شهد كبار صنّاع القرار الايراني انطلاقة فصل جديد من امساك التيار الاصلاحي الداعم للرئيس محمد خاتمي بزمام المفاصل الرئيسية في الحكم مع تسلم الاصلاحيين رسمياً مفاتيح البرلمان بدعم من المرشد آية الله علي خامنئي والرئيس الايراني، وبحضور لافت لقادة "الحرس الثوري" والجيش والشرطة. وركزت جلسة افتتاح البرلمان الجديد أمس على تحديد الأولويات، والبدء بتنفيذ الوعود، اذ احتلت القضايا المعيشية والاقتصادية والادارية الحيز الأكبر من الاهتمام، في موازاة عنوان سياسي عريض شدد عليه خامنئي الذي دعا الى إحباط "آمال أعداء يحاولون الايحاء بأن المجلس الجديد ليس في خدمة الاسلام والثورة وانما في طريق المنشقين والمعارضين". وحمل على دعوة "أعداء ايران" الى "فصل الدين عن السياسة"، وذلك في تحذير مبطن موجه الى النواب الجدد، في حين شدد خاتمي على أن الأزمات التي شهدها عهده كانت مفتعلة. راجع ص 2 يذكر أن خامنئي كان أعلن رفضه الاصلاحات وفق الرؤية الأميركية، وجاء تشديده على دعوة النواب الى الدفاع "من دون هوادة" عن الثورة والنظام الاسلامي وخط الخميني ليصب في هذا الاطار. وحدد المرشد أبرز الأولويات الملحة ومنها المشاكل الاقتصادية والبطالة، وتعزيز قيمة العملة الايرانية والاهتمام بالأمن القومي، فيما شدد خاتمي على تعاون الجميع من أجل معالجة "الاقتصاد المريض". وحرص خامنئي على دعم الرئيس وتأكيد ضرورة تعاون البرلمان مع الحكومة وبقية السلطات، لكنه ألقى الكرة في ملعب الاصلاحيين مؤكداً ان وجود أكثرية داعمة لخاتمي يثبت ان "الشعب قرر تزويد الحكومة أداة تسمح لها بتسوية المشاكل". وزاد: "يجب ألا يتوقع علاج المشاكل بين ليلة وضحاها". وحذر من انه إذا لم يتحقق شيء خلال فترة معينة "ستتزعزع ثقة الشعب". وفيما أكد المرشد ان البرلمان ركن مهم في النظام والثورة، شدد خاتمي على أنه يعوّل كثيراً على دور المجلس في تأمين الاستقرار، بعد ثلاث سنوات من "الأزمات المصطنعة". وركز أيضاً على القضايا الاقتصادية وحل قضايا الشباب وسد النقص في القوانين "لضمان المصلحة والأمن القوميين". ولفت الى أهمية تعزيز اللامركزية واعطاء مزيد من الصلاحيات للبلديات، مطالباً بمساعدة برلمانية عاجلة لحل المشاكل الادارية ومعضلة البيروقراطية. هذه الأولويات لم تكن بعيدة عن أذهان انصار خاتمي، وهو ما أكده ل"الحياة" ابرز المرشحين لرئاسة البرلمان الشيخ مهدي كروبي، اذ ركز على حل المشاكل الاقتصادية والمعيشية و"تعميم حكم القانون". وشدد كروبي وهو الأمين العام ل"رابطة العلماء المناضلين" على ان "حفظ أهداف الثورة والنظام وولاية الفقيه يأتي في قائمة الأولويات، الى جانب حفظ جمهورية النظام واسلاميته". أما النائب أحمد بورقاني فرأى ان تعديل قانون الصحافة ضمن أولويات المجلس الجديد. وساد ارتياح في أوساط السنّة اذ أوضح ل"الحياة" الشيخ مولوي مدني مستشار خاتمي لشؤون أهل السنّة ان عدد نوابهم ارتفع الى سبعة عشر بعدما كان أربعة عشر في البرلمان السابق. وأضاف ان هناك معلومات غير أكيدة تفيد بوجود توجه نحو تسلم أحدهم مقعداً في الهيئة الرئاسية للبرلمان. وتميزت جلسة افتتاح البرلمان أمس بحضور الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني بصفته رئيساً لمجلس تشخيص مصلحة النظام بعد اعلان انسحابه وتخليه عن مقعده البرلماني. وتبدو فرص فوز مهدي كروبي برئاسة البرلمان الأكبر، علماً ان حزب "جبهة المشاركة" الاصلاحي رشح أحد أعضائه، محسن ميردامادي بعدما انحصرت المنافسة داخل التيار الاصلاحي، إثر تنحي رفسنجاني، لكن إيران تبقى ساحة المفاجآت.