يخوض الشاعر العراقي عبدالقادر الجنابي تجربة جديدة في تأسيسه مجلّة شعرية بالفرنسية اسمها "آرابوتيكا" "Arapoetica"وهي تعنى بالشعر العربي مقدار ما تعنى بالشعر العالمي المعاصر والحديث. وحملت المجلّة عنواناً ثانوياً آخر هو "عن الشعر العالمي". وتصدر المجلّة عن دار فرنسية هي L'esprit des Pژninsules وتوزّع بدءاً من شهر حزيران يونيو المقبل. وقدّم الجنابي العدد الأوّل معرّفاً المجلّة وأبعادها قائلاً: "سواء جاءت من آسيا أم من أميركا أو أفريقيا أو أوروبا، فالقصيدة الحديثة جليّة حيثما كانت وعلى رغم الحدود. القصيدة تحرّر اللغات من اكراهاتها الوطنية، فارضة هكذا تاريخاً مشتركاً. على أنّ الترجمة، شريكتها تسائل الهويات بلا توقّف. وطوال القرن العشرين أشبعت القصيدة نفسها بالاختبارات حتّى أنّها استطاعت أن تجيب وفق طريقتها على حقوق عصرها، من غير أن تجعل حركة الجماعية والفردية حركة متناغمة. صمدت القصيدة حيال الكوارث، والحروب والأوهام الطوباوية. اجتازت القصيدة اختراعات اللغة والعلم كمثل مَن يهيم بحثاً عن حقيقة، بل إنّ كان عليها أن يٌضحى بها من أجل شعر بلا قصيدة! مع ذلك ها إن القصيدة، في صبيحة العصر الجديد، وكأنّها لم يصبها مكروه، فتيّة ومتمرّدة، شعرها في الريح. ... تسعى مجلّة "آرابوتيكا" بعيداً عن كلّ التمثلات الأكزوتيكية، الى الكشف عن التجربة الشعرية العربية الحديثة، رافعة إياها أمام الآخر كي تبلغ أخيراً كمالها: الحوار هو مرآتها". وخصصت المجلة في عددها ملفاً بالشاعر أنسي الحاج ضمّ رسالة اليه كان كتبها المستشرق الفرنسي جاك برك قارئاً فيها ظاهرته الشعرية ومقالات وأبحاثاً من مارلين كنعان، عبدالقادر الجنابي، ساران الكسندريان، زهيدة درويش جبّور، دنيا أبو رشيد. وضمّ الملفّ كذلك ترجمة كاملة لقصيدة "الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع" أنجزتها المجلّة انطلاقاً من صيغ سابقة شارك فيها جوزف زعرور والهام عبدالنور. وفي "الهواء الشعري" قصائد فرنسية وأخرى مترجمة الى الفرنسية من: عبدالمنعم رمضان، سلمان مصالحة، برنار نويل، جيروم روزنبرغ وإريك سارنيه، بيار جوريس، فاضل العزّاوي، أنطونيو غامونيدا وعبدالله زريقة. وضمّ العدد أيضاً مقالات ونصوصاً كتبها: ميشال دوغي، ميشيلا لاندي، بيار جوريس، وليد خشاب، عبده وازن، جان بيار لوغوف، شارل ايلوز، ومراسلات بين جورج حنين وإدوار جاغير. ويقول الجنابي عن مجلّته: الغاية التي كانت وراء انطولوجيا "القصيدة العربية الحديثة" التي صدرت لي قبل أشهر هي نفسها الغاية التي دفعتني الى تأسيس هذه المجلة بغية التعريف بالتجارب الشعرية العربية الحديثة. لكن هذه المرة برفقة تجارب الآخر - العالمي. أي اطلاق القصيدة العربية الحديثة في فضاء العالمية وتخليصها من الانغلاق الذي تعانيه داخل لغاتها المحلية. في نظري، جعل القصيدة جزءاً من شعرية عالمية يجب أن يتمَّ بواسطة الكشف، عبر مجلة كهذه المجلّة، عن العلاقة المشتركة بين الشاعر العربي والشاعر الغربي، أميركياً كان أم أوروبياً، والعلاقة هي: الحداثة كمشروع وكحوار، أنْ يَشعرَ كلاهما بأن الواحد يكمّل الآخر، وبأنهما كصناع كلام يشتغلان على نص كوني يفهمه الجميع على رغم اختلاف اللسان. إذاً هدف المجلة ليس التعريف بهذا أو ذاك بالمعنى القاموسي، وانما بمعنى التعرف على نقاط التواصل والاختلاف الموصل بين شعراء مختلفي الجنسيات: التعرف على الأنا ضمن الآخر، وعلى الآخر ضمن الأنا. الهاجس هو خلق محكٍ أممي للقصيدة العربية الحديثة تبرهن فيه على جدارتها التجريبية وعلى هاجسها التحرري وطبيعتها المنعتقة من كل الشوفينيات العربية: الأدبية، والدينية والقومية...". ويشارك في المجلة ضمن أسرة التحرير: الكاتب فرنسوا زبّال والكاتبة مونا هورتا. وعنوانها في باريس: Arapoetica 4 Rue Trousseau, 75011 Paris.