أثارت الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الدفاع العراقي سلطان هاشم أحمد لموسكو تساؤلات، وقال ل"الحياة" مصدر وثيق الصلة بمركز صنع القرار ان روسيا "لن تصدر أسلحة للعراق لكن بإمكانها ان تقدم نصائح عسكرية" لبغداد. وكان بيان رسمي روسي مقتضب أفاد الأحد أن الوزير أنهى زيارة لموسكو استمرت يومين رافقه خلالها فريق من كبار ضباط الجيش العراقي، وأجرى محادثات مع وزير الدفاع الروسي المارشال ايغور سيرغييف، تناولت "الوضع الدولي خصوصاً في الخليج". وقال ديبلوماسي روسي ل"الحياة" إن الوزير جاء إلى موسكو في طريقه من بلغراد إلى عمّان، وان مثل هذا التوقف "لا يعد زيارة بل مجرد ترانزيت". لكن مراقبين أشاروا إلى ان "الترانزيت" لا يستغرق يومين عادة، ولا يلزم الوزير الروسي بمقابلة نظيره العراقي. وأفاد مصدر مطلع ان المحادثات كانت "مطولة"، لكنه شدد على أن بيع العراق أسلحة في هذه المرحلة "ليس وارداً". واستدرك ان "ليس هناك ما يمنع مناقشة الآفاق"، مذكراً بأن بغداد كانت من أكبر مستوردي المعدات العسكرية "السوفياتية"، وعمل لديها عشرات الآلاف من المستشارين "السوفيات". ونبه المصدر إلى أن زيارة سلطان هاشم أحمد ليوغوسلافيا احيطت بالكتمان مثل "توقفه" في موسكو، ولم يستبعد ان يكون العراق بحاجة إلى "نصائح عسكرية وسياسية" لمواجهة التطورات المحتملة في حال تمسكت بغداد برفضها الموافقة على عمل لجنة التفتيش الجديدة "انموفيك"، التي يرأسها هانس بليكس. وتابع ان العراقيين "يهمهم ان يعرفوا" رد فعل روسيا على تكثيف الغارات الجوية الأميركية والبريطانية على بلادهم، وشمولها مواقع خارج منطقتي الحظر الجوي في شمال العراق وجنوبه. وباستقبالها الوزير العراقي، أرادت موسكو توجيه "رسائل" إلى الجهات المعنية، بينها الاحتجاج على احتجاز الاسطول الأميركي في الخليج الناقلة الروسية "الاكاديمي بوستوفويت" التي اتهمت بنقل نفط عراقي مهرب. ويذكر في السياق ذاته، الاستياء الروسي من زيارة وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت أوكرانيا فجأة، قبل وصول الرئيس فلاديمير بوتين إليها ببضعة أيام، واعتبر مراقبون الزيارة محاولة لمنع كييف من التقارب مع موسكو. وأجمع خبراء في شؤون الشرق الأوسط على أن موقف الكرملين من الملف العراقي سيكون مرهوناً بتطور علاقات روسيا مع الولاياتالمتحدة، لكنهم شددوا على أن موسكو ستظل تطالب بتسوية تستند إلى القرار 1284 الذي امتنعت عن التصويت عليه، شرط أن يقترن تنفيذه ب"وعود سياسية واضحة" برفع الحظر الدولي عن العراق.