شهد حزب العمل منذ تأسيسه العام 1979، تقلبات ومتغيرات سياسية وتنظيمية عدة، جعلته الأكثر بين الأحزاب المصرية 15 حزباً في الانشقاقات والخلافات. فقد رغب الرئيس السابق أنور السادات من وراء تأسيسه إلى تعميق فكرة الحزبين الكبيرين، أحدهما حاكم الوطني الديموقراطي والثاني معارض العمل الاشتراكي وذلك على خلفية انقطاع الصلة بينه وبين الأحزاب، إثر توقيعه معاهدتي كامب ديفيد والسلام مع إسرائيل. وربما يفسر ذلك توجيه السادات الى 30 من أعضاء الحزب الوطني توقيع وثيقة تأسيس حزب العمل الذي ترأسه المهندس ابراهيم شكري، منذ تأسيسه وحتى الآن، حتى تؤمن له الغالبية المطلوبة، ويجعل له أثراً قوياً داخل البرلمان. غير أن "العمل" ما لبث أن انقلب ضد تصورات السادات، حينما بادر شكري إلى الانضمام الى جبهة معارضي كامب ديفيد، وقاد خطاً مغايراً لما كان متصوراً له، وتعرض العديد من كوادره وقياداته الى الاعتقال في حملة أيلول سبتمبر الشهيرة العام 1981. وشهد الحزب تعميداً رسمياً لتعديل برنامجه، وتبني خطاً إسلامياً، في المؤتمر العام الذي عقده العام 1989، وقرر خلاله تغيير نهج الحزب، والابتعاد عن المفاهيم الاشتراكية، وتعميد التحالف السياسي رسمياً مع "الإخوان المسلمين". وتسبب هذا المتغير في تعرض الحزب الى انشقاق عنيف، قاده السيد أحمد مجاهد وأطلق عليه "الجناح الاشتراكي"، وعقد مؤتمراً عاماً ضم العديد من قادة الحزب معارضي التحالف مع "الإخوان"، وأعلن نفسه رئيساً للحزب، وقرر فصل الجناح "الإسلامي" ودعا لجنة شؤون الأحزاب الى اعتماده ممثلاً شرعياً ووحيداً للحزب. غير أن كل الأحزاب قرر استمرار الاعتداد بتمثيل ابراهيم شكري في رئاسة الحزب، ورفض طلبات مجاهد، وظل الحزب يعاني فترة طويلة من أثر ذلك الانشقاق، الذي أنهى تماماً علاقة "العمل" بالاتجاهات الاشتراكية، وزاد من توثيق علاقته بالاتجاهات الاسلامية. وانعكست هذه المعاناة على العلاقات الداخلية في الحزب، حيث ظل العديد من قادته معارضين للتحالف مع "الإخوان" غير أن رفضهم "الانشقاق" دفع بهم الى الاستمرار في انتظار دعم رئيس الحزب ابراهيم شكري لمواقفهم، إلا أن تأثيرهم على القرارات ظلت محدودة ومتراجعة. وشهد حزب "العمل" الصيف الماضي تجدد للانشقاقات في داخله، إثر عقد المؤتمر العام، الذي سيطر فيه جناح الأمين العام عادل حسين والمتحالف مع "الإخوان" على مقاعد اللجنة التنفيذية العليا، ونجح في إقصاء معارضيه، الذين اتهموا حسين وشكري بتزوير نتائج الانتخابات وطالبوا لجنة الأحزاب عدم الاعتداد بهذه النتائج. وأثمرت هذه التطورات إعلان الامين العام المساعد السيد ناجي الشهابي، تأسيس حزب "الجيل الديموقراطي" والذي ضم على قائمة مؤسسية 11 من أعضاء اللجنة العليا، ومن أمناء المحافظات. وجاء التطور الأخير في أعقاب أزمة رواية "وليمة لأعشاب البحر" وعقد مؤتمرين منفصلين يتنازعان مع إبراهيم شكري، لتضع حداً للمحطات العديدة التي خاضها الحزب على مدار 21 عاماً، بعد أن قررت لجنة الأحزاب تجميد الحزب.