ما أن أعلنت دبي مشروع انشاء مدينة معلومات وأنترنت حرة حتى تقاطر عدد من الشركات العالمية المهمة الى الإمارة بحثاً عن موطىء قدم لها فيها. فعلت ذلك شركة "أوراكل" وقررت نقل مركزها الرئيسي اليها، وزارها وفد من شركة "جياك" العالمية لتطوير أنظمة الكومبيوتر وبرامجه. وأخذت هذه المنطقة بعدها القانوني والتشريعي رسمياً في شباط فبراير الجاري بإصدار الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي قانون منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية والإعلام للسنة 2000. والواضح من خلال التسمية الرسمية للمدينة أن اهتماماتها تتركز أساساً على الأنترنت والتجارة الألكترونية والإعلام. وفي مجال الإعلام بالذات برزت أفكار كثيرة لإنشاء محطات وقنوات تلفزيونية فضائية عدة في المنطقة الحرة في جبل علي. ولكن يعتقد أنها سيعاد النظر فيها بعد اعلان انشاء منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والتجارة الألكترونية والإعلام. وبالتالي سيكون من السابق لأوانه الحديث عن مشاريع فعلية لإنشاء قنوات فضائية أو مؤسسات اعلامية أخرى. وان كانت التوقعات كبيرة في هذا الشأن نظراً الى توافر البيئة القانونية والتشريعية ومن ثم الأساسية لمثل هذه المشاريع. وتجربة دبيوالإمارات المتقدمة في مجال الإعلام عموماً والفضائيات خصوصاً. وواضح أن فكرة انشاء هذه المنطقة في دبي وتركيزها أساساً على التكنولوجيا منطلق من النجاح الذي حققته الإمارة، في السنوات الماضية، من اقامة معرض ومؤتمر للكومبيوتر "جيتكس" الذي بات الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط وجعل من دبي قاعدة اقليمية لتسويق أجهزة الكومبيوتر وبرامجها وتوزيعها. ومن هذا المنطلق كان معرض "جيتكس" في تشرين الأول أوكتوبر الماضي في دبي المكان المناسب لإعلان انشاء مدينة دبي للأنترنت وتطوير المشروع الى انشاء منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية والإعلام. فقد أعلن ولي عهد دبي الشيخ محمد بن راشد المكتوم في 29 تشرين الأول الماضي انشاء "مدينة دبي للأنترنت"، أول منطقة حرة للتجارة الإلكترونية في العالم بكلفة تقدر ب200 مليون دولار للمرحلة الأولى. وتتضمن مدينة الأنترنت مقراً للشركات العالمية الكبرى، ومركزاً للتجارة الإلكترونية وتطوير برامج الكومبيوتر ومدينة للعلوم والتكنولوجيا، ومركزاً للدراسات والأبحاث، ومعارض دائمة للأنترنت والتجارة الألكترونية اضافة الى أول جامعة في العالم للأنترنت والتجارة الألكترونية. وأكد الشيخ محمد بن راشد أن هذا المشروع سينجز خلال عام واحد ليرى النور مطلع العام المقبل. وبدأ الفريق المتخصص عمله اعتباراً من اليوم الأول لإعلان انشاء هذه المدينة. وقال الشيخ محمد بن راشد ولي عهد دبي ان مدينة الأنترنت ستكون لها هيكليتها الخاصة وقوانينها وتشريعاتها. وأصدر الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم في الخامس من شباط فبراير قانوناً يتضمن 30 مادة حدد فيه مهام منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا الألكترونية والإعلام، ووظائفها ومسؤولياتها. واعتبرها هيئة استثمارية ذات استقلال مالي واداري وتلحق بحكومة دبي. وتهدف سلطة المنطقة الحرة الى حماية البيانات وحقوق الملكية الفكرية ومكافحة الجرائم المتصلة بالتجارة الالكترونية وانشاء مؤسسات في المنطقة الحرة وامتلاكها وتطويرها سواء في شكل منفرد أو بالاشتراك مع الآخرين، اضافة الى التنسيق مع المناطق الحرة الأخرى في ما يتعلق بالأمور ذات الاهتمام المشترك. وتتولى سلطة المنطقة الحرة مهمة ابرام عقود تأجير الأراضي، والتي تصل الى 50 عاماً، لتمكين المؤسسات من مزاولة نشاطها وفقاً للشروط المتفق عليها، اضافة الى تقديم الخدمات بكل أنواعها وفرض الرسوم واستيفائها، في مقابل ما تقدمه من خدمات الى جانب تأسيس صندوق استثمار لتزويد مؤسسات المنطقة الحرة الأموال، ولاستثمار أموال السلطة بالشكل والطريقة والنشاطات والمشاريع التي يراها الرئيس. وأصدر الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم مرسوماً في الخامس من شباط بتعيين الفريق أول الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيساً لسلطة منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية والإعلام، وآخر بتعيين محمد عبدالله القرقاوي مديراً عاماً لسلطة المنطقة. وأضاف ان مدينة دبي الحرة للتكنولوجيا والتجارة الألكترونية والإعلام تتميز بخصائص مهمة ستجعلها نموذجاً يجذب رؤوس الأموال العالمية، وتؤمن ملكية خاصة بنسبة 100 في المئة، واعفاءاً تاماً من الضرائب والرسوم الحكومية وتأجير الأرض لمدة 50 عاماً قابلة للتجديد، وموقعاً بكلفة اقتصادية فعالة، وتسهيلات لكل قطاعات التمويل والتدريب والتعليم والأبحاث، وتأمين بنية أساسية تكنولوجية متطورة. وبدأت الشركات العالمية بإجراء اتصالات مباشرة مع سلطة المنطقة وأعلن بعضها افتتاح فروع في دبي أو نقل مركز أعمالها اليها. فزار وفد من شركة "جياك" العالمية لتطوير أنظمة الكومبيوتر وبرامجه دبي. وأبدى اهتماماً كبيراً بالمشاركة في تنفيذ الكثير من الاستثمارات في مدينة الأنترنت. وأكد دوغلاس بروجرون رئيس الوفد رغبة الشركة في الاستثمار والعمل في مدينة دبي للأنترنت في ظل بنية أساسية تكنولوجية متطورة. وقررت "مجموعة مستخدمي أوراكل العالمية" نقل مقرها الرئيسي في فيينا الى مدينة دبي للأنترنت. وقال رئيسها اريك واسنر، ان هذا التحول سيكون نحو بيئة الأعمال في الشرق الأوسط في اتجاه الأعمال الألكترونية، والاستفادة من المزايا التي توفرها المدينة. ويؤكد محمد القرقاوي مدير المدينة أنها ستكون محوراً للتجارة الألكترونية في المنطقة الممتدة من شبه القارة الهندية الى المغرب العربي مروراً بدول الكومونولث ووصولاً الى جنوب أفريقيا حيث تضم بليوني نسمة ويبلغ حجم التجارة فيها نحو تريليون دولار، وحجم التجارة الألكترونية 38 بليون دولار وسيصل خلال 3 سنوات الى 1000 بليون دولار.