علقت اتحادات نقابية في المغرب تنفيذ اضراب عام كان مقرراً غداً الثلثاء. وقالت مصادر رسمية في الرباط ان الحكومة والكونفيديرالية الديموقراطية للعمل والاتحاد العام للعمال واتحاد المقاولات توصلوا الى حلول وفاقية في شأن الملفات العالقة بعد اجتماعات رعاها رئيس الوزراء السيد عبدالرحمن اليوسفي، ليومين متوالين، جرى البحث خلالها في نقاط الخلاف وتخللتها مواجهات عنيفة كادت تنسف الحوار، مما ادى الى عقد جلسات مغلقة اصر النقابيون على تسجيلها في كاسيت فيديو لابراز قوتها الالزامية في حال ظهور خلافات جديدة. واعلن وزير العمل الناطق باسم الحكومة السيد خالد عليوة ان الاخيرة "بذلت جهداً اضافياً للتوصل الى حلول وفاقية"، موضحاً انها قدمت التزامات تتعلق برصد مبالغ مالية لاستجابة مطالب برفع الحد الادنى للاجور والترقية الاجرائية وفض النزاعات القائمة بين العمال وارباب العمل. واضاف ان المناقشة طاولت البحث في صيغة "تعاقد لضمان السلم الاجتماعي"، معلناً اجراءات سيتضمنها الخطاب الرسمي في عيد العمال مطلع الشهر المقبل. واكد الامين العام للاتحاد العام للعمال عبدالرزاق افيلال، في ختام الاجتماعات ان الاضراب العام "لم يعد له مبرر" في اشارة الى الحلول الوفاقية التي كانت تسعى اليها النقابات. وقال: "سنقنع القواعد بعدم تنفيذ الاضراب". وعلقت مصادر نقابية على ذلك بالقول ان القيادات النقابية المرتبطة بالتزامات سياسية مع احزاب الائتلاف الحكومي تريد ان تظهر انها تعرضت لضغوطات القواعد. ومن جهته، دعا الامين العام للكونفيديرالية الديموقراطية للعمل نوبير الاموي الى "الارتقاء بنتائج الحوار الاجتماعي كي لا يظل خاضعاً لمزاج الحكومة وارباب العمل"، فيما قال عبدالرحيم الحجوجي رئيس اتحاد المقاولات ان ارباب العمل كانوا "جد متفهمين لمطالب النقابات واقتراحات الحكومة"، لكنه شدد على ان الحكومة "اخذت على عاتقها التزامات تشمل التخفيف من التحملات الاجتماعية للقطاعات المتضررة، والتخفيف من كلفة الطاقة". واضاف ان الاتحادات النقابية "تعهدت العمل على رساء سلم اجتماعي"، مما يعني استبعاد فكرة التلويح باضرابات عامة في البلاد، الا في حال ظهور ازمات جديدة. وكان لافتاً ان نقابة الاتحاد المغربي للعمل انسحبت في الجولة الاولى للحوار واتهمت الحكومة ب"المناورة وربح الوقت"، مركزة على ان الاولوية يجب ان تعطى لدرس واعداد مدونة العمل في ظروف مغايرة بمشاركة المركزيات النقابية. يذكر ان الاتحاد المغربي للعمل اقدم المركزيات النقابية لم يشارك في الدعوات السابقة الى الاضراب العام. واتهم حكومة اليوسفي مراراً بأنها تبدي تعاطفاً مع الكونفيديرالية الديموقراطية للعمل والاتحاد العام للعمال كونهما قريبين من الحزبين الرئيسيين في الائتلاف الحكومي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال. ورأت مصادر سياسية ان خروج الحكومة من نفق المواجهة المباشرة مع المركزيات النقابية لايعني الاطمئنان الى مسار الملفات الاجتماعية، خصوصاً في ظل استمرار اضرابات قطاعية في مجالات عدة، وتزايد الحركات الاحتجاجية التي يقودها الطلاب حملة الشهادات الجامعية العاطلين عن العمل. وكانت محاكم في مدن مغربية عدة دانت اعداداً كبيرة من الطلاب بتهم الاعتصام والاحتجاج. ورجحت المصادر ان يكون لتعليق الاضراب العام علاقة بالتطورات الاجتماعية والسياسية، خصوصاً لجهة تزايد المخاوف من استخدام التيارات الاسلامية لحركة الاضراب العام. ارتباطاً مع ذلك، اعلن اليوسفي تشكيل لجنة عمل لمعاودة درس خطة ادماج المرأة في التنمية التي كانت سبباً في تنظيم مسيرتين حاشدتين الشهر الماضي في الدارالبيضاء والرباط. وذكر بيان رسمي ان الاجراء يرمي الى "فتح حوار هادئ وهادف حول الخطة يشارك فيها علماء ورجال دين وخبراء وفاعلون من المجتمع المدني". واعرب اليوسفي عن الامل في ان يفضي عمل اللجنة الى"وفاق وطني" يستند الى القيم الدينية والحضارية ومتطلبات تحديث المجتمع.