عادت تهمة "المحسوبية" التي كانت تسبّبت باستقالة اديث كريسون من المفوضية الأوروبية الربيع الماضي لتطاردها وتثير لها متاعب جديدة من شأنها أن تهدّد نشاطها العام. وبدت كريسون رئيسة الوزراء الفرنسية السابقة هادئة على غير عادتها بعدما رفعت عنها الحصانة البرلمانية الاوروبية تمهيداً لمحاكمتها، ما أثار اعتقاداً انها ادركت خطورة الموضوع. قرّرت المفوضية الأوروبية رفع الحصانة عن النائبة البرلمانية اديث كريسون، بطلب من القضاء البلجيكي الذي يرغب في التحقيق معها حول سوء أدائها لمهام منصبها في المفوضية بين عامي 1995 و1999. واستند الاجراء القضائي مساء اول من امس، الى معلومات وردت في تقرير اعدته مجموعة من الخبراء المستقلين حول أسلوب العمل الذي اعتمده فريق المفوضين السابق الذي كان يرأسه جاك سانتير، ومن بينهم كريسون التي أكدّ التقرير أنها وظّفت أحد أصدقائها رينيه بيرتولو، وهو طبيب أسنان، مستشاراً لدى المفوضية. وعلى مدى سنتين أمضاهما بيرتولو في هذا المنصب، من 1995 حتى 1997 فإن كل ما قام به تمثّل بتقرير لا يتجاوز ال24 صفحة. وخلافاً لعادتها، علّقت كريسون، المعروفة بطبعها الاستفزازي وتصريحاتها العلنية الصاخبة، على رفع حصانتها بالقول انها ترغب في أن يجري الكشف عن الحقيقة كاملة. وهذا الموقف الهادئ لا يمّت بصلة مع طبيعة كريسون التي لم تتردّد في أحد تصريحاتها العلنية بتشبيه اليابانيين "بالنمل" وبالتساؤل في تصريح آخر عمّا إذا كان رجال بريطانيا لا يميلون سوى الى أمثالهم من الرجال. فهل التقدّم في السن 65 عاماً هو الذي يدفع كريسون الى هذا الهدوء أم أنه الشعور بالآسى إزاء إحتمال انتهاء سيرتها المهنية المميّزة، بسبب قضية بائسة؟ وكان تعيين الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران لكريسون مفوّضة أوروبية، عام 1995، مبنياً على امتلاكها لمعرفة فعلية، لتفاصيل القضايا الاوروبية، اذ تولّت قطاع البحث العلمي والتربية والتأهيل، المكوّن من أكثر من أربعة آلاف شخص عملت على توجيههم. وقبل المفوضية كانت كريسون المرأة الفرنسية الوحيدة التي تولت رئاسة الحكومة الفرنسية، وهو منصب لم تحتفظ به لأكثر من عام واحد، اضطرّت بعده الى الاستقالة. واحتفظت كريسون بعد ذلك بمنصبها كنائبة. وبرّرت هذه الاستقالة في حينه على طريقتها، معتبرة ان التدهور القياسي في شعبيتها جاء نتيجة مؤامرة استهدفتها من قبل "الذكور" المسيطرين على الحياة السياسية في فرنسا. واحتفظت كريسون، بعد ذلك بمنصبها كنائبة في البرلمان الفرنسي ومن ثم في البرلمان الاوروبي وبالطبع فإنها ستجد نفسها مضطّرة عن التخلّي عن أي منصب عام تتولاه في حال ادانتها من قبل القضاء البلجيكي.