اجرى الوسيط الدولي في نزاع الصحراء الغربية جيمس بيكر مساء امس محادثات مع الملك محمد السادس فور وصوله الى الرباط من تندوف التي زارها بعد ظهر امس في ختام زيارة للجزائر استمع خلالها الى موقف الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي نقله السيد بشير بو معزة رئيس مجلس الأمة. وكان من المفترض ان يستقبل بوتفليقة موفد الأمين العام للامم المتحدة، لكن اضطراره الى الانتقال الى تونس للمشاركة في تشييع الرئيس السابق الحبيب بورقيبة حال دون عقد اللقاء. وأفادت مصادر جزائرية ان بو معزة شدد خلال اللقاء الذي حضره وزير العدل وموفد الرئيس الجزائري الى النزاعات الافريقية السيد أحمد اويحيى، على تمسك بلاده ب"المخطط الأممي للتسوية في الصحراء واتفاقات هيوستن" التي تقضي بإجراء استفتاء لتقرير المصير. ونقل مصدر جزائري رسمي عن بو معزة الذي التقى بيكر قبل انتقاله الى تندوف جنوب شرقي الجزائر حيث تقع مخيمات للصحراويين من مؤيدي "بوليساريو"، انه أكد "التزام الجزائر بالشرعية الدولية ومبدأ حق الشعوب في تقرير المصير"، وأضاف: "اننا تبنينا هذا الموقف دوماً سواء فيما يتعلق بتسوية النزاع القائم بالصحراء الغربية أو النزاعات القائمة في بقية بلدان العالم" معرباً عن أمله في "التوصل الى حل سريع وعادل للنزاع من أجل ابناء الصرح المغاربي". وفي سياق هذه التطورات وصفت مصادر رسمية جزائرية أمس، زيارة بيكر ب"المهمة الحساسة في منطقة شمال غربي افريقيا". وتساءلت المصادر عن امكان نجاحه في "جعل المغاربة يحتكمون الى العقل خصوصاً ان لوائح الاممالمتحدة تشير اليهم بوضوح على أنهم معتدين في قضية تصفية استعمار من أرض افريقية كانت تحت حكم الاسبان ثم اجتاحتها قوات المغرب ومعمروه وادارته في 1975". ورأت المصادر القريبة من الرئاسة في المغرب "الذي يفتقد الى حجج جادة يحتج شكلاً ومضموناً على نتائج عمليات تحديد هوية الهيئة الانتخابية الصحراوية بتقدم طعن تلقائي في الملفات التي تم رفضها تحت رقابة البعثة الاممية لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية مينورسو من دون تقديم أي عنصر جديد وملموس لذلك وبعبارة أخرى من دون تقديم الأدلة التي تقتضيها مثل هذه الحالات من قرارات الرفض". واتهمت المغرب أنه "يتشبث بمنطق الهروب الى أمام بناء على احكام مسبقة غير مبررة" لكنها أضافت "معطيات المشكلة وتطوراتها الأخيرة تبدو واضحة ويمكن تجاوزها من وجهة نظر منطقية من خلال مخطط سلام منظمتي الاممالمتحدة والوحدة الافريقية واتفاقات هيوستن". واعتبرت ان الجولة التي يقوم بها حالياً بيكر "سبقتها اشارات واضحة في هذا الاتجاه بينها تأكيد الرئيس بيل كلينتون تمسكه باحترام اتفاقات هيوستن". الى ذلك أوضح "السفير الصحراوي" في الجزائر السيد صادق بشير ماء العينين انه "يمكن تنظيم الاستفتاء في سنة 2000 اذا مارس كل من كوفي انان الأمين العام لمنظمة الاممالمتحدة وممثله الشخصي في الصحراء الغربية السيد جيمس بيكر ضغوطاً اكبر على الطرف المغربي". وقال في حديث نشرته يومية "لو كوديديان دوران" ان "كل المساعي المغربية تهدف في الحقيقة الى تأزيم عملية الاستفتاء ومن ثم الاختيار الحر للشعب الصحراوي في تقرير مصيره"، موضحاً انه على المجموعة الدولية "ان تفرض على المغرب احترام التزاماته". ولاحظ انه تم منذ 1991 تحقيق هدفين هما "الإبقاء على وقف اطلاق النار واحترامه والانتهاء تقريباً من عملية تحديد هوية الناخبين" غير انه اضاف ان هناك "العديد من المراحل الاساسية التي يجب تحقيقها مثل انسحاب القوات المغربية وحشد القوات المغربية والقوات الصحراوية وعودة اللاجئين وتبادل أسرى الحرب واطلاق سراح المعتقلين السياسيين الصحراويين في المغرب والحملة الانتخابية ومخطط مدونة السلوك التي اتفق عليها الطرفان بمقتضى اتفاقات هيوستن". ومن تندوف انتقل بيكر الى الرباط مساء حيث قابل العاهل المغربي الذي يلتقيه للمرة الأولى منذ تولي العرش الصيف الماضي، وكان بيكر اجرى مع رئيسي الوزراء السيد عبدالرحمن اليوسفي محادثات في أول لقاء بين الطرفين منذ ان بدأ الأخير يتعاطى ملف الصحراء. وتكتمت أوساط المغرب والاممالمتحدة على القضايا التي تناولتها هذه الاجتماعات وان كان الموفد الدولي شدد، في بدء جولته على ان منطقة الشمال مغربية، وانه يرمي الى البحث في وضع خطة التسوية التي ترعاها الاممالمتحدة والامكانات المتاحة امام تنفيذ اتفاقات هيوستن الموقعة في 1997. لكن مراقبين لتطورات الملف رأوا ان جولة بيكر الاستكشافية ستنتج عنها معطيات جديدة بعدما رفع تقريره الى الأمين العام للامم المتحدة كوفي انان. معتبرة انه سيكون للجولة تأثير واضح على مسار خطة التسوية، إن لجهة تفعيل آليات الخطة الدولية أو تعديل بعض جوانبها أو طرح تصورات جديدة على الأطراف المعنية. وقال ديبلوماسيون غربيون ان اختيار بيكر بدء جولته من الجزائر هدف الى استكشاف موقفها من القضية، خصوصاً في ظل انباء عن امكان احتواء الأزمة عبر تفاهم مغربي - جزائري. الى ذلك توقع مراقبون ان يعمد بيكر، في ختام جولته الى المنطقة، الى معاودة صيغة الاتصالات المباشرة بين المغرب و"بوليساريو" على غرار الجولات التي استضافتها لندن وبرشلونة وتوجت بإبرام اتفاقات هيوستن، كونه يعتمد ديبلوماسية الاتصالات المباشرة لتجاوز التأويلات المتباينة.