أعلن المغني اليهودي أنريكو ماسياس أمس، تأجيل زيارته للجزائر "لأسباب تنظيمية" متعلقة بصعوبات مادية حالت دون تنظيم سلسلة الحفلات التي كان يعتزم تنظيمها في الجزائر بين 16 و26 آذار مارس الجاري في ست مدن جزائرية. ورفضت الحكومة توضيح اسباب تأجيل الزيارة واكتفت باعلان وزير الاتصال والثقافة السيد عبدالمجيد تبون مساء السبت إقالة مدير ديوان مؤسسة رياض الفتح الرسمية السيد عبدالحميد بوحرور الذي كان مُكلّفاً التحضير لزيارة المغني اليهودي المولود في ولاية قسنطينةالجزائرية. وكانت مصادر مطلعة ابلغت "الحياة" ان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة اوفد رشيد معريف، كاتب الدولة مكلف شؤون السياحة في عهد حكومة سيد احمد غزالي 1991 - 1992 الى المغني ماسياس ليطلب منه تأجيل زيارته للجزائر من دون اعلان الاسباب الحقيقية لذلك. يذكر ان بوتفليقة كان دعا المغني الى زيارة الجزائر خلال توقفه في امارة موناكو فرنسا في تشرين الثاني نوفمبر الماضي لدى عودته من زيارة لايطاليا. وارجعت بعض الاوساط المطلعة سبب طلب بوتفليقة تأجيل الزيارة الى ان التاريخ المحدد لها يصادف عيد الاضحى، الأمر الذي قد يسهّل من مهمة اعضاء اللجنة الوطنية المعادية لتطبيع العلاقات مع اسرائيل تأليب الرأي العام الوطني ضد الرئيس الجزائري الذي كان مقرراً ان يستقبل المغني خلال زيارته الجزائر. وان كانت مصادر رسمية ارجعت اسباب الاقالة، بالدرجة الاولى، الى "مخالفته الخطيرة لنظام العمل" إلا أن مصادر عليمة قالت إن الحكومة "لجأت الى المبررات التنظيمية والتقنية للتخلص من متاعب الفشل السياسي الذي اصابها بعد فشلها في تنظيم الحفلات الفنية للمغني اليهودي". وبذلك يتجنب الرئيس الجزائري الاشارة الى فشله في عقد هذه التجمعات بسبب حدة الانتقادات التي تمكنت اللجنة الوطنية المضادة لتطبيع العلاقات مع اسرائيل من اثارتها ضد الحكومة. التطبيع مع اسرائيل وترى مراجع ديبلوماسية ان فشل الحكومة في تنظيم حفلات المغني يؤكد صعوبة تحكمها في الرأي العام في ما يتعلق بأي خطوة من خطوات تطبيع العلاقات مع اسرائيل الامر الذي يعني حسب المراجع، ان الحكومة الجزائرية لن يكون في مقدورها، على المدى المتوسط، عقد اي اتصالات رسمية مع المسؤولين الاسرائيليين. وذكرت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان فشل بوتفليقة في اقناع الرأي العام بسلامة خياره في دعوة ماسياس يعود بالدرجة الاولى الى كون مسألة "تحسين العلاقات مع اسرائيل لا تشكل اولوية وطنية حالياً مع تدني الوضع الامني والتدهور الاجتماعي والاقتصادي". وكانت الاتصالات مع الجالية اليهودية ذات الاصل الجزائري نشطت في شكل لافت اخيراً اذ زارت الجزائر، بحسب مصادر رسمية، اكثر من 40 شخصية يهودية "بعضها له اهمية اكثر من ماسياس". وترى بعض الاوساط السياسية ان بوتفليقة فضّل تهيئة الجو مع اسرائيل عبر فتح الباب امام الجالية اليهودية التي اضطرت الى مغادرة الجزائر مع استقلال البلاد في حزيران يونيو 1962، علماً ان مختلف المسؤولين المتعاقبين على الحكم رفضوا فتح الباب امام اليهود الفرنسيين "ذوي الاصول الجزائرية".