} اغارت مقاتلات اثيوبية امس على مطار اسمرا للمرة الاولى منذ استئناف الحرب الحدودية الاثيوبية - الاريترية، واعلن رئيس هيئة الاركان الاثيوبية الجنرال تسادكان غبري تنسائي امس ان الجيش الاثيوبي سيواصل هجماته ضد اريتريا "لتحرير الاراضي الاثيوبية التي تحتلها اسمرا على الجبهة الشرقية وتدمير القدرات العسكرية الاريترية". ووصفت اسمرا الغارات الاثيوبية بانها "تدمير متعمد"، ولمحت الى احتمال تورط روسيا الى جانب الجيش الاثيوبي في المعارك الجارية. واصلت المقاتلات الاثيوبية قصف أهداف في مدن رئيسية ومواقع حيوية داخل اريتريا، فأغارت اربع مقاتلات امس على العاصمة اسمرا للمرة الاولى منذ استئناف المعارك بين البلدين في 12 من الشهر الجاري. واستهدفت الغارات امس قاعدة جوية تبعد ثلاثة كيلومترات من مطار اسمرا الدولي الذي يبعد مسافة سبعة كيلومترات جنوب غربي العاصمة. وتفقد مراسل "الحياة" موقع القصف، واكد ان الغارات لم تُلحق خسائر داخل المطار او بالمُدرج، لكن احد الاحياء السكنية القريبة تعرض لخسائر طفيفة، إذ اصيب محول كهربائي صغير وانفجر انبوب مياه يغذي حي سمبل في غرب اسمرا. وشاهد سكان المدينة الدخان الكثيف وألسنة اللهب المتصاعدة من المحول الكهربائي بعد سماعهم صوت الانفجارات الناتجة عن سقوط قنابل عنقودية روسية الصنع خلفت اربع حفر كبيرة. وسيطرت شرطة المطافىء على الحرائق. وقال يماني غبري مسكيل مدير مكتب الرئيس الاريتري اساياس افورقي ل "الحياة" امس، ان القصف الاثيوبي على مطار اسمرا ادى الى إصابة مدنيين اثنين. واضاف انه "تدمير متعمد يتزامن مع بدء المفاوضات غير المباشرة المقررة اليوم امس في الجزائر. وهو عمل تخريبي يتناقض مع مناشدات منظمة الوحدة الافريقية ومجلس الامن لوقف المعارك. كما يكشف نيات حكومة اديس ابابا التي تجاوزت النزاع الحدودي الى محاولة طمس الهوية الوطنية الاريترية وإبادة الشعب الاريتري". وانتقد موقف المجتمع الدولي "المتفرج على الصراع"، وقال: "ان العالم لا يريد ان يفهم حقيقة النزاع ونيات اثيوبيا المبيتة". ولمح الى مشاركة خبراء روس الى جانب القوات الاثيوبية، وقال: "اننا نتحقق الآن من نوع الطائرات التي قصفت المطار، فإذا كانت من نوع سوخوي يكون هناك حتماً تورط روسي في الحرب". وعن تطورات القتال على الجبهات الاخرى قال غبري مسكيل ان معارك ضارية جرت خلال اليومين الماضيين بين مدينتي زال امبسا وسنعفي جنوب اريتريا. واضاف ان القوات الاريترية احصت 800 جثة اثيوبية في منطقة واحدة من مناطق القتال على امتداد الجبهة التي تشمل عليتينا - مارب وتسرونا وسنعفي وعدي خوالا. واشار الى ان هدوءاً حذراً يسود الجبهات الاخرى التي تشمل بوري - بادا في جنوب شرقي اريتريا قرب مدينة عصب على البحر الاحمر، ومرب - ستيت في اقليم القاش - بركة الذي يضم مواقع بارنتو وبادمي وشمبكو وام حجر في غرب اريتريا. وفي أديس أبابا، أكد رئيس هيئة الأركان الاثيوبية تسادكان غبري تنسائي أن قصف مطار أسمرا أمس يهدف الى إضعاف قدرات اريتريا العسكرية وان المقاتلات الاثيوبية الأربع التي أغارت على المطار عادت الى قواعدها سالمة. وأشار تسادكان في مؤتمر صحافي عقده أمس في أديس أبابا الى أن الهدف من قصف مولد الكهرباء قرب مدينة مصوع أمس هو عرقلة الامدادات العسكرية التي تصل عبر ميناء مصوع، مشيراً الى أن بلاده ستستمر في حربها ضد اريتريا في كل الجبهات حتى إعادة الأراضي الاثيوبية التي احتلتها اريتريا. وانتقد "الادعاءات