} تشهد الجزائر منذ سنوات تردياً خطيراً في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، بسبب تزايد موجة "قطع الأرزاق" من خلال التسريح الواسع للعمال، وتأثير أعمال العنف سلباً في المستوى المعيشي لنحو 17 مليون جزائري بسبب عمليات "قطع الأعناق" التي نفذتها الجماعات المسلحة، ومست أرباب العائلات. "لا بد من أن أقول للشعب الجزائري صراحة، ان الدولة أفلست. الدولة أفلست والاتكال عليها لا يحل شيئاً وإذا قلت إنها أفلست، فهذا لا يعني اننا سنخضع وسنركع لأي قوة كانت وليكن ذلك واضحاً. فإنفتنا وشموخنا لن يمسا على الاطلاق، ولكن أقول ان الدولة عملت ما عليها عندما كانت لها امكانات". بهذه الكلمات البسيطة أعلن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة قبل شهر ونصف الشهر، في ندوة وطنية عن الفقر والإقصاء، تخلي الدولة عن اعتماد السياسة الاجتماعية التي كانت قائمة منذ الاستقلال بسبب "نقص الموارد المالية"، فاتحاً المجال واسعاً أمام كل أشكال الهيمنة التي فرضتها جماعات المصالح، أو ما يسمى في عرف الجزائريين "المافيا"، على أكثر من 30 مليون جزائري تدهورت قدرتهم المعيشية، في ظرف قصير، لأسباب لا تزال مجهولة. اضطر الرئيس بوتفليقة الى "مصارحة" 17 مليون جزائري وجدوا انفسهم في عداد "الفقراء الجدد" الذين أنجبتهم الأزمة الدموية المستمرة منذ سنوات. ويجمع كثر من الخبراء الجزائريين والدوليين على أن ظاهرة الفقر في اتساع متواصل، لتشمل حتى أولئك الذين كانوا يُعدّون أنفسهم في مأمن منها. وتؤكد الاحصاءات الرسمية هذا التوجه، بالأرقام، إذ من مجموع 30 مليوناً تجاوز عدد الفقراء، نهاية السنة الماضية، أكثر من 14 مليوناً. وتطرح الأوساط الحكومية سببين أساسيين لانتشار هذه الظاهرة. ويتعلق الأمر أساساً بالتسريح الواسع للعمال الذي أفرزته تعاقدات الحكومة مع صندوق النقد الدولي عام 1994، وطاول 450 ألفاً منهم، في أربع سنوات فقط. وتحمّل الحكومة الجماعات الاسلامية المسلحة القسم الثاني من المسؤولية، بسبب تأثيرها في الوضع المعيشي لملايين العائلات التي فقدت أقارب لها خلال السنوات الماضية، ما عزز موجة النزوح الجماعي نحو المدن الكبرى، للنجاة من الموت الذي ظل يتهددهم في استمرار، وهو ما غيّر حسابات الحكومة في معالجة مختلف المشكلات الاجتماعية. لكن خبراء كثراً يحمّلون الحكومة مسؤولية الوضع الذي يعيشه الجزائريون، بسبب سوء تسيير الموارد المالية التي وفرتها الخيرات الباطنية، مثل البترول، والتي أدخلت على الخزينة العمومية هذه السنة فقط، أكثر من 20 بليون دولار. ومما يعاب على الحكم، سوء إدارته الموارد المالية المتاحة له، إذ تضمن الخزينة العمومية سنوياً نحو 13 بليون دولار كناتج بيع النفط والغاز، فضلاً عن تصدير مواد أخرى. لكن ذلك لم ينفع أمام سياسة "النفقات الجنونية" المعتمدة منذ سنوات. فالحكومة الجزائرية توفر منذ اندلاع أحداث العنف، مطلع 1992، حياة البذخ لنحو ألفي كادر في الدولة في المنتجع الأمني الذي أسس في حينه، لحمايتهم من اعتداءات