبير قال لا للحريات. لكنني ومجموعة قلنا لن نظل ممسكين بحريات الناس وأخذنا القرار الى هيئة الشورى وطرحنا أمر الحريات دينياً وفكرياً وسياسياً فوقفت معنا هيئة الشورى وأقرت الحريات والتوالي السياسي الحرّ في صلب الدستور. لماذا انقلب عليك رفاقك والذين كنت تثق بهم والذين بنيت فريقاً كبيراً منهم بنفسك؟ -السبب حب الحكم والسلطة، وان تكون عندك سلطة ولا ينافسك أحد. هم يتهمونك بأنك بدأت تحدّ من سلطات الرئيس وانك تطمح لإزاحته. وبعضهم يقول انك سعيت لتصبح مثل "ولي الفقيه" في الثورة الايرانية. - ولكن هل أنا الذي قال ان ولاة الولايات نأخذهم من الرئيس ونعطيهم لرئيس المجلس او الفقيه؟ قلت الأمر للشعب، وعندما نقول حكماً اتحادياً هل سأكون حاكماً في 26 ولاية؟ كل أخوتنا في الحركة الاسلامية يعرفون اننا عندما بدأنا حركة اسلامية كانت كل الحركات الاسلامية في العالم العربي قائمة على مرشد او على شيخ، نحن الوحيدون الذين كسروا كل هذه المعايير ولم نسمه رئيساً سمّيناه أميناً عاماً، والأمانات ترد الى اهلها. الحقيقة اننا في حياتنا كلها كنا دعاة للديموقراطية حتى في تجربتنا مع جعفر نميري كان خلافنا معه على نظام اتحادي ظللنا ندعو له منذ 1965، لكن العسكريين لا يريدون ذلك بحكم التربية المركزية القابضة للقائد الواحد. هل أنت خائف او قلق من ان يدخل السودان في مواجهة دموية؟ - قديماً كان الجيش موحداً، وكانت القوات المسلحة نظامية موحدة. اليوم جاء الجنود من جهات عدة، والجهات الآن تنامى عندها الوعي الجهوي تنامياً واسعاً. ثانياً، دخل التيار الاسلامي القوات المسلحة. ثالثاً، هناك مجاهدون وهؤلاء ليسوا نظاميين، لكنهم مقاتلون على درجة عالية من الكفاءة والفداء، حتى اذا انسحب الجيش النظامي فإنهم يتقدمون ويضربون. منهم طلاب ومنهم خريجون وهؤلاء ليسوا نظاميين. اعداد هائلة وكتل مؤثرة جداً ومعروفة في السودان، تدرّبوا على كل أنواع الاسلحة. كذلك السودان لم يعد هو السودان القديم، والعاصمة ليست المركز القابض لكل شيء. ان شعب السودان الآن فعّال جداً اكثر مما كان قديماً، وانتشر فيه التعليم ودخل التلفزيون معظم البيوت. اتسع الوعي جداً. اذا ذهبت الآن الى بادية السودان تجد كل خلافات المؤتمر الوطني معروفة لديهم بالتفصيل. في الماضي القريب كان هؤلاء أميين لا يعلمون شيئاً. واقع الحال في السودان اليوم اضطرابات يمكن ان تتطور، لكن مزاج السودانيين ليس مزاج عنف وقتل، والغربيون دائماً يتهموننا بالارهاب وهذه فرية منهم. نحن، مثلاً، لم نعرف اغتيالاً سياسياً في حياتنا. القبائل قد تتصارع لكنها لا تبلغ مبالغ العنف في افريقيا. حتى الجريمة العنيفة ليست كثيرة في السودان. غالب مشروعنا وبرنامجنا في المؤتمر الوطني لم يكن الحكم، بل هو مشروع حضاري يقود فيه المجتمع الدولة، والدولة بعد من ابعاد المجتمع، وانا لا اؤمن بأن الحكومة هي التي تصنع الحضارات بل الشعوب هي التي تصنعها لماذا اذن عوّلت على السلطة اكثر مما عوّلت على الشعب في "ثورة الانقاذ"؟ - لم أعوّل على السلطة. تحالفت معها. - مع من؟ مع العسكر؟ - كان المجتمع ضعيفاً، لذلك كان وزن السلطة كبيراً لكن الآن وزن الشعب تقدم جداً. ألم يكن من الافضل ألا تقوم "ثورة الانقاذ" وتبقى التعددية موجودة؟ - ثورة الانقاذ تأسست من اول يوم على الشعبية. لم ندع الجيش النظامي وحده يقوم بالدفاع عن ثغور البلاد، ولكن قام الى جانبه الدفاع الشعبي، والأمن يرعاه المجتمع اكثر مما ترعاه الاجهزة الرسمية، وقام مؤتمر شعبي اسلامي لا يدع التعبير عن السياسة الخارجية كله لوزارة الخارجية. أقمت دولة اخرى داخل الدولة؟ - بل أقمت نظام حكم شعبي، من المحلية حتى السياسة الخارجية، ألا ترى أطراف المملكة المتحدة القديمة البريطانية في ايرلندا واسكتلندا تتفتت؟ العالم كله يتجه الى الشعب. الديمو بمعنى الشعب في الاغريقية اصبحت الآن اقوى من الماضي، اذ كانت الأحزاب تمثّل طبقات وفئات، والدين نفسه كان كنيسة، اما الآن فالمتديّن يتديّن مباشرة مع ربه. وفي السودان حدث الشيء نفسه: كانت لنا مشيخات وطرق، لكن الشعب تحول كله الى متديّن يتوجه الى الله سبحانه، مباشرة بالدعاء والصلة والصلاة والزكاة من دون الحاجة الى صك غفران. هذه تيارات العالم ويمشي كله الآن نحوها، بنظام الاتصالات العالمية ودونما حاجة الى تمثيل رسمي او ديبلوماسي، العالم يتواصل بالانترنت ويطور سبل الاتصال كل صباح. اذن الشيخ مع العولمة؟ - نعم ولا أخشى ان تتكثف صلات العالم بعضه ببعض، طبعاً اذا كانت هنا منطقة ضغط منخفض ستهبّ عليك الرياح وتغزوك، ولكن اذا عبّأت فأنت الذي سيهبّ على الآخرين، لذلك ان قيمي نفسها منفتحة، لأنها قيم الدين المفتوح للناس كافة، ولا تجد حتى كلمة الوطن، فلا عصبية وطنية او عرقية او قبلية في الدين. العرب انفسهم كانوا في انغلاق قبل الاسلام فانفتحوا وفتحوا العالم، واستفاد العالم منهم. نحن مع الانفتاح نحو حضارة عالمية لا تحتكرها منطقة ولا أمة دون بقية الأمم. هل أجريت نقداً ذاتياً؟ ألم تدرك مثلاً ان الظروف لم تكن مواتية لمشروعك وتعرض السودان لحصار وتعرضت لمقاطعة واتهمت بالارهاب واتهمت بإيواء الارهابيين، ثم اصبت بنكسة كبيرة في حزبك يسميها رفاقك خيانة، اي ان بعض الذين كانوا معك في هذا التيار او الحركة تخلوا عنك. في حين يرى خصومك ان الطريقة التي اتبعتها وتتبعها غير سليمة، فأرادوا ان يخرجوا عليها؟ أين النقد الذاتي؟ - يا أخي الكريم كل الحضارات قامت، فرنسية او صينية او اسلام، وحاولوا إحاطتها يعني مواجهتها. اصلاً الطبيعة هكذا. هكذا طبيعة التاريخ. الطبيعة كلها تحاصر الحبّة التي ستُخرج هذه الشجرة، تحاصرها التربة والرياح. وأنا بالنسبة اليّ لا اعتبرها نكسة، اعتبر ان كل دفعة حضارية تتعرض لتحدٍ. هي علاقة جدلية؟ - نعم جدلية، "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض" من دون تحد لن تتعبأ في النفوس روح التصدي له، واذا لم أتصدَّ لتحدٍ سأكون ميتاً. وانا اعتبر اننا كنا بطيئين كثيراً، لكن كثيراً من الناس يقول لي الكلام نفسه: انك سارعت الى الديموقراطية في السودان بخطى أوسع مما يجب وفتحت للصحافة وبسطت اللامركزية في الحكم حتى بلغت تقرير المصير للجنوب، هذا بسط للسلطة لا يحتمله السودان. وانفتحت عالمياً على حركات وشعوب وجمعيات والعالم يخشى الانفتاح ولا يراه الا غزواً. ويشيعون عني ما يخيف الناس. حتى العولمة عندما تأتي من تلقاء هذا الفقير المسكين تثير الرعب! وقالوا لي كذلك انك أشعت شعوراً بالخطر حولك في البلاد الافريقية وحرّضت على النظم. وكذلك ثمة بلاد عربية أصابها القلق وبلغ ذلك حتى اوروبا. لكنني كنت أراقب العالم من حول تجربتنا، ولو صبرنا شيئاً قليلاً لرأينا اوروبا الغربية وقد بدأت معنا الحوار تتداعى الينا لأننا اكدنا ثباتنا على قيمنا ومبادئنا، واذا ثبتت التجارب على قيمها ييأس الآخر منك. وثانياً، اذا لاحت عليك وعود الثروة من بترول وزراعة فسيأتون اليك بالمعاملات بعد الحوارات، حتى مصر نفسها أرادت ان تنفتح بالحوار، وطابت العلاقات مع السعودية ومعظم دول الخليج. ... هكذا وانت تصنع الحضارة بالصمود وليس بالرخاوة. اما ان تكون عالة على الآخرين وتبقى تحت قبضتهم، فهذا لا يضيف جديداً. كذلك تحدثنا الى اثيوبيا وقلت لهم نحن اجتماعياً ليست لدينا مشاكل معكم، واقتصادياً نظامنا ليس نظاماً اشتراكياً يزعج ويقطع الحدود. ان التوجه في العالم كله الآن هو نحو الديموقراطية ولا نريد لمعارضتكم أن تأتي إلينا وتجلب لنا اتهامات بأننا نسلحها لتضربكم كما هو الحال الآن. وتوجد، كذلك، أقليات اريترية قد تأخذ الحكم بعد سنتين أو ثلاث، ولكن إذا أصبح النظام فيديرالياً تنبسط فيه السلطة ويأخذ الرئيس ولايتين انتخابيتين ليس أكثر، ومعه ثلاثة أو أربعة ولاة يقاسمونه السلطة، لأنك إذا ظللت تقبض على الناس وحدك ستنفجر الطاقات المكبوتة. وهكذا قامت الثورات... ولكن اليوم كبتت الطاقات والحريات حتى في السودان. لهذا قمتم بثورة "الانقاذ"؟ - نعم. - ولكن كان هناك حد من التعددية قبل "الانقاذ" وكان شركاؤك في السلطة الاتحادي والأمة، فلماذا انقلبت عليهم، على التعددية؟ - انقلبت عليهم لأن الغرب أكد لنا ان أي كيان إسلامي يجيء عبر الديموقراطية، توأد من أجله الديموقراطية لئلا تلد إسلاماً. كما حدث في الجزائر وتركيا. وحدث الأمر ذاته مع الصادق المهدي كما حدثتك. أما مع نميري فقد جاءه جورج بوش نائب الرئيس الأميركي رونالد ريغان وقتها وقال له أخرج الاسلاميين وأخرج معهم مبادئهم. بل في تاريخ السودان عبرة، ففي القرن الماضي عندما قامت دولة اسلامية مهدوية في القرن التاسع عشر، جاءت بريطانيا وجاءت ايطاليا. وجاء البلجيك من الجنوب والفرنسيون عبر فشودة، وجاء المصريون في ركابهم، كما جاء علينا الاثيوبيون في ركاب الايطاليين. ولكن حتى بعض الغربيين قالوا لي نحن مع الديموقراطية نحن لسنا مع حكم طوائف ولا مع حل البرلمان بغير حق دستوري ولا مع الغاء نظم فيديرالية مثبتة في الدستور. وأنا