أبدى اليسار واليمين الفرنسي حرصاً على التعامل مع الاستقالة الجماعية لاعضاء المفوضية الاوروبية على انها ازمة مؤسساتية خطيرة تضرب البناء الاوروبي. وركزت ردود فعل كبار المسؤولين على الثغرات التي كشفتها الازمة على صعيد الادارة الاوروبية والتي يتوجب معالجتها بالاصلاح. ودعا الرئيس الفرنسي اليميني جاك شيراك الاتحاد الاوروبي الى مناقشة الاقتراحات التي كانت بلاده تقدمت بها لاصلاح المؤسسات الاوروبية لاضفاء المزيد من الفاعلية عليها. اما رئيس الحكومة اليساري ليونيل جوسبان فقال امام البرلمان ان استقالة اعضاء المفوضية "حدث خطير بمستوى الوضع" الذي استدعى هذه الاستقالة. واضاف جوسبان ان "هذه الازمة يجب ان تشكل نقطة انطلاق نحو المزيد من الديموقراطية والشفافية في اساليب العمل الاوروبية". ولم يأت شيراك في كلامه على ذكر المفوضية الفرنسية اديت كريسون التي تعتبر من ابرز من تقع عليهم مسؤولية الاهمال والمحسوبية في المفوضية وفقاً لما جاء في التقرير الصادر عن "لجنة الحكماء". وكذلك لم يأت جوسبان الذي ينتمي الى الاسرة السياسية الاشتراكية نفسها التي تنتمي اليها كريسون على ذكر الاخيرة. وربما يكون اسدى خدمة لكريسون، بتعمده على غرار شيراك، الحديث عن ازمة اوروبية عامة وليس عن ازمة يتحمل مسؤوليتها افراد محددون ومعروفون. لكنه اراد بموقفه هذا، تجنيب حزبه الذيول السلبية التي قد تترتب على الانتقادات الموجهة الى كريسون خصوصاً انها تسبق الانتخابات الاوروبية المقررة في 12 حزيران يونيو المقبل، وتتزامن مع المسلسل المستمر الذي يطال وزير الخارجية الاشتراكي السابق رولان دوما، في اطار ما يسمى بفضيحة "الف - طومسون". كريسون و"نظرية المؤامرة" وفي غياب المدافعين عنها من داخل معسكرها السياسي، قررت كريسون الدفاع عن نفسها بنفسها. فأكدت في تصريح الى الصحافة الفرنسية انها هدف لمؤامرة وان المقاطع المتعلقة بها في تقرير "لجنة الحكماء" عدّلت عمداً لإلحاق الضرر بها. وقالت ان "هناك من أراد ان يجعلني ابدو كأني عملت على خداع البرلمان الاوروبي" مضيفة انها لا تعتقد ان هذه النية الخبيثة حيالها "صادرة عن الحكماء الخمسة" الذين أعدوا التقرير. ولم تسم كريسون الجهة التي تقول انها تآمرت عليها في المفوضية، لكنها عبر هذا التصريح اعادت التذكير بمؤامرة اخرى كانت صرحت انها استهدفتها، لدى استقالتها من رئاسة الحكومة الفرنسية سنة 1992. ففي تلك الفترة، وبعد اقل من سنة على تعيين الرئيس الراحل فرنسوا ميتران لها في هذا المنصب، سجلت شعبيتها لدى الرأي العام الفرنسي تدهوراً لم يسبق له مثيل، ما استدعى ابدالها ببيار بيريغوفوا. وكانت العبرة الابرز التي استخلصتها كريسون في حينه ان رحيلها عن الحكم جاءت نتيجة مؤامرة حاكها رجال لم يرق لهم تولي امرأة رئاسة الحكومة في فرنسا.