منذ عامين والمخرج السينمائي السوري أسامة محمد ينتظر فرصة إخراج فيلمه الروائي الثاني الطويل "صندوق الدنيا" بعد فيلمه الأول "نجوم النهار" الذي رأى النور في مهرجانات عالمية وعربية كثيرة ونال بريق الكثير من الجوائز الذهبية والتقديرات. ولاقى في موطنه سورية تقدير أهل الاختصاص والمثقفين والمعنيين، إلاأنه لم يحظ بعد بعتمة صالات العرض التجارية على رغم أنه لا يزال ينتظر هذه اللحظة منذ أكثر من عشر سنوات مضت على إنتاجه. وها هو "صندوق الدنيا" يشقّ طريقاً آخر ليس سهلاً على ما يبدو. فهو مشروع إنتاج مشترك سوري - فرنسي. لذلك ربما يأخذ التفكير مناحيَ مختلفة ويصبح الروتين روتينات طويلة تنهب رأس المبدع حتى يتوصّل ذوو القرار إلى الموافقات الحاسمة التي تُعلن بداية العمل وصرف الموازنات وتشغيل آلة صناعة الفيلم. قَدِمَ المنتجون الفرنسيون بأنفسهم الى المؤسسة العامة للسينما في دمشق، ووضعوا أنفسهم وكلّ أوراقهم الى جانب الطرف السوري الشريك الأول المُنتج، وهو المؤسسة العامة للسينما، بل تحت تصرفه. وحتى اللحظة، تم التعاون المشترك الفرنسي - المصري والفرنسي - الافريقي مالي، والفرنسي - الجزائري على إنتاج أفلام وجدت طريقها الى العرض، في وقت لا تزال الموازنة الفرنسية المرصودة لهذا الفيلم السوري ضمن إطار التعاون والتبادل الثقافي والفني المشترك، في حال انتظار. فلماذا لا نتعاون في شكل عملي وفاعل وقوي مع من يتعاون معنا؟ ولماذا لا نستفيد من لحظة الحاضر هذه التي هي بالتأكيد في مصلحتنا؟ اللجنة الفكرية في مؤسسة السينما والمؤلفة من مخرجين وكتاب سيناريو وشخصيات ذات خبرة فنيّة وأدبية، تبنّت "صندوق الدنيا" وتقليد اللجنة الفكرية هذه لدينا يضاهي أرقى الدول، كون أهل الاختصاص هم من يتّخذون القرار لا غيرهم. ثم إن الطرف الفرنسي الشريك عبّر عن إعجابه سابقاً بفيلم "نجوم النهار" وعن حماسة شديدة للمشاركة في إنتاج "صندوق الدنيا" بعد اطّلاعه على السيناريو الأدبي. والشريك الفرنسي الثاني، كون المؤسسة العامة للسينما هي الطرف الأوّل، لا يطلب تنازلات، وليست لديه شروط، هو يريد استثمار موازنته المرصودة سنوياً للإنتاج السينمائي في العالم، في أعمال نوعية راقية يوافق عليها ويختارها لكي تعزز من سمعته الإنتاجية ومن قيمة التعاون الذي يبنيه مع دول المنطقة. فلماذا لا نتعاون في شكل فاعل وقوي مع من يتعاون معنا بنظافة؟! ولماذا لا نستفيد من لحظة الحاضر هذه التي هي في مصلحتنا، منتقلين بذلك من الماضي لنكون أبناء الحاضر؟ ومتى يبدأ أسامة محمد بتصوير "صندوق الدنيا"؟!