احتفت مجلّة "شعر 98" الفرنسية في عددها الأخير بالشاعر اللبناني أنسي الحاج وأفردت له صفحات تضمّنت تعريفاً به كتبه المعطي قبّال الناقد الأدبي في صحيفة ليبراسيون الباريسية، ومختارات من شعره نقلها الى الفرنسية الشاعر عبدالقادر الجنابي والباحثة مونا هويرثا. ومن القصائد التي اختيرت: حالة حصار، نجمة البلد الأزلي، المهرّج، زوس، حتى الصباح والنصف... ومن تقديم المعطي قبال: "أنسي الحاج هو بلا ريب أحد الشعراء العرب القلائل الذين قاوموا وَقْعَ المحاكاة والانجذاب الظرفي بالثقافة الغربية. عند مطلع الخمسينات، رافق ولبُرهة قصيرة مُنَشِّطي مجلة "شعر" الطليعية، قبل أن يَسْلك مِشواره مُنعزِلاً. رأى دُعاة الشعر التقليدي في تجربة القصيدة النثرية التي ابتدعها أنسي الحاج انتهاكاً لغَرَضيَّة الشعر كموروث ثَابت. أصدر أنسي الحاج سنة 1960 مجموعته الأولى "لن"، والتي ستبقى إحدى المجموعات الشعرية الرائدة في الشعر العربي الحديث" تلتها سِتُّ مجموعات أخرى ونصَّان نثريان يخرجان عن المألوف. مجموعة "لن" صرخة غضبٍ ورفض في مستوى شعري سامٍ، قِوامُ احتفائيَّتها الجسد، القول، الحرية، العِشق، المرأة إلخ... ينتهك الشاعر فضاء القصيدة مُسرِّباً تَرَنُّماً اسطورياً غرفه من ينابيع آثارٍ قديمة لا يزال مفعولها حيّاً، ولكن غُيبت لصالح "أسبقية" بل "أحقيّة" أسطورة التأسيس الهجري بالنسبة لأنسي الحاج، لا تزال دينامية الطرس تذكي فعل الكتابة. يقف أنسي الحاج في هيئة يُتمٍ رباني منجذباً بالسقوط، يضرب مأواه في حقل من الخراب. ولكن بدل أن يبكي الأطلال سعياً الى ترميمها بالحنين وعلى طريقة الشعراء الجاهليين، يُطلقُ أُنسي الحاج، منتشياً ضحكة نيتشوية أخاذة. على مدى قولٍ شعري يرفده انعكافٌ على لغة غير اللغة الأم، ينجح أنسي الحاج في اخصاب متخيّلٍ بكامله. وعليه فإن شعره سُورٌ منتصب في وجه هبات النضيد والأقلمة التي يمارسها اليوم دعاة القومية العاربة! المختارات التي ترجمها في هذا الملف كل من مُونا وعبدالقادر الجنابي المشرفان على انطولوجيا أنسي الحاج الصادرة أخيراً عن منشورات سندباد لآكت سود، تُعطي بمخزونها القويّ فكرة عن المصهر الحقيقي لتجربته في الابداع والتأسيس". والمجلّة هي من أبرز المجلات المتخصّصة بالشعر الفرنسي والعالمي، تصدر عن منشورات سيغرز في باريس.