تراوحت ردود الفعل الإيرانية على اعلان وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت تخفيف الحظر الاقتصادي الأميركي على طهران، بين ترحيب حذر وترجيح للسلبيات على الايجابيات، وتحذير أطلقه "الحرس الثوري" من محاولة أميركية لإثارة "فتنة" في إيران. وعلى رغم اعتذار أولبرايت عن دعم الولاياتالمتحدةالعراق خلال حربه مع إيران واعترافها بدور أميركي في إطاحة رئيس الوزراء الإيراني السابق محمد مصدق، بقيت مآخذ طهران على واشنطن كثيرة أبرزها التدخل في الشؤون الداخلية - بحسب حسن روحاني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني - عبر تأييد طرف معين في الداخل أي الإصلاحيين، واتهام بالارهاب. وإذا كانت طهران تطالب باستعادة أموالها المجمدة في المصارف الأميركية والبالغة 12 بليون دولار، فإنها رفعت ضمناً سقف شروطها للحوار مع واشنطن عبر رفضها أي تعاط أميركي على أساس أن "قيادة العالم هي في أيدي الولاياتالمتحدة". ورأى روحاني ان "الولاياتالمتحدة تحدثت بلسان أولبرايت من موقع قيادة العالم في قضيتي حقوق الإنسان وسلام الشرق الأوسط، وتعاطي واشنطن على أساس أنها تقود العالم أمر لا يقبله الشعب الإيراني ولا الحكومات المستقلة في العالم". وحدد الايجابيات في خطاب أولبرايت أول من أمس، الذي وعد بدرس اطلاق الأرصدة الإيرانية المجمدة في أميركا، وأشار روحاني إلى "اعتراف بعظمة إيران وحضارتها الكبرى، وأهميتها الاستراتيجية ودورها في القضايا الاقليمية، وتراثها وأصالتها الإسلامية، وايوائها مليوني لاجئ"، بالإضافة إلى الاعتراف بالتدخل الأميركي في إيران، خصوصاً في الانقلاب على حكومة مصدق في الخمسينات، ودعم الشاه والعراق. وعدد روحاني السلبيات في مواقف أولبرايت، مشيراً إلى اتهام بعض المؤسسات الإيرانية مثل القوات المسلحة والقضاء والشرطة بأنها غير ديموقراطية، وبأن بعضها يدعم "الارهاب"، وكذلك إلى اعلان الوزيرة دعم الاصلاحيين في إيران. وزاد ان التطورات في بلاده "تعبير عن إرادة الشعب وليس للولايات المتحدة الحق في تشجيع أي طرف". وشدد على ابقاء الحظر الاقتصادي الأميركي على قطاعات أساسية نفط وغاز واستثمارات، داعياً واشنطن إلى الاعتراف بخطأ سياسة الحظر الاقتصادي. وخلص إلى ان "الطابع العام لمواقف أولبرايت يتسم بالتدخل في القضايا الداخلية الإيرانية". أما "الحرس الثوري" الذي اتهمته الوزيرة الأميركية بممارسة الارهاب، فاعتبر ان "مواقف المسؤولين الأميركيين تشير إلى مسعى لتصعيد المؤامرات ضد إيران وافتعال الأزمات فيها"، ووصف مواقف أولبرايت بأنها تهدف إلى "إثارة فتنة" في إيران ضمن مشروع أعدته واشنطن، داعياً "فئات الشعب والقوى السياسية والأحزاب" إلى "عدم السماح للأميركيين بالعمل لضرب مؤسسات مدافعة عن الثورة". في المقابل، رأى محمد جواد لاريجاني نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني ان تصريحات أولبرايت "مهمة لكنها غير كافية لتغيير الوضع الحالي للعلاقات بسرعة وفي شكل جوهري". وتابع: "لسنا بحاجة إلى الدولارات الأميركية، ولن نرسل رسائل عاطفية". موسكو إلى ذلك، رحبت الخارجية الروسية بقرار واشنطن تخفيف الحظر الاقتصادي على إيران، مشيرة إلى ان الولاياتالمتحدة أبدت استعدادها لبدء حوار رسمي مع طهران "لكن التحرك في هذا الاتجاه ترافق مجدداً مع طرح مطالب لها صلة بتغيير السياسة الداخلية والخارجية لإيران". ودعت الخارجية إلى إلغاء القوانين الأميركية "المجحفة" التي فرضت عقوبات على الدول المتعاونة مع إيران.