5 - 2 = 8، 8 - 4 = 4، 4 = 0 هذه معادلات حسابية "معقدة" تبدو للوهلة الأولى غير معقولة، ولو وضعها تلميذ في مدرسة قروية نائية لاستحق صفراً مكعباً. لكن الجنرالات الروس الذين يعتمدونها يحصلون على أوسمة رفيعة ورتب عالية. ففي بداية الحرب الشيشانية قال وزير الدفاع ايغور سيرغييف ان عدد "الارهابيين" في حدود خمسة آلاف، وبعدما "قتل" منهم ألفان قال نائب رئيس الأركان فاليري مانيلوف ان القوات الفيديرالية تواجه "عصابات" تضم ثمانية آلاف عنصر، ولاحقاً تسنت "تصفية" أحد عشر ألف مسلح شيشاني، وظل أربعة الاف "مختبئين" في مغارات جبلية! حتى هذا النفر القليل يستحسن ان "يزول" عشية الانتخابات الرئاسية، كي يبقى مزاج الناخبين هادئاً، وكي يعرفوا لمن يجب أن يدلوا بأصواتهم. لذلك أعلن "انتهاء" العمليات العسكرية في القوقاز، وكان يمكن أن يبدأ توزيع الأوسمة لولا "قلاقل" مزعجة، تارة في بلدة كمسمولسكويه وأخرى في أولوس كيرت، وثالثة في غروزني وغيرها من المدن الشيشانية "المحررة". ويمتعض الناطق الرسمي الروسي سيرغي ياسترجيميسكي من الحديث عن حرب أنصار، ويرى أن الصحافيين الذين يستخدمون هذا المصطلح لا يفقهون شيئاً في الحروب أو في الأنصار. إذ أن "الارهابيين" ليس لهم تأييد شعبي، لذلك لا يمكن أن يحصلوا على سند لتحركاتهم. أما صوت الرصاص في أنحاء الجمهورية فليس سوى دليل على "احتضار" و"نزع أخير". وغدا ازدراء الخصم، بل اهانته، ظاهرة، فالرئيس الفعلي للدولة يصف سلمان رادويف، الشيشاني الأسير لدى موسكو، بأنه "بهيمة" أو "حيوان". والأكيد ان رادويف ليس وسيماً مثل ألان ديلون، خصوصاً بعدما تشوه وجهه برصاصة افقدته احدى عينيه وجزءاً من أنفه، كما يمكن أن يحاسب على احتجاز مرضى في مستشفى قزلر أو تفجير قنابل في محطة قطار. لكن ذلك لا يسوغ اهانة أسير يقبع في السجن، لا سيما اذا كان "من رجال" الاستخبارات الروسية، كما وصفه الرئيس الشيشاني اصلان مسخادوف. ولم يعد الاستخفاف بالخصم مقتصراً على الشيشان، اذ أن فلاديمير بوتين رفض المشاركة في حوارات تلفزيونية مع منافسيه على الرئاسة، وقال انه لا يريد أن يكون شبيهاً بمن "يظهر في دعاية لسنيكرز أو تامبكس". وهكذا يصبح أحد عشر سياسياً يمثلون أحزاباً كبرى وكتلاً برلمانية واسعة في مستوى فتاة تروج لقطعة حلوى.