قلت لهم ان الاسلام تعمق الآن في السودان وإذا لم تسمحوا له بأن يأتي بالحرية سيتعبأ وينفجر، وإذا انفجر لن ينفجر مثل افغانستان لأن في داخل السودان دولاً كثيرة، وانفجاره سيؤثر في محيطه كله. الحمد لله علاقتنا مع الخارج تنمو وتزيد مع قوى في أوروبا الغربية وقوى في أميركا مثل حركة فرخان وكيانات في افريقيا والعالم العربي. وقلت للغربيين اذا كبتت الكيانات المنظمة فسينفجر الغاضب والثائر لوحده وهذا أخطر من الثورة النظامية، ولا نريد أن نكون مثل الجزائر، لا ديننا ولا عقلنا يسمحان بذلك. تبشر بالثورة وايران تحاول اليوم الخروج من عصر الثورة؟ - بتوترات كذلك بين بسط الحرية وقبضها، وبين بسط الشورى وقبضها. هل تلوح بثورة شعبية على نطاق عالمي؟ - لا أبشر بثورة خارج السودان، وحتى شعار تصدير الثورة الذي رفعته مجموعات في ايران اتضح اليوم ان الثورة نفسها تحتاج الى ثورة تجدد بها نفسها وأفكارها ورموزها. فرخان في أميركا مثله مثل كل الأميركيين في القانون الذي لا يفرق بينه وبين الآخرين، فما الذي سيثيره؟ - أنا أتحدث عن علاقات مع قوى خارج السودان قد تؤثر وتضغط داخل بلادها من أجل السودان وهذا أصبح مشروعاً في عالم اليوم المتصل الوثيق. إذا جرت انتخابات برلمانية ورئاسية في تشرين الأول اكتوبر وكان هناك مراقبون، هل ستخوضها كتيار منفرد أم ستتحالف مع أحد؟ - طبعاً الانتخابات البرلمانية سيخوضها الناس كلهم منفردين، ولكن في الانتخابات الرئاسية يحتاج الناس الى التحالف إذا لم يجدوا من أصاب الغالبية في الدورة الأولى. في الانتخابات البرلمانية هل ستتحالف مع أحد؟ - نحن قبل هذا تحالفنا مع أحزاب، نحن كإسلاميين ليست لدينا انعزالية، نحن قمنا بثورات ضد ابراهيم عبود، وانقلابات عسكرية وثورات ضد نميري. ائتلفنا مع نميري ومع عبود ومع الصادق المهدي، ومارسنا أدوار معارضة وأدوار ائتلاف وأدوار ثورة على الحكم القائم، جربنا كل ذلك. لو نظرنا الى الخريطة الحالية في السودان، من يقف مع الشيخ الترابي في هذا الخلاف؟ - أولاً الشبيبة وقد رأيتم ماذا فعلت في ايران وكيف قلبت الموازين لمصلحة تيار التجديد والاصلاح والحرية. وهم الشباب في السودان يمثلون غالبية السكان، وقد حاولت الحكومة ضربهم لكنهم مستمرون في الجامعات وفي كل مكان على رغم مصادرة مكاتبهم ودورهم، ويشمل ذلك الطلاب والنساء، فكل حركة تحرير المرأة في السودان جاءت مع الحركة الاسلامية. وفي داخل السلطة من مع الشيخ؟ - داخل السلطة الآن هناك قطاع كبير يرى أن الرئيس أخطأ من اليوم الأول والى الآن. وداخل المؤسسة العسكرية؟ - هؤلاء لا يتكلمون بل يفعلون، لكن المؤسسة العسكرية جزء من المؤسسة الثقافية في المجتمع، تطرأ عليها التطورات التي تطرأ على أجيال المجتمع هم خريجو ثانويات وزملاؤهم الآن في الحياة العامة، في الوزارة وغيرها وكثير منهم لا يعتبر الجندية وظيفة. ألا تعتقد بأن المواطن السوداني العادي شعر بأن الانفتاح الذي حدث بعد الحصار على السودان سببه الخلاف والتخلص من الشيخ الترابي؟ - في الأيام الأولى للخلاف بدا المعارضون للنظام في شماتة أو غيرة، أرادوا أن يروا هؤلاء يضرب بعضهم بعضاً حتى يرتاحوا منهم جميعاً. وبعضهم ظن أن الأمر مجرد تمثيلية. أليس وارداً أنك تخطط لانقلاب آخر داخل المؤسسة العسكرية؟ - ما كنا نريده هو أن نركز الاسلام قبل أن يقع انقلاب موال للغرب، لكن الاسلام اليوم راسخ في المجتمع، وإذا جاءت انتخابات سيفوز الخط الاسلامي. أما الانقلاب العسكري فينجح فنياً لكنه سيسقط وسيواجه بانقلاب، ولن يضرب الجيش الشعب إذا ثار، لا، هم بعض منهم أي الجيش وثيق الصلة بالمجتمع. واحد من الأسباب التي أغضبت الرئيس اننا قلنا في الدستور وفي قانون الانتخابات، قلنا ألا يخوض عسكري الانتخابات، إلا إذا استقال ومضى الى دائرته. وكان الرئيس مصراً جداً على وجود للجيش في البرلمان. وغير معقول، بالطبع، ان تتوزع المؤسسة العسكرية على الأحزاب، بولاءات مختلفة لأنها تخل بوحدتها لأداء وظيفة الدفاع. كيف هي علاقتك مع أقطاب المعارضة، السيد الميرغني والسيد الصادق ومع الفصائل الأخرى؟ - الصلات موجودة بالطرق المعروفة من رسائل وتليفونات ورسل. لماذا في تقديرك مبادرة "ايغاد" لم تتوصل الى حل مشكلة الجنوب؟ - "ايغاد" دخلت عليها أميركا وفرضت بعض أوليائها، وعقدت دورها مع الدول الأفريقية. ماذا يريد الأميركيون، في رأيك، هل يريدون حل مشكلة الجنوب في اطار الوحدة أم يريدون استقلال الجنوب؟ - عندما أقول أميركا أعني مجموعات الضغط أو اللوبي كما تعرف، ولا أعني الشعب الأميركي، والسياسة الخارجية في أميركا لا يحكمها الشعب، فهو يحكم حياته الداخلية ولا يعرف كثيراً عن علاقاته، ولكن هناك مجموعات كثيرة لها مصالح تنظر الى السودان بنيله وموقعه، وأنه قد يحدث خللاً في ميزان العالم ومصالحه. الذي يريدون أن يفصلوا الجنوب يريدون أن يعزلوه عن الثقافة العربية الاسلامية أو يستعملوه لطمس الثقافة العربية الاسلامية في الشمال. ماذا عن المبادرة المصرية - الليبية؟ - ليست لليبيين مصالح كثيرة في السودان، لكن لهم علاقات. أما المصريون فلهم تاريخ طويل معقد في العلاقة مع السودان، وقد بدأت في جنيف هذه الخطوة نحو المصالحة السودانية وكان ينبغي أن يتم الوفاق في نحو اسبوعين، وواصل الرئيس. للمصريين مخاوف، منها حق تقرير المصير أي يخشون انفصال الجنوب، فإذا جاء تقرير المصير سندعو كل الاخوة الجنوبيين الى الوحدة وليأخذوا شروطهم وضماناتهم. ولكن هناك الآن توترات كما حدث لاتفاقية الخرطوم بعد خروج رياك مشار. لا تبدو براغماتياً؟ - لا لست براغماتياً، لكنني توحيدي أوحد العلم الى العمل والعمل الى العلم. أنت من دعاة الاجتهاد، فلماذا لم تأخذ كل الظروف المحيطة بالسودان في الاعتبار؟ - لا... أخذتها. عندما حدث الخلاف بينك وبين الرئيس البشير أُخذ الرئيس بالاحضان؟ - الرئيس يا أخي الكريم عسكري لا يريد حرية كان ضد قانون الصحافة وضد الأحزاب. الآن رجعت؟ - لا لا هذه موقتة، ديكور فقط.