تبعث مراجعة أرقام توزيع الصحف اثر اندلاع الفضيحة الجنسية الاخيرة مونيكا غيت للرئيس بيل كلينتون على الاعتقاد بأن الموضوع كله مؤامرة صحافية. صحيفة "يو. اس. أي. توداي" باعت نصف مليون نسخة يوم الاعلان عن الفضيحة. الرقم يمثل زيادة بنسبة 20 في المئة. حققت الزيادة نفسها "انترناشونال هيرالد تربيون". حصة "الحياة" لم يكشف عنها، لكنها قد تكون مماثلة لحصة زميلتيها الأميركيتين، وهي أقل من مجلة "تايم" التي وضعت على غلافها صورة بطلة الفضيحة مونيكا لوينسكي وطرحت في الأسواق 100 ألف نسخة زيادة على طبعتها المعتادة ربع مليون نسخة. التلفزيون أيضاً حصل على زيادة في عدد المشاهدين بلغ معدلها 10 في المئة. وذكرت صحيفة واشنطن بوست" التي أوردت هذه الأرقام أن محطة تلفزيون "أي. بي. سي" الأميركية حققت رقماً قياسياً هو زيادة بلغت 29 في المئة. و"أي. بي. سي" تملكها مؤسسة "ديزنى" وكانت الأكثر عدوانية في الهجوم على الرئيس كلينتون . زيادة عدد القراء والمشاهدين تعني زيادة موارد الاعلانات. والسؤال الذي يؤرق أصحاب الصحف والتلفزيون في صراعهما المتبادل من أجل البقاء، هو: كيف الاستفادة من هذه الفرصة لاستعادة القراء والمشاهدين الذين تنخفض أعدادهم باستمرار؟ الاجابة عن هذا السؤال صعبة، وذلك لدخول لاعب جديد في السوق الاعلامية هو الانترنت. خطورة اللاعب الجديد تظهر في أنه هو الذي كشف الفضيحة الجنسية للرئيس الأميركي قبل الجميع. وتتحسر الآن مجلة "نيوزويك" لترددها في نشر الاشاعات التي تسربت من البيت الأبيض عن الفضيحة. ولا يعرف لحد الأن كيف اختطف صحافي اسمه "ماتْ دْرَج" النبأ، ووضعه في نشرة فضائحية على الانترنت تحمل اسمه: "درج ريبورت". والصحافة التي تتبع حاسة الشم، كما يقال تسرع عندما تشم رائحة كريهة نحو مصدرها. في هذا الركض لا يمكن منافسة صحافة الانترنت التي دشّنت عهداً صحافياً جديداً في نشر تفاصيل الممارسة الجنسية المحببة للرئيس الأميركي. في الهجوم المضاد الذي شنه البيت الأبيض شككت بصدقية محرر النشرة الذي يواجه منذ شهور دعوى تشهير بمبلغ 30 مليون دولار. أقام الدعوى موظف في البيت الأبيض كان اتهمه الصحافي بأنه من الأزواج الذين يضربون زوجاتهم. وهذه تهمة أخطر من الخيانة. ويعترف "مات درج" 31 سنة بعدم صحة الاتهام ويقول إنه استُخدم في هذه العملية من قبل السياسيين المتصارعين في واشنطن، ويؤكد أن نسبة صحة الأخبار التي ينشرها تزيد على 80 في المئة. يصعب التحقق مما اذا كانت هذه نسبة جيدة في عالم الصحافة، أو معرفة مدى صحة ادعاء محرر الانترنت أن الخطأ يجعل الصحافي أكثر شهرة. رصيد درج من هذه الأخطاء معروف على الصعيد العالمي. فهو الذي هزّ أسواق الأسهم عندما نشر نبأ شراء "مايكروسوفت" شركة "نيتسكيب". هل من أجل ذلك دعت مجلة "تايم" الى وقف جنون النشر على الانترنت؟ لا، قطعاً. السبب في تقدير معلق في صحيفة "غارديان" البريطانية هو حرص الصحافة الكبيرة على الحفاظ على سيطرتها التي تهددها الانترنت. ويعتقد المعلق البريطاني بأن تردد "نيوزويك" في نشر الفضيحة لا يعود، كما يقال الى التقليد الصحافي في التحقق من النبأ، بل الحصول على الاذن بنشره من البيت الأبيض. بهذا الشكل تضمن الصحافة الكبيرة، في رأيه مقعداً في الطائرة الرئاسية ويسمح لها بتوجيه الأسئلة الى الرئيس في المؤتمرات الصحافية. لكن هذه الصحافة التي تلعب دور المايسترو العالمي تواجه الآن النشر الألكتروني الذي يغير قواعد اللعبة كلها. سهولة الاصدار على الشبكة، وسرعة المتابعة باللحظات، وتخطي الحدود وحواجز الرقابة في كل مكان في العالم يظهر في نشرات عدة تحمل اسم مونيكا لوينسكي التي ظهرت مثل الفطر بعد المطر. في خضم هذا التيه الذي أطلقته تكنولوجيا الكومبيوتر ينطبق على الصحافي التعريف الساخر الذي يقول "أن الصحافي هو الشخص الذي يشرح للناس ما لا يفهمه هو نفسه"! وكيف يمكن فهم ما ستفعله بالصحافة تقنية مايكروسوفت الجديدة التي تحقق حلم الكتابة وحتى الغناء ما تحت السطور؟ السطر الأصم المسطور هنا يجعله "مايكروسوفت97" مثل دمية "ماتروشكا" الروسية التي تنفتح عن دمى داخل دمى داخل دمى. الكلمات التي تضيء بلون أصفر على شاشة الكومبيوتر تعني أنها نافذة تنفتح ليس على كلام مكتوب فحسب، بل منطوق أيضاً. خفقة أصبع على الكلمة الصفراء وتنفتح نوافذ على كل ما تبذل الجهود لاخفائه أو تشذيبه، بما في ذلك بريد القراء وأصوات عذاباتهم. صحافة الانترنت هل تضع الصحافة الورقية والتلفزيونية في وضع مماثل للمواجهة بين بيل كلينتون ومونيكا لوينسكي؟ عناوين على الانترنت للاطلاع على خفايا الفضيحة: www.drudgereport.com www.d-zyn.com/monica/