بدأت منظمات حقوق الانسان المصرية استعداداتها لخوض مواجهة مكشوفة مع الحكومة وتعتزم ان تستخدم ما هو متاح لها داخلياً وخارجياً للدفاع عن حقها في البقاء، قبل انتهاء المرحلة الانتقالية لتطبيق قانون الجمعيات في مطلع أيار مايو المقبل. وأصدرت تسع منظمات لحقوق الانسان أمس بياناً، حمل بشدة على الاوضاع في البلاد، واعتبر ان "قرار إحالة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الانسان حافظ أبو سعدة على محكمة أمن الدولة العليا، جزء من مخطط حكومي يهدف الى تصفية النشاط الحقوقي، بدءاً بإجراءات تتعلق بمنع صدور نشرة المنظمة، ثم إلغاء ندوة عن الاسلام السياسي كانت جماعة تنمية الديموقراطية تعتزم تنظيمها". ودعا البيان الحكومة الى "إلغاء حال الطوارئ القائمة في البلاد، والأمر العسكري الذي احيل بمقتضاه ابو سعدة على المحاكمة، واسقاط كل التهم الموجهة اليه"، وطالبت الاحزاب والنقابات والهيئات "التضامن مع المنظمة في لحظة تاريخية تمر بها حركة حقوق الانسان في البلاد"، واعربت عن خشيتها من "صعوبة ان يحظى ابو سعدة بمحاكمة عادلة وسط هذه الظروف والملابسات المحيطة بالتطورات الأخيرة". وكانت نيابة أمن الدولة قررت الأحد الماضي إحالة ابو سعدة على محكمة أمن الدولة العليا، بتهمة تلقي أموال 25 ألف دولار من جهات أجنبية السفارة البريطانية، من دون الحصول على ترخيص، ما يخالف أوامر الحاكم العسكري، بعد مرور أكثر من عام، على تحقيقات أجريت معه في هذا الشأن، ارتبطت بإصدار المنظمة تقريراً عن أحداث الكُشح الأولى في آب اغسطس 1998. وحمل البيان توقيع "جماعة تنمية الديموقراطية"، و"مركز هشام مبارك"، و"مركز النديم"، و"القاهرة لدراسات حقوق الانسان"، و"دار الخدمات النقابية"، و"المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة" و"مركز مساعدة السجناء"، و"المركز المصري لحقوق المرأة"، و"مركز قضايا المرأة". وتعتزم المنظمات الحقوقية دعوة مثقفين وسياسيين ونقابيين الى تشكيل لجنة "الدفاع عن حركة حقوق الإنسان"، وتشكيل وفد للقاء قادة المعارضة . ويواجه الحقوقيون انتقادات عدة من قادة المعارضة، يتعلق اكثرها بملف التمويل الاجنبي ما تسبب في التزام المعارضين الصمت تجاه هذه القضية، وخاض بعضهم حملات إعلامية مضادة، ايدت الحكومة في ما ذهبت اليه من ضوابط وضمانات وردت في قانون الجمعيات الجديد، ورهنت تلقي الاموال من خارج البلاد بموافقة السلطات. وتوضح تلك المعطيات حاجة الحقوقيين المصريين الى الجبهة الخارجية لمعادلة توازنات القوى، على خلفية ارتباط صراعات اطراف ذلك الملف بأوساط النخبة، دون الرأي العام الشعبي، الذي ما زال بعيداً عن تداعيات الأزمة، وغير معني بها.