في الصورة أعلاه مراسل صحافي "اونلاين" أثناء العمل بكامل معداته : يحمل في رأسه خوذة اتصالات فيها كاميرا ومذياع وشاشة صغيرة أمام عينيه، وفي معصمه لوح مفاتيح الكومبيوتر. يبث الصحافي بصورة مباشرة التقارير والصور الى موقع صحيفته في الانترنت. يستخدم لوح المفاتيح لتنضيد تقريره وبثه عبر البريد الألكتروني، الذي ينقل أيضاً الصور التي تلتقطها الكاميرا فوق رأسه، فيما يذيع عبر المذياع تقريره صوتياً بصورة مباشرة. هذه الأدوات عرضت في معرض تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات "سيبيت" في هانوفر في ألمانيا الشهر الماضي. والأدوات لم تدخل العمل في "بي بي سي" بعد، لكنها تقدم صورة "حية" للعمل الصحافي الجديد. هل سيحل صحافي "اونلاين" محل الصحافي التقليدي؟ وهل تقضي صحافة "اونلاين" على الصحافة الورقية؟ مسؤولو "بي بي سي" أجابوا بالنفي على سؤال "الحياة"، لكنه ليس نفياً مطلقاً بل مشروطاً بشروط البقاء في عصر الثورات: الجرأة والخيال والتجديد والابداع. الرهان الابداعي قال كريس ويسكوت، رئيس "بي بي سي" اونلاين ل"الحياة" أنها ليست المرة الاولى التي تواجه فيها الصحافة التحديات. وقد بلغ خوف الصحافة عند بدء البث الاذاعي في بريطانيا حد المطالبة بوقفه. وثارت مخاوف مماثلة مع بدء البث التلفزيوني وسارع كثيرون الى الاعلان عن موت الصحافة. مع ذلك شهدت الصحافة الورقية نمواً وازدهاراً لا مثيل له في عصر التلفزيون. وتعتقد كارولاين تومسن، مساعدة رئيس خدمات "بي بي سي" العالمية أن الصحيفة الورقية لا تزال تتميز على الوسائل الاعلامية الاخرى بسهولة حملها وقراءتها. ولا يمكن لصحافة "اونلاين" المحكومة بحدود شاشة الكومبيوتر منافسة الصحافة الورقية في تقديم تغطية واسعة ومعمقة للأحداث. وقراءة المواضيع على الشاشة ليست سهلة، وهي أبطأ بنحو 25 في المئة من قراءة المواضيع المطبوعة على الورق. وتدل الدراسات على أن معظم قرّاء "أونلاين" عصريون لا يملكون الوقت الكافي وهم قليلو الصبر على القراءة، لا يقرأون المادة حرفياً، بل يمرون عليها بعيونهم سريعاً ويلتقطون كلمة هنا وكلمة هناك. وتقر كارولاين تومسن بأن على الصحافة التقليدية أن تدرك أنها لم تعد تملك السبق في ميدان التغطية المباشرة للأحداث والسبق الصحافي الخبري. وتقول ان قراء الصحافة الورقية على عكس قراء "اونلاين" طويلو البال يبحثون عن الرأي المعمق والتحليل الواسع والتحقيقات النزيهة التي تحترم ذكاء جمهورها المتميز. ويعتقد مسؤولو "بي بي سي" أن التحديات التي تواجهها الصحافة الورقية ليست تكنولوجية، بل ابداعية. والرهان عليها هذه المرة في اعادة تعريف نفسها وتجديد دورها ومهامها أمام الطيف الملون لوسائل الاعلام الجديدة. وتقنية "اونلاين" تهدد بالخطر الصحافة وحيدة الجانب فكرياً وتكنولوجياً. وفي ما يخص الجانبين على الصحافة التخلى عن دور العجائز المسنات، اللواتي يتحدثن من مقاعدهن بذهول سطحي عن عجائب التكنولوجيا الجديدة.