عادت أمس قضية المزاعم بتورط السلطات البريطانية في مؤامرة لإغتيال العقيد معمر القذافي سنة 1996، لتُشكّل إحراجاً كبيراً لحكومة حزب العمال التي كانت نفت بشدة أي تورط لجهاز إستخباراتها في تمويل تصفية الزعيم الليبي. لكن وثيقة وُزّعت في موقع أميركي على شبكة الإنترنت أكدت ضلوع بريطانيا. وكتبت صحيفة "صنداي تايمز" الأسبوعية أمس ان الوثيقة التي تحمل إسم "يو. ك. آيز. ألفا" تتحدث بالتفصيل عن إتصالات جهاز "أم. آي. 6" الإستخبارات الخارجية بمجموعة من المعارضين الليبيين كانوا يخططون لإغتيال القذافي. وتكشف ان الإستخبارات البريطانية كانت تعرف الخطة قبل شهرين على الأقل من تاريخ تنفيذها في شباط فبراير 1996. كذلك تكشف الوثيقة ان وزارة الخارجية تبلّغت، في تقرير يحمل الإسم الكودي "سي. أكس95/53452" من أربع صفحات، تفاصيل عن مكان وقوع محاولة الإغتيال وتاريخ حصولها، وان التقرير أشار أيضاً الى ان 250 قطعة سلاح بريطانية وُزّعت على المتورطين في المؤامرة. ويُشكّل نشر الوثيقة إحراجاً كبيراً لوزير الخارجية روبن كوك الذي كان نفى، قبل 18 شهراً، المزاعم بتورط بلاده في محاولة إغتيال القذافي. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية ان كوك "لم يخدع الرأي العام" عندما نفى تورط بلاده في محاولة قتل القذافي. وأضاف ان الوزير لم يسُئل هل كان جهاز "أم. آي. 6" يعرف بالمحاولة أم لا "بل سُئل هل خطط جهاز "أم. آي. 6" للمحاولة وتورّط فيها. هذه هي المزاعم التي صدرت في ذلك الوقت". وكان العميل السابق لجهاز الإستخبارات الداخلية "أم. آي. 5"، ديفيد شايلر، أول من تحدث عن تورط "أم. آي. 5" في تمويل عملية لقتل القذافي نفّذتها عناصر في جماعة أصولية ليبية كانت على إتصال بالإستخبارات البريطانية. ويعيش شايلر حالياً في فرنسا، ويواجه إمكان محاكمته وسجنه إذا عاد الى بريطانيا بتهمة خرق أسرار الدولة. وعرضت "صنداي تايمز" الوثيقة الموجودة على الإنترنت على الأدميرال نيك ويلكينسون، المستشار الإعلامي للحكومة لشؤون الدفاع والصحافة والبث، قبل نشرها، فطلب منها عدم ذكر إسم الموقع الموجودة فيه. ويتولى ويلكينسون مهمة "رقيب" تُعرض عليه المواد التي تُعتبر مساً بأمن المملكة المتحدة. وله صلاحية إحالة أي مطبوعة، تصدر في إنكلترا، على القضاء إذا نشرت أخباراً تمس الأمن القومي. ونقلت وكالة "اسوشيتد برس" أمس عنه انه رأى الوثيقة على الإنترنت وانها "تبدو حقيقية، ولكن من يعرف هل هي كذلك أم لا". وقال انه تعامل مع الوثيقة على أساس انها حقيقية. وطلبت اللجنة التي يرأسها من وسائل الإعلام عدم نشرها كاملة، ولا العنوان الموجودة فيه. وكانت "الجماعة الليبية المقاتلة"، وهي جماعة أصولية، تبنت محاولة إغتيال القذافي في 1996 في بيان أرسلته الى "الحياة" إثر حصول العملية. لكنها نفت في بيان أصدرته على لسان ناطقين بإسمها، ان تكون الإستخبارات البريطانية موّلت محاولتها الفاشلة. غير ان التقرير المنشور في شبكة الإنترنت يتحدث، في المقابل، عن الإتصالات التي كانت تُجرى بين مسؤول في "أم. آي. 6" وعضو في الجماعة الأصولية الليبية عُرّف فقط بلقب "تنورث" في إطار التحضير لإغتيال الزعيم الليبي. ويتردد ان بريطانيا دفعت له مئة الف جنيه إسترليني لتمويل نفقات العملية.