من ناحية الشكل الخارجي، قد يصعب القول إن ثمة تشابهاً حقيقياً بين أورسون ويلز وكينيث براناه. ولكن عدا عن ذلك، ثمة نقاط تشابه كثيرة بينهما، لعل أهمها يرتبط بتلك النزعة الشكسبيرية التي تجمعهما. فالإثنان عرفا بولعهما بصاحب "هاملت"، إخراجاً وتمثيلاً، في السينما وعلى خشبة المسرح. ومن ناحية ثانية هناك جمع كل منهما، وفي شكل متألق، بين التمثيل والإخراج. وهذان الجامعان المشتركان يبدوان كافيين للربط بينهما على رغم فارق السن. إذ حين توفي أورسون ويلز قبل 15 سنة، كان براناه لا يزال يافعاً يخطو نحو الشهرة والتألق في عالم الفن. ومن هنا لم يكن غريباً أن يتم اختيار كينيث براناه ليؤدي، تحديداً دور أورسون ويلز في فيلم يبدأ تصويره قريباً بعنوان "اختفاء في الأسود". والفيلم الذي يفترض أن يخرجه اوليفر باركر حقق قبل عام فيلماً متميزاً انطلاقاً من مسرحية أوسكار وايلد "الزوج الأبدي"، كتب له السيناريو الكاتب والمخرج الأميركي جون سايلس. أما الموضوع فخيالي يتصور جريمة يتورط فيها أورسون ويلز، في روما عام 1947. ففي ذلك الحين كانت زوجته الفاتنة ريتا هايوارث تركته وانشغل هو عن ذلك بجمع المال اللازم لتحقيق فيلم "عطيل" الذي سيحققه لاحقاً في المغرب ويقدمه باسم هذا البلد العربي في مهرجان كان. في ذلك الحين تحدث في روما جريمة ذات علاقة بالمافيا وبالسياسة الداخلية، ويكون لأورسون ويلز علاقة بالأمر لم يشأ الكاتب توضيحها منذ الآن. والفيلم يدور على هذه العلاقة تحديداً. و"اختفاء في الأسود" هو ثالث فيلم يمثل فيه شخص ما دور أورسون ويلز. إذ كان الأخير ظهر كشخصية ثانوية في فيلم "أد وود" لتيم بورتون، ثم كشخصية أساسية في فيلم "المهد سوف يهتز" لتيم روبنز. أما هذه المرة فإن لشخصية اورسون ويلز، تحت ملامح براناه، البطولة المطلقة.