تتداول أوساط غربية تحليلات عن تأثير التصعيد الأخير في جنوبلبنان، في مستقبل المفاوضات السورية - الاسرائيلية، فهل تظل على حالها من الجمود أم تستأنف؟ ورشح من هذه الأوساط أن اللورد مايكل ليفي المقرّب من رئيس الحكومة البريطانية توني بلير أبلغ رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود باراك، في إطار الوساطة الاخيرة التي قا م بها، ضرورة طرح ملّف لبنان وأوضاع جنوبه في المرحلة الحالية من المفاوضات. لكن الرئيس حافظ الأسد رفض ذلك مطالباً بضمان إنسحاب اسرائيل الى حدود الرابع من حزيران يونيو 1967، قبل التطرّق الى الملّف اللبناني، وأصر على هذا الموقف. وقد وضع وزير الخارجية البريطاني روبن كوك نظيرته الأميركية مادلين اولبرايت في صورة ما حمله اللورد ليفي الذي سبق أن أدى دوراً في تنشيط المفاوضات في شيبردزتاون باعتراف اولبرايت نفسها. وكان قام بزيارات عدة للمنطقة ويحظى بثقة كل من الأسد وباراك. ورأى بعض هذه الأوساط أن التصعيد في جنوبلبنان لن يؤثّر في المسار السوري - الاسرائيلي الذي لن يصبح أقّل صعوبة ولا أكثر تعقيداً عمّا كان. فالأوضاع على جبهة الجنوب معروفة: هناك "حزب الله" الرافض أي اتفاق ووراءه قوى تسعى الى إظهار قوتها. وهناك باراك الذي لا بد له من الرد على العمليات، حرصاً على تلاحم ائتلافه الحكومي. وعلى رغم التصعيد الأخير، يتوقّع هؤلاء إعادة تنشيط المسار السوري - الاسرائيلي "ما دام أن الأسد توصّل الى استنتاج ان عليه ان يقدم على مغامرة السلام، وليس هناك ما يحول دون مضيه في هذا الإتجاه. والأمر نفسه يمكن أن ينطبق على باراك... إلا إذا كان في دمشق ما يحول دون قدرة الأسد صحياً على دفع عملية التفاوض. ولكن إذا كان الوضع لا يزال كما كان في تشرين الثانينوفمبر الماضي، فيمكن توقّع استئناف المفاوضات مترافقة مع ضغوط أميركية هائلة". وتعتقد أوساط ديبلوماسية غربية معنية بالسلام أن تجاوز مشكلة الرابع من حزيران 1967، ليس شديد التعقيد، خصوصاً أن الطرفين سيجدان أن للسلام ايجابيات تفوق سلبياته. وتلاحظ أن المسا ر الفلسطيني - الاسرائيلي هو الأكثر صعوبة، يليه بعد ذلك المسار اللبناني... فيما الأقّل تعقيداً هو المسار السوري... "إذا لم يتراجع الأسد عن موقفه ليعود مجدداً إلى اعتبار السلام خطراً، وإذا ظل باراك على موقفه بإعطاء سورية الأمل باحتمال موافقته على الإنسحاب الى حدود الرابع من حزيران 1967. ذلك أن تجاوز هاتين المشكلتين، يفتح الطريق أمام الاتفاق على إخلاء الجولان والحدود النهائية وقضايا الأمن والمياه...". وتعزو هذه الأوساط صعوبة المسار اللبناني إلى مشكلتين لا يعرف حتى الآن كيف حلهما، "أولاهما وجود حوالي 350 ألف لاجىء فلسطيني في لبنان الذي يسعى إلى رحيلهم جميعاً في حين ترفض اسرائيل منح اللاجئين حق العودة، مثلما يتعذر على الدولة الفلسطينية استيعابهم. أما المشكلة الثانية فتتمثّل في مستقبل وجود القوات السورية في لبنان وسبل العمل على تجنّب التوصّل الى اتفاق يشرّع هذا الوجود. علما بأن هذا الاحتمال ينطوي على اغراءات للإسرائيليين والسوريين معاً. وإذا كانت الولاياتالمتحدة على استعداد للترحيب بذلك، فهناك من يرى أنه ينبغي العمل على عدم تشريع هذا الوجود في نصّ اتفاق السلام، بل العمل على إخراج القوات السورية فوراً. وفي ضوء هاتين المشكلتين يتضّح مدى التعقيد الذي يتّسم به المسار اللبناني - الاسرائيلي".