} "تيتانيك"، لقب اطلق على القائد الشيشاني سلمان رادويف عندما تعرض قبل سنتين الى محاولة اغتيال تهشمت فيها جمجمته ووضعت على اثرها في رأسه الواح من مادة التيتانيوم. وقد "تغرق" هذه السفينة البشرية في سجن الاستخبارات المركزي في موسكو، اذا شعرت جهات متنفذة ان كشف الاسرار سيؤدي الى موجات جارفة من الغضب والفضائح. عرض التلفزيون الروسي مشاهد للقائد الشيشاني سلمان رادويف وهو يرتدي ثياب السجن بدلاً من البزة العسكرية. وبدا خلالها من دون النظارات السوداء واللحية الكثة على وجهه. لذا بانت آثار التشويه الذي احدثته رصاصة قناص روسي افقدته عينه اليسرى وهشمت عظام جمجمته. وكالمصعوق، ظهر الرجل الذي كان اسمه يبث الرعب واقتصر على اجابات مقتضبة عن عمره ومكان ولادته. ولوحظ انه استجوب في غرفة مخصصة عادة للتحقيق مع الجواسيس الاجانب، لذا فان الأثاث فيها بدا فاخراً بالمقارنة مع اثاث غرف التحقيق التي يستجوب فيها رعايا الاتحاد الروسي. ولم تكشف اجهزة الامن تفاصيل اختطاف او أسر رادويف لذا فان الصحف الروسية قدمت روايات مختلفة. واشارت "ازفيستيا" الى ان عملا ء لوزارة الامن، انتحلوا صفة تجار سلاح وعرضوا على رادويف مقابلتهم لاتمام الصفقة. لكنهم اشترطوا الا يزيد عدد مرافقيه عن ثلاثة. وهكذا وقع الرجل في الشباك. وكتبت صحيفة "سيفودينا" عن خديعة امنية تمثلت في دس عملاء امنيين اقنعوا رادويف بأنهم يمكن ان يؤمنوا له ممراً للخروج الى داغستان لكنهم قادوه الى الفخ. الا ان صحيفة "كويرسانت" ذكرت ان رادويف كان "يشم" الخطر من بعيد. وما كان ليوافق على دخول بلدة نوفوغردزنينسك الواقعة تحت سيطرة القوات الفيديرالية. ولذا توقعت الصحيفة ان يكون "اوصل" الى هناك بالتواطؤ مع مراجع شيشانية قوية مناوئة. ولم يستبعد خبراء ان رادويف حقن بمخدر لنقله من المنطقة من دون ضجة او "من دون اطلاق رصاصة واحدة"، حسبما ذكر وزير الامن الروسي نيكولاي باتروشيف. ولرادويف خصوم كثيرون في الشيشان اذ انه كان وجه اتهامات مريرة الى الرئيس اصلان مسخادوف واعتبره "متخاذلاً" ازاء روسيا. ومن جهة اخرى، حمل بشدة على القائد الميداني المعروف شامل باسايف لعبوره الحدود الى داغستان. ووصف تلك العملية بأنها "هلاك للشعب الشيشاني". وكان رادويف قام عام 1996 بعملية مماثلة حينما قاد مجموعة من رجاله الى مدينة قزلر بداغستان واحتجز رهائن في مستشفى. واعتبر عدد من القادة العسكريين الشيشانيين تلك العملية اساءة لسمعتهم، الا ان رادويف لم يعاقب بسبب صلة النسب التي تربطه بالرئيس الشيشاني الراحل جوهر دودايف. واحرج رادويف حكومة غروزني بادعائه ان دودايف حيّ. وسبب لها احراجات اكبر حينما اعلن "مسؤوليته" عن محاولة اغتيال الرئيس الجورجي ادوارد شيفاردنادزه، في حين ان تبليسي اكدت امس انها "لا تملك اي دليل" على تورط رادويف في تلك المحاولة. وبدأ "اخطر اسير" الادلاء بشهاداته. وذكر الناطق باسم وزارة الامن الكسندر زدانوفيتش انه قد يقدم معلومات عن عمليات تفجير عمارات سكنية في موسكو ومدن روسية اخرى. غير ان وكالة "ايتار - تاس" الرسمية اكدت ان رادويف "لا يعي ما يجري له. وينعكس ذلك على سلوكه واجاباته" على اسئلة المحققين. وتوقعت ان يعرض على لجنة طبية للتأكد من اهليتهالعقلية والنفسية. وسيكون صمت رادويف بمحض ارادته او بالرغم منه، مطلوباً من جهات عديدة. وذكر الصحافي اندريه بابيتسكي الذي يعد من اكبر الخبراء في الشؤون الشيشانية وله علاقة شخصية برادويف، ان الاخير كان يموّل من جانب البليونير المعروف بوريس بيريزوفسكي. واضاف ان اسر رادويف قد يكون جزءاً من الصراع داخل روسيا، اذ ان الرئيس بالوكالة فلاديمير بوتين يريد "التخلص" من نفوذ بيريزوفسكي المتعاظم ولذا فان التهديد بكشف اسرار رادويف سيكون ورقة مهمة في هذا السياق. ولم يستبعد المراقبون ان "يقع مكروه" لرادويف، خصوصاً وان وضعه الصحي يمكن ان يوفر ذريعة ل"غرق تيتانيك".