أكد رئيس جمعية مصارف لبنان فرانسوا باسيل، أن «لا استهداف للبنان وقطاعه المصرفي»، لأنّ «أجوبة المسؤولين الأميركيين الذين التقاهم الوفد المصرفي اللبناني على هامش مشاركته في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي في نيويورك، ثمّنت أساليب عمل مصارفنا المطابقة للأصول». لكن لفت إلى استمرار «تسلّط العيون على طريقة عمل المصارف في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب». وأوضح باسيل في حديث إلى «الحياة»، أن الوفد المصرفي «اجتمع مع رؤساء اللجان المالية والخارجية في البرلمان ومجلس الشيوخ ومسؤولين في وزارة الخزانة، مؤكداً خلال اللقاءات سلامة القطاع ومتانته وهو يشكل عصب الاقتصاد اللبناني، والحرص على التزام تطبيق العقوبات الدولية». وأشار إلى أن الوفد أبلغهم «بدء القطاع التحضير لتطبيق قانون «فاتكا» بوضع آلية لتنفيذه بالتزامن مع تنظيم محاضرات لتدريب الموظفين على أصول تطبيقه». وأعلن أيضاً أن المصارف «حريصة على سلامة نشاطها والحفاظ على مراسليها من المصارف الأميركية، نظراً لحاجتنا إليها في إنجاز عملياتنا كون الاقتصاد اللبناني مدولر بنسبة كبيرة». ولم ينكر باسيل انعكاس الأزمة السياسية، «سلباً على الاقتصاد، وهو أمر واقع في ظل غياب الاستثمارات الجديدة وعدم تنفيذ مشاريع جديدة». لكن لاحظ «استمرار تنفيذ الاستثمارات التي بوشر بها وتتمثل في توسع مشاريع إنتاجية صناعية وسياحية، عبر برنامج مصرف لبنان المركزي لتحريك عجلة الاقتصاد، والذي ضخ بموجبه من خلال المصارف التجارية ما يوازي 1.4 بليون دولار في السوق»، كاشفاً عن «استعمال معظم المبلغ المخصص بعقد التزامات فعلية». وذكّر بأن البرنامج «حدد 800 مليون دولار للقروض السكنية والبقية للقطاعات الإنتاجية والطاقة المتجددة والبيئة». وكشف أن «إقبال اللبنانيين على الاقتراض لشراء مسكن أو تأسيس مشروع أو توسيع مؤسسة قائمة كان لافتاً، نظراً إلى مدة الاستحقاق (بين سبع سنوات و11 سنة) وتدني كلفة الفائدة المدعومة التي لا تتجاوز 3 في المئة، ولإرادة اللبناني بعدم التأثر قدر الإمكان بما يجري على الساحة السياسية». وعن المالية العامة، اعتبر باسيل أنها إلى «تراجع، لكنه ليس خطيراً»، نافياً أن «تكون (الدولة) على مشارف الإفلاس، والمالية مقبلة على أزمة بفعل ازدياد النفقات وتراجع النمو وتردي خدمات القطاع العام على مستويي البنية التحتية والإدارة، نتيجة عدم تنفيذ أي إصلاح بموجب مقررات «باريس 2 و 3». وقال: «لا مانع» لدى المصارف من «مواصلة مساهمتها في استبدال الدين عند الاستحقاق، لكن لا يجوز استمرار اعتماد الدولة على إصدار سندات خزينة، وفي شكل شبه كامل على المصارف لشرائها. كما لا يمكن الاستمرار في ارتفاع النفقات العامة بحيث فاقت سقوف القاعدة الاثني عشرية». وأعلن أن العجز في الموازنة «تضاعف تقريباً إلى 4 بلايين دولار في 2012 من 2.4 بليون دولار عام 2011، ومن 6 في المئة من الناتج المحلي في 2011 إلى 9 في المئة من الناتج عام 