الجماعات الاسلامية المسلحة. وكلفت هذه العملية أكثر من ألف بليون دينار، بحسب اعترافات مسؤولين في الحكومة أكدوا ل"الحياة" ان الدولة التي ترفع الآن شعار "ترشيد الانفاق" لا تزال تنفق أكثر من 60 بليوناً سنوياً لضمان حياة البذخ لهؤلاء. وفضلاً عن هذه النفقات، فضلت صرف الملايين في قطاعات اخرى لضمان "التفاخر" أمام الدول العربية والافريقية، في عودة الى ممارسات أحيتها مطلع السبعينات روح "الزعيم" التي استشرت في مؤسسات الدولة، وعادت مع انتخاب الرئيس بوتفليقة في نيسان ابريل 1999. واحتضنت الاقامة الرسمية للدولة اقامة الميثاق منذ تولي الرئيس الجزائري الحكم أكثر من 50 تظاهرة، لا تقل كلفة الواحدة منها عن 200 مليون سنتيم، فضلاً عن المؤتمرات الوطنية والجهوية والقارية التي كان فندق "شيراتون" مسرحاً لها. مثل هذه النفقات أثقلت كاهل الحكومة حيال الوضع الاجتماعي المتدهور، وحالت دون تكفل تام بآلاف من الفقراء الجدد، عصفت بهم رياح الجماعات المسلحة التي "قطعت الأعناق"، أو ما أصبح يعرف ب"إرهاب الدولة" التي قطعت الأرزاق. وتذكر مجلة اميركية متخصصة في تقويم الأوضاع الاقتصادية ان الجزائر تحتل من سنة المرتبة ال91 من مجموع 140 دولة، على رغم أن ثرواتها الطبيعية تؤهلها ان تكون في مقدم الدول الأكثر بعداً من الفقر. ويؤكد نائب رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي السيد مقيدش هذه الحقيقة. ويقول "إن الجزائر، على رغم ثرواتها وخبراتها، هي الآن في المرتبة نفسها لأفقر الدول، كالنيبال ومملكة ليسوتو". الفقر... الفقر يعتقد محيي الدين الأمقير، وهو من الخبراء الدوليين الذين دعتهم الجزائر الى معاينة هذه الظاهرة، في إطار الندوة الدولية عن "الفقر والإقصاء"، ان مستوى الفقر يحدد للأشخاص الذين لا يستطيعون ان يضمنوا لأنفسهم بين 1200 و2000 حريرة يومياً. لكنه يعترف عقب معاينته الوضع الأليم أن مشكلات الفقر، كما عاينها "أكثر خطورة مما يتجلى في الواقع". ويؤكد أن النسبة الوطنية تضاعفت منذ العام 1994. ويفيد احصاء رسمي صادر عن الوكالة الوطنية لتهيئة الاقليم سنة 1998 ان من مجموع 1541 بلدية في الجزائر ثمة نحو 676 بلدية في 15 ولاية من مجموع 48 تعاني انتشاراً خطيراً لظاهرة الفقر. ويشرح رئيس الجمعية الخيرية الاسلامية الشيخ شمس الدين ل"الحياة"، هذا الوضع الجديد. فيقول: "لا أحد يصدق أن الجزائر، كبلد يملك أحد أهم احتياطات العام من النفط، و1200 كلم من السواحل البحرية، بكل ما تمثله من ثروة سمكية وسياحية، واحدى أكبر الصحارى في العالم، وأخصب الأراضي الزراعية التي جعلت لعاب الفرنسيين يسيل لها الى يومنا هذا، و75 في المئة من شعبه في سن الشباب... يعاني الفقر". ويعتقد رئيس الجمعية نفسها، وهي أكبر تنظيم خيري في البلاد من مجموع 70 ألفاً، ان اسباب الفقر متعددة ومنها: اعتماد المنهج الاشتراكي، عقوداً من الزمن، ما حطّم كل إرادة وحب للعمل والكسب، وانتقال الجزائر في سرعة مذهلة من هذا المنهج الى منهج ليبرالي متوحش افرز جيلاً من العاطلين من العمل