} يبحث سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن اليوم مشروع قرار فرنسي يسعى الى معالجة بعض جوانب الأزمة النفطية مع العراق باقتراح "عنصر نقدي" يسمح للحكومة العراقية بموجبه انفاق الأموال على الصناعة النفطية لتغطية نفقات الانتاج. أجرى المشرفون النفطيون العاملون في برنامج الأممالمتحدة للعراق أمس اتصالات ب"شركة تسويق النفط العراقية" بهدف معالجة أزمة تسعيرة النفط التي ساهمت في وقف العراق ضخ النفط وتصديره بعدما رفض المشرفون النفطيون آلية التسعير التي اقترحتها بغداد. وارتكزت الاستراتيجية العراقية الى تقويض أهم عنصر في برنامج العقوبات وهو عدم السماح للحكومة العراقية بتسلم أموال العائدات النفطية مباشرة، وعدم السماح لها بانفاقها الا بعد موافقة الأممالمتحدة واشرافها عليها. ويطالب العراق بأن تعطى الأموال للوزارات العراقية المعنية للانفاق، مثل وزارة النفط لتغطية نفقات انتاج النفط، أو وزارة الصحة لصيانة المستشفيات. وهو في ذلك يعمل على استعادة "السيادة" التي قوضتها العقوبات كالاستثناءات التي وردت في برنامج "النفط للغذاء والدواء" بشروط تعتبرها بغداد "مذلة". وضمن المطالب العراقية التي رفضتها الأممالمتحدة "آلية تسعير" نفطية اعتبر المشرفون النفطيون انها لا تتناسب مع الأسواق ووسيلة للقفز على القيود من خلال التعامل مباشرة مع الشركات النفطية للحصول على مبلغ نصف دولار للبرميل. وعملت لجنة العقوبات المؤلفة من اعضاء مجلس الأمن ال15 على صيغة سمحت للعراق بالاستمرار بضخ النفط وبيعه من دون أسعار متفق عليها الى حين موعد تسلم المدفوعات في غضون شهر من الشحنات. وأوقف العراق عملية تصدير النفط بذريعة ان المشترين يرفضون الشراء من دون وجود تسعيرة واضحة. وأسرعت لجنة العقوبات المعروفة بلجنة 661 الى العمل على شروط المرحلة التاسعة من المبيعات النفطية العراقية علماً ان المرحلة الثامنة التي بدأت قبل ستة أشهر تنتهي غداً. واتخذ الأمر طابعاً طارئاً نظراً الى استعداد العراق التوقف عن بيع النفط لأن في "حساب العراق" الذي تسيطر عليه الأممالمتحدة ما يفوق 12 بليون دولار من العقود، منها المعلق لأسباب مرتبطة بمواقف الولاياتالمتحدةوبريطانيا ومنها متعلقة بالاجراءات البيروقراطية. وطرحت فرنسا مشروع قرار في لجنة العقوبات تنوي عرضه اليوم أمام السفراء، ويتضمن اجراءات لتحسين المرحلة التاسعة من المبيعات النفطية العراقية. ومن بين الاجراءات المقترحة في المشروع الفرنسي، أولاً "العنصر النقدي"، وثانياً السماح للعراق بتسديد التزاماته المترتبة على عضويته في المنظمات الدولية مثل الأممالمتحدة، وثالثاً تحويل صلاحيات الموافقة على عقود التعليم والكهرباء والمواصلات والاسكان من لجنة العقوبات الى الأمانة العامة للأمم المتحدة، ورابعاً اعطاء لجنة "انموفيك" ورئيسها هانز بليكس صلاحية الحسم في حال كانت العقود المعلقة ذات "استخدام مزدوج" بدل ترك القرار للاعتبارات السياسية التي تأخذ بها دول مثل الولاياتالمتحدةوبريطانيا. وتعتقد مصادر مطلعة بأن رأي لجنة "انموفيك" في شأن 180 من العقود المعلقة يناقض تقويم الولاياتالمتحدةوبريطانيا لها على رغم ان الأسس القانونية للتعليق مرتبطة بما إذا كان العراق سيطبق "الاستخدام المزدوج" عليها، أي استعمالها لإحياء برامج التسلح المحظورة. واقترحت بريطانيا ان يتضمن القرار اعداد التقارير عن عمليات التهريب من العراق واليه. ووجد الاقتراح ترحيباً من فرنسا شرط ان يقترن بذلك تقرير عن وطأة العقوبات على الدول الثالثة لضمان عدم استمرار التمييز بين الدول المجاورة للعراق عبر وضع بعضها في خانة المادة 50 من الميثاق مثل الأردن وتركيا، وعدم تطبيق تلك المادة على سورية مثلاً. وينطلق الاقتراح الفرنسي في شأن "العنصر النقدي" من لغة واردة في القرار 1284 الذي يرفض العراق التعامل معه ولا يشارك في مناقشته. لكن فحوى الاقتراح قد يكون الوسيلة للخروج من المأزق النفطي الحالي المترتب على وقف الصادرات العراقية. وقالت مصادر مطلعة ان "محادثات على مستوى عال" جرت بين العواصم المعنية، بينها واشنطن وباريس، وبين الأممالمتحدة لمعالجة المأزق والأزمة الراهنة. وتهدف الصيغة الفرنسية وراء التجاوب مع جزء من مطلب العراق بتخصيص الأموال لتغطية نفقات الانتاج النفطية واعطاء صلاحية انفاقها الى الحكومة العراقية، أي مع الاصرار على "ضمانات" واجراءات السيطرة على كيفية الانفاق. كما تعالج الاقتراحات الفرنسية موضوع قطع الغيار للمنشآت النفطية عبر تخصيص 600 مليون دولار للمرحلة التاسعة، كما جرى في السابق. ووافقت الولاياتالمتحدة أول من أمس على "قائمة" قطع غيار كانت معلقة منذ تموز يوليو الماضي من دون أسباب مقنعة. واطلاق القائمة الآن يفتح الباب للنظر في العقود المعنية بقطع الغيار. وينقسم اعضاء لجنة العقوبات - مجلس الأمن، الى ثلاث مجموعات، الأولى ايديولوجية تضم الولاياتالمتحدةوبريطانيا وهولندا وكندا، وهي دول تعارض أي تجاوب أو تساهل مع المطالب العراقية. والثانية ايديولوجية معارضة تضم بعض الدول غير المنحازة وروسيا والصين. والمجموعة الثالثة تضم بعض الدول غير المنحازة، وفرنسا تعمل على تحسين شروط برنامج "النفط للغذاء" كي لا يسقط نتيجة التصعيد والمواجهة. وأعلن الأمين العام، كوفي انان، في تقريره الأخير انه ينوي اجراء مراجعة عامة في كيفية تناول العقود بهدف معالجة الناحية البيروقراطية وتفادي التأخير. وقال ان العقوبات تفتك بالبنية التحتية العراقية وتسبب المعاناة للشعب العراقي، وان رفعها يتطلب "ايجاد وسيلة ما لامتثال الحكومة العراقية لقرارات مجلس الأمن".