قال وزير المال اللبناني الدكتور جورج قرم، في لقاء دعا إليه "فوركس كلوب" في لبنان الذي يرأسه فادي مبارك، "ان خفض الفوائد يشكل المتغير الاستراتيجي للخروج من أزمة المديونية"، لافتاً الى "امكان تحمّل الاستمرار في دين مرتفع ولكن ليس في الامكان تحمل خدمة دين بهذه المستويات". واعتبر "ان الفوائد لا تمسّ القطاع العام او المالية العامة فقط بل ايضاً القطاع الخاص وكلفة الاستثمارات الجديدة في القطاع الخاص". وأوضح "ان حجم الدين كبير، وسيتابع نموّه حتى سنة 2001 و2002، ووضعنا مدة خمس سنوات لكي يتراجع حجم الدين الى 96 أو 95 في المئة من الناتج الوطني المحلي، وهناك مطالبة بأن توفّر الدولة اكثر، وأقول عندما تخفض الدولة نسبة واحد في المئة في معدل الفائدة يمكن توفير 250 بليون ليرة لبنانية ما يؤدي الى خفض العجز"، مشيراً الى "ان خدمة الدين تأخذ نحو 80 في المئة من الايرادات الضريبية". وعزا قرم أسباب ارتفاع الفوائد الى ثلاثة، الأول سياسي وأمني، وقال: "بغض النظر عن مسار السلام نحتاج الى مستويات فوائد مخفوضة، ولا يمكن الربط بين مستوى الفوائد ومسار السلام الذي قد يستغرق سنوات او قد يحصل غداً". وأضاف: "والسبب الثاني نفسي ناتج عن الظروف التي سادت السوق المالية اللبنانية بين عامي 1984 و1994، وأسمّي هذا الوضع إدمان المودع اللبناني على هامش المخاطر، فهو يرفض حمل الليرة اذا لم يكن هناك هامش مهم بين الفوائد على الليرة والدولار والعملات الاخرى. والسبب الثالث تقني يتمثل بالمنافسة بين المصارف لجذب الودائع وانعدام السوق الثانوية، وهنا يجب العمل على ايجاد هذه السوق والسوق النقدية والعودة الى "الانتربنك ماركت"، والخطر البنيوي العائد الى ثنائية النظام النقدي وهو السبب الرئيسي لارتفاع معدلات الفائدة وأخيراً عدم مطابقة آجال الموارد عن المصارف بآجال الالتزامات وعدم وجود قواعد ومعايير لعملية عدم المطابقة". وأوضح قرم "لا تضغط وزارة المال الآن لخفض الفوائد بسبب ارتفاع سعر الدولار في الخارج، ولكن يجب التفكير في الخروج من حال الإدمان على هوامش المخاطرة، ولا بد من النظر الى كل الآجال بالليرة"، معتبراً "ان الخروج من نظام الدولرة يستدعي البدء باستعمال الليرة في التسليف. وطالما الفوائد على الليرة مرتفعة اكثر من الفوائد على الدولار لا يمكن ان تتوسع المصارف في التسليف بالليرة". وقال انه يحبّذ استعمال الفوائد العائمة على الليرة الذي يخفف من المخاطرة. وأشار قرم الى "محاولة للتخفيف من سندات الخزينة لأجل السنتين مع العلم ان هذه الفئة تحتاج اليها المصارف لتثبيت الودائع، والبحث في تكثيف الاكتتابات على اجل الثلاثة اشهر والستة، فضلاً عن محاولة ثانية لإصدار سندات خزينة لأجل 3 و5 سنوات ولكن لم تلق هذه الفكرة ترحيباً من المصارف". ورفض قرم "اعتماد معالجة "الصدمة" للخروج من كلفة الاستقرار النقدي والدولرة المكلفة"، معتبراً "ان هذا النوع من المعالجة يستلزم خفضاً حاداً لليرة وزيادات ضريبية فاحشة وخفضاً للتعرفة الجمركية". وأشار الى انه اوقف الحوار في هذا الموضوع مع المنظمات الدولية لأنه، "يجلب المآسي على لبنان وخصوصاً على القطاع المصرفي". واستبعد ايضاً اعتماد اسلوب آخر للمعالجة بإعادة جدولة الدين في شكل قسري، معدّداً الأسباب وهي "ان لبنان ليس من الدول الاكثر فقراً، فضلاً عن ان الدين الداخلي يشكل نسبة 75 في المئة من الدين الاجمالي وبالتالي فإن إعادة جدولة الدين الخارجي المكوّن من سندات يوروبوند دولية ستؤدي الى فقدان صدقية الدولة الائتمانية وبالتالي انهيارها. اما اعادة جدولة الدين الداخلي قسرياً فستؤدي الى بلبلة لدى المصارف والمودعين".