وصل العاهل المغربي الملك محمد السادس مساء أمس الى باريس في زيارة دولة، هي الأولى من نوعها لبلد أجنبي. وكان جاك شيراك في مقدم الاستقبال الرسمي للعاهل المغربي في المطار، في حضور السلك الديبلوماسي العربي. وبرنامج الزيارة حافل باللقاءات التي يجريها الملك محمد السادس. ويبدأ محادثاته مع شيراك على الغداء اليوم. ويقيم الرئيس الفرنسي مأدبة عشاء تكريماً له في قصر الايليزيه. وفي اليوم التالي، يقيم رئيس الحكومة ليونيل جوسبان مأدبة غداء على شرفه ثم يلتقي رئيس الجمعية الوطنية لوران فابيوس. ويختتم زيارته الأربعاء بلقاء رئيس مجلس الشيوخ كريستيان بوسلي، بعد اجتماع مع أرباب عمل فرنسيين. والمعروف ان الملك المغربي تربطه علاقة شخصية وثيقة جداً بالرئيس الفرنسي منذ أن كان ولياً للعهد، اذ كان يمضي أحياناً بضعة أيام في ضيافة شيراك في بلدته في كوريز قبل ان يتولى الرئاسة. ومن المتوقع ان يوقع الملك خلال الزيارة على المرحلة الأخيرة من برنامج تخفيف الدين المغربي لفرنسا والمقدر بحوالي بليوني فرنك والذي كان وقّع في تشرين الثاني نوفمبر 1999، عندما زار جوسبان المغرب. كما سيوقع العاهل المغربي على تحويل 700 مليون فرنك من هذا الدين الى استثمارات فرنسية خاصة. وللزيارة أيضاً أبعاد سياسية مهمة إذ أنها تأتي قبل القمة الأوروبية - الافريقية التي ستعقد في مصر في 3 و4 نيسان ابريل المقبل والتي من المقرر أن يشارك فيها شيراك والرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي سيقوم بزيارة دولة لفرنسا في النصف الأول من حزيران يونيو. وتتوقع المصادر أن يتم لقاء بين شيراك وبوتفليقة في مصر على هامش القمة الأوروبية - الافريقية. ومعلوم ان شيراك والحكومة الفرنسية يدعوان الى تهدئة الأوضاع بين المغرب والجزائر من دون أن تكون هناك أي وساطة فرنسية مباشرة في هذا الشأن. وتلعب باريس دوراً في قضية الصحراء الغربية، بعد تعثر الخطة الدولية لاجراء الاستفتاء لتقرير مصيرها. ويعتقد بأن فرنسا والولايات المتحدة تحاولان وضع خطة تسمى "الطريق الثالث"، تجمع بين وجهة نظر المغرب ووجهة نظر الجزائر وجبهة "بوليساريو"، تقوم على مبدأ موافقة الأخيرة على الاستقلال الذاتي في ظل السيادة المغربية. وتتوقع مصادر مطلعة أن يكون موضوع العلاقات المغربية - الجزائرية، اضافة الى العلاقات المغربية مع الاتحاد الأوروبي ومسيرة السلام في الشرق الأوسط من ضمن المحادثات التي يجريها العاهل المغربي مع المسؤولين الفرنسيين. الى ذلك كتبت صحيفة "لوموند" الفرنسية في عددها أمس ان ابن عم الملك الأمير هشام بن عبدالله اختار ان يبتعد موقتاً عن البلاد، اذ التحق بفريق عمل برنار كوشنير المبعوث الأوروبي الى كوسوفو. وكتبت الصحيفة ان مواقف الأمير هشام واستقلال رأيه أدتا الى ابعاده عن البلاط. في الجزائر أ ف ب، دعت "بوليساريو" فرنسا الى "العمل من أجل السلام". ووجه وزير خارجية الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية، عشية وصول الملك محمد السادس الى باريس، نداء الى فرنسا "لتعمل من اجل ارساء السلام في الصحراء الغربية على اساس تطبيق خطة السلام التي وضعتها الاممالمتحدة ومنظمة الوحدة الافريقية في اقرب وقت ممكن والرامية الى تنظيم استفتاء على تقرير المصير يكون عادلاً وشفافاً وحرا ًوديموقراطياً". واضاف: "تقع على فرنسا الدولة الصديقة للمغرب ... مسؤولية اخلاقية وتاريخية لمساعدة الملك الشاب على اخراج بلاده من الطريق المسدود الحالي بوضع حد للمغامرة المغربية في الصحراء الغربية. ان مستقبل العرش العلوي والاستقرار في المغرب رهن بذلك"، مكرراً ان "تنظيم استفتاء على تقرير المصير هو حل عادل ودائم وديموقراطي. وقد وافق عليه طرفا النزاع ويحظى بدعم الاسرة الدولية". وحذر من "أي محاولة ترمي الى اعتماد حلول فاشلة لن تكون نتيجتها سوى خسائر بشرية وهدر للوقت والوسائل". ومنذ 1975 يتنازع المغرب وجبهة "بوليساريو" المدعومة من الجزائر، السيادة على الصحراء الغربية المستعمرة الاسبانية شبه الصحراوية السابقة التي تبلغ مساحتها 260 ألف كلم مربع وضمتها الرباط في 1975. ومنذ 1992 تسعى الاممالمتحدة تنظيم استفتاء فيها على تقرير المصير. وحتى الآن لم يتمكن المغرب "بوليساريو" من الاتفاق على البنود الرئيسية لخطة السلام باستثناء وقف لاطلاق النار في 1991.