وجهت السلطات المصرية ضربة الى جماعة "الاخوان المسلمين"، أبدت مصادر الجماعة مخاوف من ان تكون بداية لسلسلة من الاجراءات العقابية رداً على موقفها من أزمة رواية "وليمة لأعشاب البحر". واعتقلت اجهزة الامن عشرة من رموز الجماعة في اربع محافظات وأحالتهم على نيابة امن الدولة بتهمة "تشكيل تنظيم سري محظور يسعى الى قلب نظام الحكم". وابلغ المحامي عبدالمنعم عبدالمقصود "الحياة" أن قوات الأمن دهمت منازل العشرة فجر امس وصادرت كتباً واغراضاً شخصية قبل ان تحيلهم على النيابة. وكان "الاخوان" اصدروا بياناً عقب تفاعل أزمة الرواية، تضمن عبارات اعتبرتها اوساط الحكومة "تحريضاً على الخروج عن القانون". ورأت تلك الأوساط ان تظاهرات طلاب جامعة الازهر الاسبوع الماضي استجابة لتحريض "الاخوان". في غضون ذلك، صعّد حزب "العمل" الاسلامي المواجهة مع الدولة المصرية، وهدد رئيسه المهندس ابراهيم شكري 84 عاماً ب"الإضراب" عن الطعام حتى الموت، في ما اعطى قادة الحزب صراعهم الأخير ملمحاً دينياً بإعلانهم "الدفاع عن الاسلام"، واعتبارهم معارضيهم "خارجين على الاجماع ومعرضين لعقاب الأمة". وجاء التصعيد قبل يوم من اجتماع متوقع للجنة شؤون الأحزاب في مصر لحسم مصير الحزب، الذي تفجرت الخلافات داخله في صورة متسارعة، اذ عقد فريقان متنازعان على شرعية قيادته مساء أول من امس مؤتمرين، بعد اقتحام مقري الحزب في ضاحيتي حدائق القبة ومدينة نصر شرق القاهرة، وأعلن أولهما انتخاب حمدي أحمد زعيم الحركة التصحيحية رئيساً للحزب، فيما قرر الثاني اختيار السيد أحمد ادريس رئيساً للحزب. وعقد شكري وزملاؤه مؤتمراً صحافياً أمس، بدا فيه الحزب وجماعة "الإخوان المسلمين" وحدهما في مواجهة الدولة، من دون دعم أو مساندة بقية الفعاليات السياسية المؤثرة التي غاب رموزها عن الاجتماع على رغم دعوتهم، وعزا زعيم "العمل" ذلك إلى "حسابات ترتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة". واتهم شكري، في أول تصريحات له منذ تفجر الازمة، جهات لم يسمها، بمساندة "حركات الانشقاق" وتوفير احتياجاته ومساندته إعلامياً لتخريب الحزب، مشدداً على أن "كل هذه الأحداث لن تؤثر علينا، وسنمضي في طريقنا". وعلمت "الحياة" أن اتصالات أجريت في الأيام الأخيرة لإقناع شكري بالتزام الحياد في الأزمة الحالية لجهة ضمان استمراره في رئاسة الحزب، لكن ظهوره المفاجئ في المؤتمر الصحافي، بعد صمت وغياب عن مسرح الأحداث، وما أطلقه من تصريحات، كشف فشل هذه المحاولات. وحذّر الأمين العام للحزب السيد عادل حسين من "تورط قيادة الدولة بالمواجهات الدائرة"، مشدداً على أن "إصدار قرارات بحل الحزب أو تجميده، سيؤذي الاستقرار والأمن العام، والديموقراطية". وبدا أن تفاعلات أزمة رواية "وليمة لأعشاب البحر" ستتحول إلى مواجهة بين الأزهر ووزارة الثقافة، إذ أصدر مجمع البحوث الإسلامية بياناً أكد فيه أن الرواية "مليئة بالألفاظ والعبارات التي تحقر المقدسات الدينية". واعتبر أنها "خرجت عن الآداب العامة خروجاً فاضحاً، بالدعوة إلى الجنس غير المشروع، واستعمال الألفاظ بلا حياء، وحرضت صراحة على إهانة الحكام العرب، وطالبت بالخروج عليهم، والثورة ولو بإراقة الدماء". في المقابل، عقدت لجنة تابعة للمجلس الأعلى للثقافة الذي يرأسه وزير الثقافة فاروق حسني، اجتماعاً ناقشت فيه "التطورات التي آلت إليها الأحداث في قضية الرواية، وأدت إلى تقديم الأديبين إبراهيم أصلان وحمدي أبو جليل للمحاكمة". وناشدت الجهات المسؤولة "شطب القضية حرصاً على مكانة مصر الثقافية وتراثها العريض، بعدما تبين أن التحريض ضد الرواية أحيط به مناخ من الإثارة لأغراض سياسية".