قرار لجنة الاحزاب المصرية تعليق نشاط حزب العمل، ووقف صحيفة "الشعب" الى ان يبت القضاء في النزاع القائم او "المفتعل" بين تياراته، وحسم المعركة على رئاسته، قد يصبح قراراً في مصلحة الحزب اذا التزمت الحكومة الاجراءات القانونية ولم تلجأ الى اي تصرفات استثنائية عملاً بقانون الطوارئ. حزب العمل هو صنيعة الحكومة، اوجدته لضرب الاحزاب التقليدية ودعم موقفها في كامب ديفيد. وسرعان ما تمرد عليها واصبح جبهة معارضة بالفعل. ومنذ ذلك التاريخ صار اكثر الاحزاب المصرية مشاكسة وممارسة لمفهوم المعارضة حتى وان اختلفنا معه. لكن الولادة القيصرية لهذا الحزب والتقلبات الايديولوجية المتناقضة من الاشتراكية الحادة الى الاسلامية المتشددة والانشقاقات السياسية في لجانه ومؤتمراته، والمعارك الصحافية التي خاضتها جريدة "الشعب" وانتهت باحكام قضائية خاسرة، بسبب انتهاجها اسلوب الاثارة الصحافية، هي التي شكلت صورته امام الرأي العام المصري وجعلت منه حزباً يوصم بالاثارة ويفتقد الرصانة التي يتمتع بها حزب مثل الوفد. لكن هذا لم يقلل من شعبيته الكبيرة بين المصريين وبخاصة المتدينين منهم الذين يعتقدون بأن الحكومة تتربص بهذا الحزب لتعاطفه مع جماعة "الاخوان المسلمين" المحظورة. لا شك ان حزب العمل يلام على استثمار رواية "وليمة لاعشاب البحر" لممارسة الانتهازية السياسية ضد الاجهزة الرسمية وتصعيد الموقف الذي نتج عن ذلك. لكن معالجة الحكومة للقضية كانت عقاباً قاسياً للديموقراطية كلها. الأكيد ان حزب العمل سيستغل دعم الاحزاب الاخرى لموقفه في تأليب الرأي العام المحلي والخارجي على الحكومة، ويحول الوليمة من اعشاب البحر الى اعشاب الديموقراطية وحرية الصحافة، ويستثمر ما يجري لبناء صورته من جديد. والأكيد ايضاً ان الحكومة وحزب العمل ينطبق عليهما قول الشاعر: "أعلمه الرماية كل يوم/ فلما اشتد ساعده رماني".