التي تروجها جهات خارجية بأن اثيوبيا تستخدم أمواجاً بشرية في القتال". وقال: "ان عدد سكان اثيوبيا الذي يتجاوز 60 مليون شخص لا يعني شيئاً أثناء المعارك ... فالجيش الاثيوبي اتبع أسلوب عنصر المفاجأة والتركيز الكامل في كثافة النيران والقوات في المكان والوقت المناسبين والتنسيق بين القوات". ورداً على سؤال عما إذا كانت القوات الاريترية انسحبت من بوري وبادا، قال تسادكان ان ليس لديه أي معلومات عن انسحابها "وأن القوات الاريترية ما زالت متمركزة في تلك المناطق". ورفض ذكر الخسائر الذي تكبدتها اثيوبيا في حربها مع اريتريا، موضحاً أن ذلك غير ممكن قبل انتهاء الحرب. وشدد على ان خسارة اثيوبيا أقل بكثير من خسارة اريتريا. وعن استمرار زحف القوات الاثيوبية الى داخل الأراضي الاريترية، قال ان قواته "ستواصل زحفها الى حين استرداد كل شبر من الأراضي الاثيوبية. وأنا أتحدث معكم كجندي وسأستمر في القتال الى أن أتلقى الأوامر من حكومتي بالتوقف". وأوضح تسادكان ان القوات الاثيوبية تحاول تدمير القدرات العسكرية الاريترية بقصفها مواقع استراتيجية بعيدة عن مناطق النزاع بين الطرفين للتمكن من السيطرة على الموقف بسهولة. وأوضح "ان المعارك في مختلف الجبهات هادئة في الوقت الحالي لكن هناك مناوشات من وقت لآخر". وقال ان اثيوبيا تمكنت من استرداد زال امبسا - ايغالا بالالتفاف من الخلف وليس من الأمام "وهذه كانت مفاجأة بالنسبة الى خطة اريتريا العسكرية التي توقعت ان يكون الهجوم من الأمام كما حدث في معركة بادمي قبل عام، وألقت بأكثر من 60 في المئة من ثقلها العسكري في هذه المنطقة". وعلى صعيد الجهود الديبلوماسية الجارية، تأجلت المفاوضات غير المباشرة التي كانت مقررة بين الجانبين امس في الجزائر الى اليوم. وكان الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة رئيس الدورة الحالية لمنظمة الوحدة الافريقية اقنع طرفي النزاع، خلال جولته المكوكية بين اسمرا واديس ابابا الاسبوع الماضي، باستئناف المفاوضات التي انهارت في الخامس من الشهر الجاري بعد عشرة ايام من التفاوض. ووصل الى الجزائر امس المبعوث الخاص للرئيس الاميركي انتوني ليك للمشاركة في المفاوضات. وعلى صعيد تأثيرات الحرب على الاوضاع الاجتماعية، عادت الحياة الى طبيعتها في مدينة اسمرا بعد ساعات من الغارات الاثيوبية امس. وفي صنعاء أ ف ب، بثت "وكالة الانباء اليمنية" ان 300 لاجئ اريتري وصلوا اول من امس الى ميناء المخا المطل على البحر الاحمر على بعد 350 كلم جنوب غربي صنعاء، فارين من المعارك. وفي الخرطوم، حذرت الحكومة السودانية من ان وضع اللاجئين الاريتريين شرق السودان قد يتحول الى كارثة اذا لم تتسلم الخرطوم مساعدة دولية عاجلة. ونقلت صحيفة "الايام" امس عن نائب وزير الداخلية احمد محمد العاص، ان "عدد اللاجئين الذين وصلوا الى شرق السودان 37 الف شخص، ويتزايد هذا العدد ساعة بعد ساعة. ونحن لا نسيطر على الوضع واذا لم نحصل على مساعدة دولية فستحدث وفيات في صفوف العجزة والاطفال وسنشهد كارثة". واعتبر المسؤول السوداني ان عدد اللاجئين قد يصل الى 250 الفاً اذا ما تواصلت الحرب بين اثيوبيا واريتريا. واكد العاص انه تم نزع سلاح 500 جندي اريتري لجأوا الى شرق السودان ووضعوا في مخيم منفصل. وان مئة معارض سوداني يقيمون في اريتريا وصلوا ايضاً الى كسلا مع اللاجئين. وكانت الصحافة السودانية اشارت الى ان هؤلاء المعارضين اعتقلوا واستجوبوا من قبل اجهزة الامن.