بدت المشكلة السودانية مرشحة لتطورات مهمة، عكستها لغة إيجابية استخدمها زعيم "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض السيد محمد عثمان الميرغني في وصف رسالة تلقاها من الرئيس عمر البشير أخيراً تدعو الى حوار مباشر والاسراع في عقد مؤتمر المصالحة السودانية. تزامن ذلك مع مؤشرات الى أن الرسالة مجرد "عنوان" لاتصالات أفادت دوائر مطلعة أنها تقود الى تشكيل حكومة قومية من كل الاحزاب مع بقاء البشير رئيساً لدورة كاملة بصلاحياته الحالية. ووصل الى الخرطوم أمس القيادي في "تجمع الاصلاح" اليمني الشيخ عبدالمجيد الزنداني والداعية الاسلامي يوسف القرضاوي في مسعى جديد لمعالجة النزاع بين البشير والأمين العام للحزب الحاكم الدكتور حسن الترابي، والذي يهدد بشق صف الاسلاميين السودانيين. وعلم أيضاً أن القيادي الاسلامي الاردني كامل الشريف وصل الى الخرطوم في مهمة مشابهة. وتقول مصادر مطلعة ان المهمة الجديدة تركز على الفراق السلمي بين مجموعتي البشير والترابي أكثر من محاولة إعادتهما الى حزب موحد. وأصدر مكتب الميرغني في "التجمع" بياناً مقتضباً، كانت لافتة فيه اللغة الايجابية التي استخدمت إزاء البشير، على رغم ان الحكومة و"التجمع" يخوضان حرباً في شرق السودان. وأوضح البيان أن الميرغني "تلقى رسالة خطية من الفريق عمر البشير أكد فيها حرصه على كل ما يجمع الصف ويوحد الكلمة ويدفع الشرور عن البلاد، ودعا فيها الى لقاء يلم الشمل في مؤتمر يؤمه الجميع ويطرح كل القضايا ويفضي الى حل ناجع لها". وتابع البيان أن "الميرغني ثمّن هذه البادرة الطيبة، مُرحّباً بمضمون الرسالة ومؤكداً أنها ستجد الاهتمام والتقدير". وقال الميرغني انه سيعرض الرسالة على هيئة قيادة "التجمع" من اجل "اتخاذ القرار المناسب في شأنها". وقالت ل"الحياة" مصادر اطلعت على الرسالة ان البشير لم يقدم التزامات تفصيلية لكنه وجه دعوة الى الميرغني لمناقشة حلول لمشاكل البلاد ووعد ببذل الجهد لتسهيل عقد مؤتمر المصالحة. ولاحظت أن رسالة البشير جاءت في ظل مساعٍ تقوم بها دول من أجل تحقيق تسوية تشمل الميرغني وزعيم "الجيش الشعبي لتحرير السودان" العقيد جون قرنق. وتتزامن هذه الخطوة مع اتصالات منتظمة يجريها حزب "الامة" المعارض مع الحكومة، تقول مصادر مطلعة إنها قطعت شوطا كبيراً. ويتكتم الجانبان على تفاصيل حوارهما في الخرطوم، ولوحظ أن البشير أبطأ أخيراً المبادرة المصرية - الليبية ووجه دعوة الى المعارضين لإجراء محادثات مباشرة. ويعتقد أن القاهرة التي تستضيف اجتماعات قيادة المعارضة السودانية تلعب دوراً مهماً لجهة تحقيق حل سياسي سلمي للمشكلة السودانية.