خارج المؤسسات، واعتماد نهج "ثقة" الحزب بشخص ما لتعيينه في منصب، بدلاً من كفايته وشهادته العلمية، الأمر الذي شكل طبقة من المنتفعين النفعيين الذين لا يشبعون ولا يقفون عند حد، والبيروقراطية المستحكمة داخل الإدارة الجزائرية التي نجحت في تنفير ألوف المستثمرين وطردهم خارج الدائرة الجزائرية. أما الإرهاب، وعلى رغم شراسته، فكان نتيجة من نتائج التفقير السريع، لا سبباً من أسبابه. ويذكر ان بين أسباب الانتشار السريع للفقر، سوء توزيع الثروة الموجودة الآن في أيدي 10 في المئة من الجزائريين، بينما يعاني سائر الناس الإقصاء والتهميش. ويلخص شمس الدين الوضع، فيذكر ان هناك 8 ملايين أمي و9 ملايين و8 آلاف بنت من دون زواج، منهن 3 ملايين تجاوزن سن الثلاثين، في مقابل 4 ملايين من الشبان المجبرين على ترك العمل بسبب ما يسمى البطالة الاجبارية، فضلاً عن مدينتين تعانيان العطش، هما الجزائر العاصمة ووهران 450 كلم غرباً، ومدينة عنابة 600 كلم شرقاً التي تعاني تلوثاً خانقاً. وبحسب الاحصاءات المتوافرة لدى الجمعية والتي قدمت خلال الندوة الوطنية للفقر، ثمة نحو مليوني جزائري يقيمون في بيوت الصفيح "القصديرية"، فيما الكثافة السكانية تقدر ب12 في المئة. ويذكر شمس الدين ان الجمعية تستقبل يومياً 800 فقير، معظمهم من النساء والأرامل والمطلقات هن في حاجة الى كل شيء، من غذاء ودواء ومأوى. ولكنه، على رغم هذا الوضع، لا يقطع باب الأمل "بخروج الجزائر من نفق الفقر كما خرجت من نفق الاستعمار بالأمس". مزابل... والآتي أتعس ليس هناك أسوأ من أن يجد المرء نفسه مجبراً على زيارة المزابل والقاذورات، في انتظام، بحثاً عن لقمة ما زال فيها ما يؤكل، أو بقايا خضر عافها أصحاب المال، وألقى بها الباعة هناك. قبل سنوات، كان التقاط الخضر من المزابل "عيباً" يشار اليه بالأصابع، أما اليوم فإن كثراً من السكان مقتنعون بأن اللجوء الى هذه الأماكن لجمع ما يمكن أن يصلح للغذاء، أصبح ضرورة لا اختياراً. "لقد ودعنا سنوات الخير"، على ما علق بعض الفقراء الجدد. ويعترف عبدالكريم، وهو صيدلي في منطقة الشرق الجزائري، بصعوبة الوضع الاجتماعي. ويؤكد، على طريقته الخاصة، هذا الوضع الصعب بقوله: ان "معظم الأسر الجزائرية في حال فقر وبؤس لا مثيل لها. تصور مثلاً ان الكثيرين من الموظفين لا يستطيعون دفع ثمن الدواء، فيحاولون الحصول عليه وتأجيل الدفع الى حين تعويضهم من صندوق الضمان الاجتماعي. فكيف يتصرف مواطن لا دخل له إطلاقاً حين يمرض هو أو أحد أفراد أسرته؟". ويقر بأنه قد يتعامل بهذه الطريقة مع معارفه أو بعض الزبائن. لكنه يتعذر عليه أن يقوم بذلك مع كل الناس وفي الكثير من الأحيان يلجأ بعض المواطنين الى التداوي بالأعشاب الطبيعية بدلاً من الأدوية، لغلاء أسعارها. وفي السوق المغطاة بمنطقة ثلاث ساعات في حي باب الوادي الشعبي في الجزائر العاصمة، الساعة الآن الأولى بعد الظهر. تقترب امرأتان من حاوية القمامة، فتشرع الأولى، وهي في سن الثلاثين، في أخذ بقايا خس وجزر رمى بها أحد الباعة قبل لحظات. تقترب مصورة صحافية من المرأتين لالتقاط صورة معبرة عن هذا الواقع التعيس. فتصيح المرأة الثانية محذرة صديقتها من الصحافية. فترد الأولى وفي يدها خضر فاسدة: "لماذا تلاحقوننا؟ حتى هنا في المزابل؟". تعتقد هذه السيدة ان اللجوء الى المزابل يعد "أفضل طريقة لصون كرامتي، فالحصول على القوت من المزابل افضل لي من أن أشحذ". وتسرد وضعها الاجتماعي، فتؤكد أن هذا الوضع كان ضرورياً لأن زوجها سرّح من عمله قبل سنتين، ولم ينجح مذ ذاك في العثور على عمل لسد رمق ابنائه. وفي الكثير من الأحيان، تتحول مراكز جمع القمامات ساحة للشجار بين الفقراء حيث يفضل كل واحد الفوز بأكبر قسط من الخضر واللحوم الفاسدة، علها "تزين" مائدة العشاء. في السابق، كانت مصالح الشرطة تقبض على كل من يقترب من حاويات المزابل، وتنقلهم الى مراكز العجزة ظناً منها أنهم مشرودن. ولكن مع تردي الوضع الاجتماعي أصبحت مثل هذه العمليات من صميم سلوك العشرات من العائلات التي وجدت نفسها أسيرة ظاهرة الفقر. وعلى مر الأيام تخلت قوات الشرطة عن الاعتقالات وفضلت متابعة الوضع، في صمت. القمامة بدلاً عن الاستعطاء مبروكة أم تعودت التردد على السوق الشعبية تتزود ضرورات تضمن لها معيشتها. "أنا أرملة والمعيلة الوحيدة لأسرة إبني. أفضل فرز الفضلات من القمامات على أن أمد يدي الى الآخرين". وتؤكد أنها تلتزم الآداب العامة. "أنا ملتزمة حدودي داخل السوق، وراضية بما أجمعه، أياً يكن، وهو خير من لا شيء". ويؤكد السيد بشير، وهو صاحب محل للخضر والفواكه، أن حال السيدة مبروكة واحدة من عشرات. وقد دفعه هذا الوضع الى عدم رمي الخضر والفواكه الفاسدة، عندما يغلق محله مساء. "عندما استوفي تقريباً كل البضاعة المعروضة ولا يبقى منها ما يصلح للاستهلاك لا أرميه، وإنما يتهافت عليه كثر فيتقاسمونه". وفي بلدية بئر خادم 5 كلم عن وسط العاصمة يصطف العشرات من الشباب والكهول من مختلف الأعمار في انتظار أي مقاول أو شخص يعرض عليهم عملاً، مثل البناء والطلاء وحمل الأثقال، على غرار ما يشبه سوق الرقيق. ومثل هذه الظاهرة تتكرر في بقية أحياء العاصمة وفي المدن الداخلية. ... و"سوسو" أيضاً قد تكون الطفلة "سوسو" أصغر من أجبر على "النبش" في المزابل للحصول على بعض الخضر والفواكه. عمرها عشر سنوات. تلجأ يومياً الى مركز جمع نفايات سوق "كلوزال" وسط العاصمة، لتنافس بقية "الزوار" على القوت الذي يتخلى عنه الباعة، لحظات قبل غلقهم محالهم كل يوم. وتلجأ "سوسو"، كل مرة، الى الاستعانة بدلوين للتمكن من ادخال يدها في حاوية جمع القمامات، فقصر قامتها عامل لا يساعدها في الكثير من الأحيان، في الحصول على المواد الأقل تعفناً. هذه الصغيرة مجبرة على هذا العمل اليومي، لأن أمها فضلت أن تستقر أمام أحد مداخل النفق الجامعي حيث آثرت التسول، طول النهار، بدلاً من "البهدلة" أمام المزابل. إنها حال عائلة من الفئات المتوسطة في المجتمع. السيدة عائشة ألحقت حديثاً و"اضطراراً" بفئة الفقراء بسبب التسريح الواسع للعمال. فأصبحت منذ أشهر من الزوار الدائمين لسوق "علي ملاح" القائمة في "ساحة أول ماي" أيار في العاصمة. وعلى رغم انها تجاوزت الخمسين، وجدت نفسها مجبرة على منافسة بقية السيدات على المزابل، للحصول على بقايا الخضر الفاسدة أو العظام التي يرمي بها الجزارون. وتقول بحسرة كبيرة: "ما كنت أظن يوماً اني سآكل من المزابل". أما السيدة حنفية، فهي عجوز تجاوزت الخمسين، وتقيم في ولاية بومرداس 50 كلم شرقاً. وتقول انها لا تجرؤ على التقاط الخضر من المزابل القريبة من مقر اقامتها، خشية الفضيحة التي قد تهز ابناءها الثمانية، أو زوجها الذي يعيش ظروفاً نفسية صعبة لعجزه عن إيجاد منصب عمل مستقل. لذلك تتوجه يومياً الى العاصمة لتقتات من مزابل بعض الأسواق الموجودة فيها. الوضع نفسه تقريباً تعيشه السيدة فاطمة الزهراء التي كانت تتردد على باعة الخضر والفواكه والدموع تنهمر من عينيها، وقد فرت هي وزوجها وأبناؤها من ولاية المدية 90 كلم جنوباً بسبب تصاعد أعمال العنف التي ترتكبها الجماعات المسلحة. واضطرت أمام الوضع الجديد، الى التردد في استمرار على المزابل، للحصول على "القوت". وفي أحيان قليلة تعمد الى الطلب من التجار الحصول على بعض الخضر من دون ثمن. وتتخوف تقارير رسمية من أن تتحول ظاهرة الفقر وسيلة أو مبرراً للانحراف في المجتمع. وتشير مختلف التقديرات الرسمية الى زيادة التجارة بالمخدرات واللجوء الى المهن المخلة بالحياة مثل الدعارة والبغاء. ويشير السيد العربي، وهو محام، الى أن "الانحراف خيار أصبح مفروضاً فرضاً، في ضوء واقع اقتصادي مرير"، خصوصاً ان الطلب على سوق العمل لا يزال يتضاعف من يوم الى آخر. خطة حكومية متأخرة وتعتقد الحكومة ان محاربة ظاهرة الفقر ينبغي ان تتم في موازاة مكافحة ظاهرة الإقصاء الاجتماعي. لذلك أعدت، بالاتفاق مع الخبراء، خمسة برامج بكلفة 14 بليون دولار لتقليص هذه الظاهرة بين 2001 و2005. ويرى وزير التضامن الوطني السيد جمال ولد عباس ان تطبيق هذه الاستراتيجية، للمرة الأولى، سيكون على أساس "عمل ميداني واقعي" أنجزه خبراء جزائريون وأجانب من خلال زيارات قادتهم مختلف المناطق الجزائرية، وهي تمس مجالات السكن والقروض المصغرة وتطوير الفلاحة والعالم الريفي، اضافة الى التكوين والصحة والعمومية. ففي مجال الفلاحة، سيتم تمويل القطاع بغلاف مالي يقدر ب771 مليون دولار يسمح بتوفير 585 ألف فرصة عمل. لكن الرئيس بوتفليقة فضل اعتماد أسلوب آخر في معالجة هذا الوضع، من خلال التركيز على العمل التضامني بين الأثرياء والفقراء. وهو المطلب الذي يكاد يفقد مبرراته نظراً الى أن الكثيرين من الجزائريين ينظرون الى "الأثرياء الجدد" على أنهم طفيليون، وأن ثرواتهم اكتسبت على حسابهم وعلى حساب تخليهم عن سرقة الأملاك العمومية التي بيعت بالدينار الرمزي قبل سنوات قليلة فقط. وأياً تكن الأسباب والمبررات، يبقَ ان ثمة مجتمعين في الجزائر: الأول يستفيد من الريع ومن كل التسهيلات بما في ذلك الحصول على الفيلات الفاخرة والمصانع ب"الدينار الرمزي"، والثاني يحرم الحصول حتى من السكن الاجتماعي الموجه اليه أساساً.