شيع سكان مدينة خميس مليانة في ولاية عين الدفلى الجزائرية 150 كلم غرب العاصمة أمس جنازة أكثر من 21 مواطناً كانوا قتلوا الاثنين الماضي في مكمن نصبته مجموعة مسلحة على طريق زوغالة في المدينة. وكان المنظر كئيباً للغاية، اذ على الرغم من أن سكان مدينة خميس مليانة اعتادوا منذ سنوات دفن ضحاياهم في أجواء العنف، الا أنهم دربوا أنفسهم على حال اليقظة القصوى، وكانت توقعاتهم بعد انتهاء قانون الوئام المدني تركز على هدوء محتمل للوضع الأمني مع عودة عناصر الجيش الاسلامي للانقاذ الى منازلهم واستفادة عدد من عناصر الجماعة المسلحة من تدابير قانون الوئام المدني، وتزامن ذلك مع اطلاق الجيش عملية "سيف الحجاج" التي كان متوقعاً ان تقلص نشاط الجماعات المسلحة. وانتقل سكان من المدينة منذ الساعات الأولى صباح أمس الى مستشفى بلدية عين الدفلى حيث فضلوا البقاء لمتابعة الحال الصحية للجرحى، فيما كان البقية يهرعون الى مكتب حفظ الجثث لنقل الضحايا الى وسط مدينة خميس مليانة. واصطف الى جانب هؤلاء مواطنون آخرون توفي أقاربهم في الساعات الأولى من صباح أمس من جراء الاصابات البليغة التي تعرضوا لها في المكمن الارهابي. وعلى رغم المصاب الاليم، تبادل زوار المستشفى عبارات "الصبر الجميل" وتهدئة النفوس في جو صامت حزين يخرقه من حين لآخر نواح النساء وصياح بعض الشباب الذي تأثر لفقدان ذويه. وكانت مجموعة مسلحة اغتالت مساء الاثنين أكثر من 14 شخصاً وأصابت 26 آخرين بجروح، في مكمن نصبته جماعة مسلحة على الطريق الذي يربط زوغالة في مدينة خميس مليانة بمدينة غير بعيدة عن مصنع للآجر تابع لأحد المستثمرين. وذكرت تقارير من المكان ان حافلتين لنقل المسافرين تعرضتا لوابل من الرصاص قبل أن يتفرغ عناصر من المجموعة المسلحة لذبح بعض النساء والأطفال. وأضافت ان المكمن نصبته عناصر مسلحة ترتدي بذلات عسكرية للتمويه، وأنها تمركزت لفترة ساعتين على هذا الطريق البلدي قبل أن تشرع في العملية لدى وصول الحافلتين. وشوهدت اسماء ست نساء وأربعة أطفال ضمن قائمة الضحايا التي علقت في مستشفى عين الدفلى في ساعة متقدمة من مساء أمس والتي بلغت 15 فرداً قبل أن يتوفى عدد آخر في الساعات التالية. وفي ولاية المدية 90 كلم جنوبالجزائر قتل ضابطان في الجيش الجزائري وأصيب أربعة آخرون بجروح من جراء انفجار لغم وضعته عناصر مجموعة مسلحة في منطقة العمرية قرب مقر الولاية، التي شهدت خلال الأسابيع القليلة الماضية نشاطاً مكثفاً لمجموعات مسلحة عبر المحور الجبلي لولاية عين الدفلى والمدية. كما قتل عامل في مؤسسة الكهرباء والغاز لدى مروره فوق لغم وضعته عناصر الجماعة في وقت سابق. وفي تيزي وزو 110 كلم شرق الجزائر قتل مساء الاثنين ضابط في الجيش كان برفقة ضابط متقاعد في قوات الدرك الوطني رمياً بالرصاص. وكان مسؤول الأمن في الاقامة الجامعية قتل الاثنين على يد أربعة عناصر مسلحة فرت مباشرة بعد العملية التي نفذت قرب محطة حافلات الاقامة الجامعية. كما اغتالت مجموعة مسلحة في برج طهر في ولاية جيجل 340 كلم شرق الجزائر شاباً في الخامسة والعشرين، لم تعرف هويته، لكن مصادر محلية رجحت أن يكون من مساعدي قوات الأمن العام، علماً أن قوات الدرك الجزائري فككت في وقت سابق في منطقة الطاهير في ولاية جيجل القريبة من المنطقة، عصابة أشرار تنتحل صفة ارهابيين للقيام باعتداءات مسلحة ضد المدنيين باسم الجماعة الاسلامية المسلحة. وجاء تراجع الوضع الأمني عقب سلسلة عمليات مسلحة شهدتها الجزائر الاثنين ليخلط حسابات السلطة التي كانت تركز على تحقيق نوع من الانعاش الاقتصادي وجلب الاستثمارات الأجنبية، مع تحكمها في الوضع الأمني بعض الوقت من خلال قانون الوئام المدني الذي منح تخفيفاً في العقوبات لعناصر الجماعة أو عفواً كلياً من الملاحقة القضائية. وقدرت مصادر غير رسمية عدد الذين اغتيلوا منذ انتهاء العمل بقانون الوئام المدني أكثر من 250 مواطناً منهم 51 منذ نهاية الاسبوع الماضي، وأكثر من 1500 منذ تولي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الرئاسة في نيسان ابريل الماضي. كما قتل نحو 103 عناصر من كتيبة "حماة الدعوة السلفية" المنشقة عن الجماعة الاسلامية المسلحة في غارات جوية شنتها وحدات الجيش الجزائري في منطقة الرمكة والمناطق المحاذية لها.