علمت "الحياة" من مصدر مطلع في العاصمة الفرنسية أن ديفيد ويلش مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون المنظمات الدولية وصل إلى باريس أمس آتياً من ستوكهولم، وأجرى محادثات في الخارجية الفرنسية مع مدير قسم الأممالمتحدة في الوزارة السفير فيليكس باغانون، ركزت على ملف العراق. وأجرى ويلش في ستوكهولم محادثات مع الرئيس الجديد للجنة المكلفة مهمة مراقبة التسلح العراقي هانز بليكس. وكان سبقه إلى العاصمة السويدية بداية الأسبوع باغانون الذي ناقش مع بليكس المفاوضات التي ستشهدها الأممالمتحدة في الأسابيع المقبلة. وسيصل بليكس إلى نيويورك بداية آذار مارس المقبل، ويقدم تقريره في شأن اللجنة انموفيك في 15 نيسان ابريل. ورجح المصدر ان تشكل اللجنة الجديدة "على الورق" بداية أيار مايو على أن تصبح فاعلة منتصف حزيران يونيو. ونقل عن بليكس أنه مدرك ضرورة عدم مجاملة العراق وفي الوقت ذاته عدم إقدام اللجنة على أي استفزاز للجانب العراقي، وأن يستند عملها إلى الحزم والحوار. ووصف المصدر بليكس بأنه "مستقل ليست لديه رغبة في الظهور". وقال إن لدى فرنسا أفكاراً بالنسبة إلى تركيبة اللجنة، تقضي بأن ترتكز "انموفيك" على التعدد، بحيث لا يكون معظم موظفيها من ثلاث أو أربع دول، مثلما كانت الحال في لجنة "اونسكوم"، وان يكون هناك إطار يتيح لبليكس ان يستشير معاونيه وألا يقرر وحده مثلما كان الأمر مع رئيس "اونسكوم" ريتشارد بتلر أو سلفه رالف اكيوس. وتقضي الأفكار الفرنسية بأن تتشكل اللجنة من موظفين في الأممالمتحدة وليس من موظفين وضعوا في تصرفها من قبل حكوماتهم، حرصاً على مبدأ الشمولية. ويتوقع ان تكون محادثات ويلش في باريس شملت بنية اللجنة الجديدة، والوضع الإنساني المأسوي في العراق الذي يشهد تدهوراً بسبب المماطلة الأميركية في بت العقود العراقية التي تندرج ضمن برنامج "النفط للغذاء". وذكر المصدر أن فرنسا تواصل مشاورات في مجلس الأمن من أجل توضيح بعض نقاط القرار 1284، وإقناع العراق باستثناء الحوار والعلاقة مع الأممالمتحدة بحيث يقتنع بأن لا بديل عن القبول بالقرار، وإلا فإن العقوبات لن ترفع عنه. ولاحظت مصادر مطلعة ان العراق لم يرفض القرار 1284 في شكل قاطع، بل اعتبر أنه ليس معنياً به، ورأت المصادر الفرنسية أن نتائج المفاوضات التي ستجرى في مجلس الأمن لتوضيح القرار 1284 قد تساعد في معاودة العلاقة بين العراقوالأممالمتحدة، لأن دولاً مثل فرنسا بإمكانها أن تشرح للعراقيين ان القرار هو الحل الوحيد للتوصل إلى رفع العقوبات، لأن العودة إلى القرار 687 هي بمثابة إبقاء الوضع الحالي إلى الأبد. وتؤكد فرنسا للجانبين الأميركي والبريطاني ان ليس هناك بديل عن القرار 1284 وان إبقاء حال اللاحرب واللاسلام إلى الأبد لا يؤدي إلى أي شيء، فيما الوضع الإنساني في العراق أشبه بكارثة. فقرار "النفط للغذاء" بات يؤدي إلى ما يشبه العبث، والجميع يعرف أن العراق يصدّر كميات كبيرة من النفط تهرّب عبر المياه الإيرانية، وان الخطورة هي في بقائه من دون مراقبة على التسلح. وكان وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين أثار هذا الموضوع مع المسؤولين السعوديين خلال زيارته الرياض الأسبوع الماضي، ووصف الوضع الحالي في العراق بأنه يتسم بالجمود "الكريه". وقالت مصادر فرنسية مطلعة على ديبلوماسية فيدرين ان ليست لديه نية للتفاوض مع بغداد، وكان هذا سبب رفض الرئيس جاك شيراك وفيدرين الموافقة على زيارة نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز لفرنسا بعدما زار الأخير روسيا قبل التصويت على القرار 1284. لكن فيدرين قرر ارسال مدير الشرق الأوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية ايف اوبان دولاموسوزيير إلى بغداد في موعد لم يحدد بعد، للاستماع إلى ما لديها من أفكار بالنسبة إلى العلاقة مع الأممالمتحدة. وعلمت "الحياة" من مصدر عربي مطلع ان رئيس قسم المصالح الفرنسية في العراق السفير اندريه جانيي نقل رسالة فرنسية إلى طارق عزيز، أثارت استياء الجانب العراقي الذي وجد مضمونها بمثابة نسخة عمّا في القرار 1284. وتوقع المصدر أن يزور وكيل الخارجية العراقية رياض القيسي باريس، ربما بعد زيارة دولاموسوزيير لبغداد.