إستقبلت حشود ضخمة من أنصار الإمام المهدي وأعضاء "حزب الأمة" السوداني المعارض قادة الحزب العائدين من الخارج في عرض للقوة الشعبية وإعلان لمعاودة الحزب نشاطه السياسي العلني بعد غياب إستمر عشر سنين. وشهدت الخرطوم أمس أيضاً عودة العمل إنطلاقا من "دار الأمة" المركز الرئيسي للحزب الذي أعيد بعد مصادرته إثر انقلاب الرئيس عمر البشير منتصف 1989 على حكومة رئيس الحزب المنتخب السيد الصادق المهدي. راجع ص 6 وأدت تطورات شهدتها الخرطوم الى عودة قادة حزب "الأمة" بعد نشاط عسكري وسياسي في إطار "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض من الخارج. والحزب الذي يعد أكبر الاحزاب السودانية ويحظى بتأييد واسع في البلاد، خرج أخيراً من "التجمع" في الخارج ولم يعد يعترف برئاسة السيد محمد عثمان الميرغني تحالف المعارضة. وبدأت هذه التطورات بلقاء منفرد بين المهدي والأمين العام لحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم في جنيف في أيار مايو الماضي، ثم عززها إجتماع ضم المهدي والرئيس عمر البشير في جيبوتي نهاية العام الماضي. وقرر الحزب الاستفادة من الحريات المتاحة في الخرطوم الآن لممارسة نشاطه السياسي، مشدداً على أنه يعتبر نفسه معارضاً ولا يرغب في المشاركة في أي حكومة قبل إجراء إنتخابات ديموقراطية. وقدرت الحشود التي تجمعت لاستقبال الأمين العام لحزب الأمة الدكتور عمر نورالدائم وحوالى 30 من قياديي الحزب في الخارج، بأكثر من نصف مليون شخص، في حين وصلت تقديرات مسؤولي الحزب إلى حوالى مليون. ونظم البرنامج الذي حظي بتسهيلات من السلطات على مرحلتين، الأولى لإستقبال قادة الحزب لدى وصولهم على متن طائرة خاصة نقلتهم من القاهرة وأسمرا، ثم إحتفال كبير في "دار الأمة" خاطبه نورالدائم وتليت خلاله كلمة أعدها المهدي. واصطف آلاف من الانصار على طول الطريق من المطار الى "دار الأمة" في مدينة امدرمان، وكان حضورهم مكثفاً بدءاً من الجسر الذي يربط مدينتي الخرطوم وامدرمان حتى دار الحزب. وتجمع الأنصار بزيهم المميز ورددوا "الله أكبر ولله الحمد"، مما حول الحدث الى تظاهرة سياسية رفعت خلالها لافتات تدعو الى الحل السلمي الشامل للمشكلة السودانية، وتطالب بالديموقراطية. ومثل الحكومة في الاستقبال مساعد الرئيس الدكتور ابراهيم احمد عمر وقياديون في حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم. وقال مسؤول الحزب في الخارج الامين العام للتجمع الوطني الديموقراطي السابق مبارك المهدي الذي وصل الى الخرطوم أمس: "عدنا باقتناع تام بحتمية ممارسة العمل من الداخل". وقال ل"الحياة" لدى وصوله الى المطار: "خطوتنا تمثل دفعاً للمبادرة المصرية - الليبية، ونأمل من الآخرين بأن يحذوا حذونا لاحتواء مشاكل السودان ومنها تهديد وحدة البلاد". وبث التلفزيون الحكومي لقطات من الاحتفال في نشرته الرئيسية. إلى ذلك، قال مسؤول أمني سوداني ل"الحياة" إن السلطات نفذت إعتقالات شملت شيوعيين. وكانت صحيفة "أخبار اليوم" المستقلة أفادت أمس أن سلطات الأمن أحبطت خطة لإحداث أعمال تخريب أثناء إحتفال حزب "الأمة"، في دار الحزب ومنزل زعيمه. وامتنع المسؤول عن الخوض في تفاصيل واكتفى بالقول إن "التحقيق يجري مع المعتقلين". وأضاف ان أجهزة الأمن "إستعدت لضمان الحماية المطلوبة لاحتفال حزب الامة والحيلولة دون حدوث ما تريده العناصر التي لا تريد خيراً للسودان".