لندن - "الحياة"، وكالات الانباء - أكدت مصادر فلسطينية مطلعة ل"الحياة" ان فكرة التفاوض عبر القناة السرية في ستوكهولم، والتي أدت الى استقالة ياسر عبدربه من رئاسة وفد التفاوض الفلسطيني حول الوضع النهائي، كانت فكرة المبعوث الاميركي دنيس روس عندما أحس بفشل جولة المفاوضات في ايلات، وقد خرج في حينه من الاجتماعات، والتقى مع الرئيس ياسر عرفات وأبلغه بفكرته، ونال منه موافقة مبدأية. اما الموافقة الرسمية والتفصيلية على المكان واعضاء الوفدين، فقد تمت بعد ان بادر ايهود باراك الى عرض الفكرة نفسها على عرفات في الاجتماع الأخير بينهما، والذي عقد في منزل محمود عباس أبو مازن. وقالت المصادر ان الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي يتعرضان لضغوط اميركية كثيفة من أجل احراز تقدم في المفاوضات، وحسب قاعدة "تقريب الموقفين"، وهو ضغط يعني حسب قول المصدر نفسه، ان يتراجع الطرف الفلسطيني، وان يتخلى عن التمسك بمطلب الانسحاب الاسرائيلي الى حدود العام 1967. وذكرت المصادر ان الوفد الفلسطيني الى محادثات ستوكهولم يتكون من أحمد قريع أبو علاء رئيس المجلس التشريعي، وحسن عصفور، ومحمد دحلان مسؤول الأمن الوقائي في قطاع غزة، ومحمد رشيد خالد سلام مستشار عرفات الاقتصادي. وقد رفض الجانب الاسرائيلي قبول الاكاديمي الفلسطيني أحمد الخالدي في عضوية الوفد ربما بسبب أصله المقدسي. وناقشت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية استقالة عبدربه في اجتماع لها ليل أول من امس في غزة، وساد المناقشات جو مؤيد لتحليل عبدربه السياسي الذي دفعه الى الاستقالة، وجوهره ان لا لزوم لقناة سرية اذا كان الموقف الفلسطيني سيبقى على حاله، ولكن اللجنة التنفيذية لم تصوت على قبول أو رفض الاستقالة، وأعلن الطيب عبدالرحيم الأمين العام للرئاسة بعد انتهاء اجتماع اللجنة التنفيذية ان الرئيس ياسر عرفات رفض استقالة ياسر عبدربه، واكد لاذاعة "صوت فلسطين" بأن عرفات "يضع كامل ثقته في عبدربه، وعليه تم رفض الاستقالة". ولكن عبدربه أكد امس اصراره على استقالته، وقال لوكالة "فرانس برس": "مازلت مصراً على موقفي لأنه لا ينطلق من اعتبارات شخصية، بل جاء لأسباب سياسية، ولكي تكون هناك قناة تفاوضية واحدة". من جهته، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عبدالرحيم ملوح، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ان "الجو العام الذي ساد اجتماع اللجنة التنفيذية كان مؤيداً بشكل عام للأسباب التي قدمها عبدربه لاستقالته". واضاف ملوح: "كان هناك تأييد من جميع الذين تحدثوا خلال الاجتماع للاسباب السياسية التي أوردها عبدربه في رسالة استقالته، كما دعموا الموقف الذي ينادي بوجود قناة تفاوضية واحدة باعتبار ان لا ضرورة لتعدد هذه القنوات". وتابع ملوح الذي تعارض جبهته اتفاقات أوسلو: "لقد نوقش الأمر ايضاً من زاوية انه لا يجوز إرباك شعبنا الذي أثبت بالأمس استعداده العالي للتضحية، من خلال خلق شعور بأن أموراً خفية تجري خلف ظهره، فهذا يقلق الشارع ويسبب له الإرباك". وأشار ملوح الى انه طرح باسم جبهته "الدعوة لعقد اجتماع للمجلس المركزي لمنظمة التحرير لبحث مسألتين: الأولى ما تم تنفيذه من القرارات التي اتخذت في جلسة المجلس الأخيرة في شباط فبراير الماضي، والثانية خطوات الواجب اتباعها في المرحلة المقبلة خصوصاً واننا مقبلون على استحقاقات مصيرية". وجاء أول رد فعل اسرائيلي على استقالة عبدربه من نظيره عوديد عيران الذي قال انه "يشعر بحزن وأسى" لاستقالته، وقال لوكالة "رويترز": "ارجو ان تكون هناك طريقة لمواصلة المفاوضات". وكان هناك رد فعل اميركي عبّر عنه ريتشارد باوتشر الناطق باسم الخارجية الاميركية الذي أشاد بعبدربه مؤكداً أن واشنطن "تكن له احتراماً كبيراً"، وانه يأمل بأن "يستمر في المشاركة في المفاوضات". وفي دمشق، أدلى الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين امس بتصريح دان فيه بشدة المفاوضات السرية الجارية في السويد بين وفد فلسطيني برئاسة أحمد قريع والجانب الاسرائيلي. وحذر الناطق من تكرار "جريمة اتفاق اوسلو الذي تم توقيعه في الظلام بعيداً عن أعين الشعب الفلسطيني والأمة العربية". وقال الناطق: "ان قضايا ما يسمى بالحل النهائي التي تشمل موضوعات القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والمياه لا يجوز لأحد أياً كان التفريط بها تحت أي ظرف أو اعتبار". واضاف: "ان الشعب الفلسطيني لن يسمح لأحد بالمساس بحقوقه الوطنية الثابتة"