في اعقاب النجاح الكبير الذي حققه مسلسل "رأفت الهجان" قبل نحو خمس سنوات اشاعت وسائل اعلام اسرائيلية ان الممثل المصري الراحل محمود المليجي كان لسنوات طويلة عميلاً ل "الموساد". اثار ذلك في حينه استياء المثقفين المصريين باعتباره "كذباً مفضوحاً" تعاملوا معه على انه "نكتة سخيفة". وقبل ايام كاد السيناريو يتكرر عندما زعم برنامج بثته القناة الاولى في التلفزيون الاسرائيلي مداخلة لمواطنة اسرائيلية زعمت فيها ان أربعة من ألمع نجمات السينما في مصر، نادية لطفي وهند رستم ومريم فخرالدين وبرلنتي عبدالحميد، يعملن لحساب "الموساد". وجاء رد الفعل سريعاً إذ بادرت "اللجنة المصرية للتضامن" وهي تنظيم مدني يرأسه الكاتب أحمد حمروش، إلى اصدار بيان استنكار، قبل ان تحشد عشرات الفنانين والسياسيين في ندوة خصصت "للتضامن مع الفنانات اللاتي تسعى اجهزة الامن والاعلام الاسرائيلية الى تشويه سمعتهن والنيل من مكانتهن في العالم العربي". من بين "المتهمات" حضرت مريم فخرالدين ونادية لطفي وتغيبت هند وبرلنتي، والفنانات الثلاث الاخيرات يعتبرن في حكم المعتزلات، إذ لم يشاركن في اي اعمال فنية من سنوات عدة. اما فخرالدين التي بزغت نجوميتها السينمائية منذ اواخر الاربعينات فإن نشاطها في الفترة الاخيرة يقتصر على مشاركاتت متقطعة في مسلسلات تلفزيونية. ويلاحظ أن هند رستم، التي كان البعض يشبهها عند انطلاق مسيرتها السينمائية في الخمسينات بمارلين مونرو، تتعمد منذ توقفها عن التمثيل عدم الظهور في اي من وسائل الاعلام أو المشاركة في اي فعاليات فنية او اجتماعية عامة. على عكس نادية لطفي التي عرفت منذ أواخر الستينات بمشاركاتها الفاعلة في كثير من الانشطة السياسية التي جعلتها قريبة الى حد كبير من صفوف اليسار المصري والعربي، وذلك عبر مواقفها في اعقاب حربي 1967 و1973 المتمثلة في جمع التبرعات لدعم الجيش المصري ومساعدة الجرحي ومواساة اسر الشهداء والاسرى، وكذلك خلال ازمة الاجتياح الاسرائيلي للبنان في 1982، وموقفها المؤيد للحقوق الفلسطينية والرافض للتطبيع مع اسرائيل. ومن احدث انشطة نادية لطفي في هذا الاطار قيامها اخيراً بتصوير فيلم تسجيلي مع عدد من اسرى حربي 1956 و1967 عن واقعة قتل مئات من الجنود والضباط المصريين الاسرى على ايدي الاسرائيليين. واكدت نادية لطفي امس اف ب ان محاولة تشويه صورتها عبر برنامج تلفزيوني اسرائيلي "باءت بفشل ذريع"، وقالت لطفي ان "محاولة التشويه لن تؤثر علي في شيء. انهم يستهدفون موقفي المؤيد والمعروف من القضية الفلسطينية". واضافت: "هذا لن يخل في شيء في ايماني بأن القضية الفلسطنية قضية مصرية بالاساس"، مؤكدة سعادتها بحملة التضامن الواسعة التي دشنتها "لجنة التضامن المصرية" مساء اول من امس لأنها تؤكد وفق تعبيرها "اهمية دور الفن والثقافة في حياة المجتمع، وكيف يقوم المجتمع نفسه بحماية فنانيه ومثقفيه من محاولات اثارة الشبهة حولهم". واوضحت نادية لطفي ان حملة التضامن ستستمر في الايام المقبلة وهي شاركت مساء امس في حفلة تكريم نظمها المركز الكاثوليكي للسينما المصرية، وستشارك في تجمع ثان ينظم بمناسبة يوم المرأة العالمي، وآخر ينظمه حزب التجمع الوحدوي، ولجنة التضامن مع الشعب اللبناني في منتصف الشهر الحالي. اما برلنتي عبدالحميد فهي تحظى بشعبية اقل من كل من نادية لطفي وهندر ستم ومريم فخرالدين، وكانت اعتزلت التمثيل عقب زواجها من المشير عبدالحكيم عامر في منتصف الستينات ثم عادت اليه على استحياء في اواخر السبعينات، وبعدما قامت ببطولة فيلم واحد من انتاجها اعتزلت مرة اخرى ولم يعد اسمها يظهر إلا عندما يثور نقاش بشأن ما إذا كان المشير عامر قتل ام انتحر في اطار صراعه على السلطة مع جمال عبدالناصر في اعقاب هزيمة 1967. ركزت حملة التضامن التي نظمتها "اللجنة المصرية" على تبرئة ساحة الفنانات الاربع خصوصاً عبر شهادة لمسؤول سابق في جهاز الاستخبارات المصري شارك في الندوة التي نظمتها اللجنة وحضرها مسؤولان فلسطينيان، هما السيد سعيد كمال الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية لشؤون فلسطين ومحمد صبيح سفير فلسطين في القاهرة، وأكد الاخير تأييده رفض الفنانين المصريين التطبيع مع اسرائيل تعقيباً على مداخلة للفنان صلاح السعدني اكد فيها ان الفنانين والمثقفين المصريين لا يزالون يتمسكون بما قررته قمة الخرطوم في 1969 بأنه لا تفاوض ولا صلح مع اسرائيل. وقوبل كلام السعدني بتصفيق حاد من الحاضرين الذين كان في مقدمهم الامين العام المساعد للحزب الناصري السيد حامد محمود الذي شغل في عهد عبدالناصر منصب محافظ السويس، ووزير الصحة المصري السابق الدكتور حلمي الحديدي القيادي في الحزب الوطني الحاكم، والنجم عادل امام الذي استنكر بشدة اتهام الفنانات الاربع بالعمل لحساب "الموساد"، مؤكداً تضامنه مع الفنانين والمثقفين المصريين في رفض التطبيع مع اسرائيل علماً بأنه كان اثار استياء الكثيرين قبل ثلاث سنوات عندما تحدث في ندوة في معرض القاهرة الدولي للكتاب بشكل يفهم منه انه لا يعارض السفر الى اسرائيل.