2012، ويُتوقع بلوغه 10 في المئة هذه السنة». لذا «لم يعد جائزاً أن تكون الدولة مزراباً للبذخ، وعليها تنفيذ إجراءات تقشفية حازمة واتخاذ الإجراءات لخفض العجز في ظل غياب أي إصلاحات». لكنه استبعد ذلك لأنّ «الخلافات القائمة حول تشكيل الحكومة لا تشي بالخير». وعن حركة التسليف، لفت إلى أن «نسبتها إلى الودائع بالعملات الأجنبية تبلغ 40.6 في المئة وتصل عموماً إلى 34.7 في المئة، ما يعكس توافر سيولة مرتفعة. وفي تطور الودائع، أشار إلى «نموها 5 في المئة حتى آب (أغسطس) الماضي، وباتت الموازنة المجمعة للمصارف 158.6 بليون دولار، منها 131.4 بليون ودائع للقطاع الخاص». وعن الدين العام، لفت إلى أنه «بلغ 60 بليون دولار وتحمل منه المصارف نحو 54 في المئة ومصرف لبنان 23 في المئة. وبلغت التسليفات للقطاع الخاص 45.6 بليون دولار متخطية القيمة للقطاع العام والبالغة 33.1 بليون دولار، وهي تتجاوز حجم الناتج المحلي المتوقع بلوغه 43 بليوناً هذه السنة». ورأى أن هذا الرقم «يشير إلى وجود توظيفات على رغم عدم الاستقرار السياسي، لكنها أقلّ بكثير مما هو ممكن». لذا رفض الاستمرار في «توصيف الوضع الاقتصادي على الشكل الذي يريده مطلقو المخاوف من الاقتراب من حافة الانهيار»، وقال: «نعي أن الوضع غير سليم والنشاط متباطئ بسبب ما تشهده الساحة اللبنانية وانعكاس الأحداث في الدول المجاورة وتحديداً في سورية، لكن يجب أن نكون منطقيين في هذا التوصيف اعتماداً على مؤشرات علمية». وإذ لفت إلى «نمو ملحوظ في الصادرات، فيما سعر صرف الليرة مستقر ولا ضغوط على العملة ولا خروج أيضاً للودائع، ما يدعم الاستقرار الاقتصادي». وإذ لم ينكر «تعثّر» بعض المؤسسات، شدد على قدرة المصارف على «مراعاة ظروف أصحابها في إعادة ترتيب قروضهم، وهذا لا يعني إفلاساً أو انهياراً». كما لم يُخفِ «تأثر» لبنان بأزمة المنطقة، لأنه «لا يقع على جزيرة نائية»، موضحاً أنه «في حال طالت الأزمة السياسية واستمر العجز عن تشكيل حكومة بالتزامن مع أزمة المنطقة، فإن المصارف ستتأثر على صعيد كلفة الفوائد على الودائع وانعكاسها على الربحية». وعن المصارف في سورية، لفت باسيل إلى أن «دورها الآن شبيه بنشاطها خلال الحرب في لبنان، وهو إدارة الأزمة والأعمال اليومية». وأعلن أن «موازنات هذه المصارف تحجّمت، مع تراجع الودائع 27 في المئة عام 2011 و6.5 في المئة عام 2012. بينما تراجعت التسليفات 7.7 في المئة عام 2011 و 21 في المئة عام 2012». وأشار إلى أن «وضعها انعكس تراجعاً في ربحية المؤسسات الأم في لبنان تراوح بين 4 و5 في المئة». ولاحظ أن «أكثر البلدان التي استفادت اقتصادياً من الحرب في سورية هي تركيا والأردن والإمارات وتحديداً دبي». وأكد أن «لا تحويل الآن من الليرة إلى الدولار بعدما ارتفعت الدولرة في فترة معينة وتراجعت مجدداً بسبب الاستقرار النسبي»، عازياً ذلك إلى «ثقة اللبناني في عملته ولأنّ الفائدة على الودائع بالليرة تفوق تلك المعمول بها في الخارج وكذلك على الدولار».