تحولت جلسة محكمة مصرية أمس، النظر في الطعن بقرار تعليق نشاط حزب العمل، مواجهة سياسية بين هيئة الدفاع وبين محاميّ الحكومة، بدا من خلالها أن أنصار الحزب يسعون الى إظهار "الابعاد غير القانونية وراء قرار لجنة الأحزاب". وابدى اعضاء هيئة الدفاع في مرافعاتهم أمام محكمة القضاء الإداري التي قررت استئناف نظر الدعوى في 13 حزيران يونيو المقبل اهتماماً بالإشارة إلى أن لجنة شؤون الأحزاب تتكون من وزراء ينتمون الى الحزب الوطني الحاكم، وهم اصحاب مصلحة في الاضرار بنشاط المعارضة. وشددوا على أن "وقف إصدار صحيفة الشعب، جاء بعد اتساع حملاتها ضد الفساد وكشفه، مما اعتبرته الحكومة تجاوزاً للخطوط الحمر غير المصرح بها"، مشيرين الى أن قرارا مماثلا صدر في حق حزب الأحرار المعارض "وما زالت صحيفته الأحرار، تصدر حتى الآن، وهو ما لم تتبعه الحكومة مع حزب العمل". غير أن محاميّ الحكومة رفضوا ما ذكرته هيئة الدفاع عن الحزب، مركزين على ان قرار تعليق النشاط ووقف إصدار الصحيفة جاءا بعد "قرارات عدة ابلغتها هيئات مختلفة داخل الحزب، تتعلق كل منها بتحديد اسم رئيس الحزب، مختلفة عن الآخرين، مما يعني التنازع على المنصب، وصعوبة تحديد الوضع القانوني الملائم، إلا من خلال التحقيقات، التي ستحدد الموقف النهائي، أو بصدور حكم قضائي لمصلحة أي منهم". واللافت أن هيئة الدفاع عن حزب العمل، ضمت محامين ينتمون الى اتجاهات سياسية مختلفة من الليبراليين والناصريين والإسلاميين، غير أنهم جميعاً لا ينتمون إلى الأحزاب أو الجماعات السياسية المعبرة عن هذه الأفكار. من ناحية أخرى تلقى المدعي الاشتراكي ثلاثين حافظة مستندات ضد قادة حزب العمل، تقدم بها الأمين العام ل"الحركة التصحيحية" السيد عبدالله أبو الحسن، خلال جلستي التحقيقات التي جرت معه على مدار يومين واستغرقت نحو 15 ساعة وانتهت مساء أول من أمس. وقال أبو الحسن المنتمي إلى جناح حمدي أحمد إن "التحقيقات تركزت على ما أوردته في بلاغي إلى النائب العام، بارتكاب قادة الحزب ثلاث مخالفات جوهرية لقانون الأحزاب، تستوجب محاكمتهم واتخاذ إجراء ضد استمرارهم في قيادة الحزب، وهي تغيير اسم الحزب وشعاره من دون إخطار لجنة الأحزاب، ودخول جماعات منحلة غير شرعية الى قيادة الحزب تهدد الأمن والاستقرار والسلام الاجتماعي، وجمع تبرعات من دون الحصول على تصريح من السلطات المختصة، وتلقي تحويلا أجنبياً لدعم الحزب والصحيفة". ويشار الى أن مسؤولين حزبيين في محافظات بورسعيد والشرقية والدقهلية شمال مصر، تقدموا ببلاغات الى النيابة، يتهمون قادة الحزب بمساندة الجماعات غير الشرعية في اختراق المستويات الحزبية في محافظاتهم، واطاحة القيادة المنتخبة، وتعيين أنصار جماعة "الإخوان المسلمين" في مناصبهم. وقال أبو الحسن إنه "تقدم بصور من هذه البلاغات الى المدعي الاشتراكي لضمها إلي ملفات التحقيقات". ومن المنتظر أن يبدأ جهاز المدعي الاشتراكي، مطلع الاسبوع المقبل، التحقيقات مع رئيس الحزب المهندس ابراهيم شكري، والأمين العام السيد عادل حسين وآخرين من قادة الحزب، في شأن الاتهامات التي وردت في شهادات حمدي وأبو الحسن. وفيما له صلة بردود فعل الأحزاب، على التطورات الأخيرة، بدت مؤشرات على أن حزب العمل الذي حظي بمساندة سياسية من المعارضة ضد قرار تعليق نشاطه، لن يتمكن من تحويل هذا الدعم الى ممارسة عملية. ففي أعقاب أحداث الاسبوعين الماضيين، أصدرت الامانة العامة لحزب التجمع اليساري قراراً بتكليف المكتب السياسي دراسة أي خطوات تتعلق بالعمل المشترك مع قوى وأحزاب المعارضة، واتخاذ القرار الملائم في كل حالة على حدة، وهو ما يتعارض مع توجهات سابقة استقرت فيها عملية التنسيق المتواصل، من دون الحصول على قرار حزبي. وقالت مصادر موثوقة في الحزب إن الاتجاه العام لا يرحب بأعمال مشتركة في المرحلة المقبلة، في ضوء ممارسات جرت في الآونة الأخيرة، أصابت جوهر التنسيق وأوقعت به الضرر. ويشار الى أن بيان "التجمع" سجل اعتراضاً على قرار تعليق نشاط حزب العمل ووقف إصدار صحيفته، غير أنه في الوقت ذاته، دان بشدة موقف الصحيفة والحزب الأخير والذي اعتبره يمثل تهديداً للسلام الأهلي ووحدة المجتمع وضد حريات الرأي والتعبير والضمير والاعتقاد. وفيما اشارت مصادر الحزب الناصري، الى صعوبة عقد اجتماع مشترك، بين قادة ورؤساء أحزاب المعارضة في المرحلة المقبلة، على خلفية المواقف القانونية التي انتجها قرار عدم الاعتداد برئاسة حزب العمل، اكدت المصادر استمرار دعمها السياسي لشرعية رئاسة شكري للحزب، ورفضها المواقف الانقلابية غير الشرعية. ويشار الى أن حزب الوفد الليبرالي اكتفى بإعلان تصريح رسمي لزعيمه السيد فؤاد سراج الدين، دان فيه قرار لجنة شؤون الأحزاب، غير أنه نأى بنفسه عن الصراعات القائمة، وتداعيات القرار، ما يوحي بالرغبة في الاكتفاء بإعلان موقف سياسي.