Christine Deviers - Joncour. Operation Bravo - OU sont Passees les Commissions de la Vente des Fregates a' Taiwtan? العملية برافو: أين ذهبت عمولات بيع الفرقاطات الى تايوان؟. Plon, Paris. 2000. 192 Pages. يبدو انه موسم الفضائح في فرنسا. فبعد ان انفجرت فضيحة كزافيير تيبري، زوجة عمدة محافظ باريس جان تيبري، التي تقاضت عمولة 200 ألف فرنك فرنسي على تقرير وهمي كلفت بإعداده من قبل بلدية محافظة الإيسون، وبعد ان انفجرت فضيحة الوظائف الوهمية في أمانة العاصمة الباريسية التي طالت برذاذها جان تيبري نفسه، خليفة جاك شيراك في عمدة باريس، وبعد انفجرت فضيحة دومينيك ستروس - خان، وزير الاقتصاد اللامع في حكومة جوسبان الاشتراكية لتقاضيه عمولات كاذبة من الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا على أعمال لم يقم بها، مما اضطره في خاتمة المطاف الى تقديم استقالته بانتظار محاكمته، وبعد ان انفجرت فضيحة الكاسيت الوهمية لجان كلود ميري، المسؤول عن لجنة المناقصات في أمانة العاصمة الباريسية، الذي كشف عن رشاوى بعشرات الملايين من الفرنكات كان يدفعها بيده الى محاسبي الاحزاب الفرنسية، اليمينية واليسارية على حد سواء، فضلاً عن خمسة ملايين فرنك سلمها باليد، كما جاء في الكاسيت - الوحيد، لميشال روسان، مدير مكتب جاك شيراك، يوم كان لا يزال رئيساً للوزراء، وبحضور شيراك شخصياً. وبعد ان انفجرت فضيحة المناقصات الكاذبة في بلدية باريس التي درّت عشرات الملايين من الفرنكات على حزب "التجمع من أجل الجمهورية" الديغولي - الشيراكي، والتي أدت الى اعتقال المسؤولة المالية في هذا الحزب، فضلاً عن ميشال روسان، الذراع اليمنى لجاك شيراك في الاطوار السياسية الثلاثة من حياته: رئيساً لبلدية باريس، ورئيساً للوزراء في عهد ميتران، ورئيساً حالياً للجمهورية، بعد هذا كله، عاودت الانفجار في تشرين الثاني نوفمبر 2000 فضيحة عمولات الفرقاطات الفرنسية الست المباعة لتايوان عام 1991، على أثر اصدار كريستين ديفييه جونكور، بطلة هذه الفضيحة، كتابها الجديد عن "عملية برافو" بعد ان كانت فجرت فصلاً من هذه الفضيحة عينها في كتابها "مومس الجمهورية"، وهو اللقب الذي كان أطلق عليها في اشارة الى علاقتها الجنسية والمالية معاً برولان دوما، وزير خارجية فرنسا في عهد ميتران. فما هي خلاصة قصة الفرقاطات الست وعمولاتها؟ في 1988 جرت مفاوضات أولية بين ممثلي وزارة الدفاع في الصين الوطنية وبين شركة طومسون الفرنسية المؤممة لبيع تايوان ست فرقاطات متطورة للغاية تقنياً لقدرتها على حمل صواريخ بحر - بحر وبحر - جو، وطوربيدات ورادارات ومهابط هليكوبتر، مما يجعلها قادرة على مواجهة الطائرات والغواصات معاً، فضلاً عن القدرة على ضرب قواعد الصواريخ العدوة. وكان من المقدر ان يعقب هذه الصفقة، التي اطلق عليها اسم "عملية برافو"، صفقة أخرى باسم "تانغو" لبيع تايوان ستين طائرة ميراج 5/2000 مجهزة بصواريخ ميكا. وكانت قيمة هذه الصفقة المزدوجة تقدر بنحو 35 مليار فرنك، وهو مبلغ ضخم يمثل 3 في المئة من الميزانية السنوية للدولة الفرنسية. والحال ان قصر الاليزيه الرئاسي، الذي كان يشغله في حينه فرانسوا ميتران، اخذ موقفاً معارضاً من الصفقة تحاشياً لإغضاب الصين الشعبية التي كانت - ولا تزال - تعتبر جزيرة تايوان جزءاً لا يتجزأ من ترابها الوطني، واليها ينبغي ان تعود كما عادت فيما بعد هونغ كونغ وماكاو. لكن المسؤولين عن صفقات السلاح في شركة طومسون، ممن سال ريقهم للارباح التي يمكن ان تدرها "عملية برافو" على الشركة المؤممة وللعمولات المقدرة بعشرات الملايين من الفرنكات، التي لا بد ان تصب في جيوبهم الخاصة، لم يستسلموا بسهولة لقرار الإليزيه السلبي، وسعوا الى الالتفاف عليه من خلال شخص رولان دوما الذي كان - فضلاً عن شغله منصب وزارة الخارجية التي لها كلمتها الحاسمة في الموضوع - صديقاً شخصياً ومستشاراً موثوقاً لفرانسوا ميتران. والحال ان رولان دوما كان يشكو من نقطة ضعف مزدوجة: حبه لترف العيش وللنساء الجميلات. ومن هنا وقع الاختيار على "بطلتنا" لتكون هي عامل الانقلاب في قرار قصر الإليزيه بوساطة قصر "الكيه دورسيه" مقر وزارة الخارجية الفرنسية. والواقع ان كريستين ديفييه جونكور لم تكن في حينه الا "جاسوسة" اعتمدتها شركة "الف" المؤممة للنفط لتسهيل المعاملات المتعلقة بصفقاتها الخارجية، وأجرت لها مقابل تجسسها وتدخلاتها لدى كبار موظفي "الكيه دورسيه" مرتباً شهرياً وصل في 1989 الى اكثر من 90 ألف فرنك فرنسي، بالإضافة الى بطاقة اعتماد مفتوحة بحدود نصف مليون فرنك في السنة. وبما ان شركة طومسون كانت على صلة حميمة، من منظور شبكة العملاء والعمولات بشركة "الف"، فقد تدخلت لدى هذه الأخيرة لكي تحرك "جاسوستها" في "الكيه دورسيه" لتنتزع، من خلال وساطتها الجنسية والمالية معاً، قراراً ايجابياً من وزير الخارجية رولان دوما بالموافقة على صفقة "برافو". وقد تم "التفاهم" على ان تتقاضى كريستين ديفييه جونكور، مقابل "وساطتها" هذه مبلغ 45 مليون فرنك، وعلى ان تتقاضى شركة "الف" نفسها عمولة رسمية بمقدار 1 في المئة من مبلغ الصفقة، أي ما يعادل 120 مليون فرنك. ولا يتسع المجال هنا للدخول في التفاصيل. انما المهم ان كريستين صارت تدعو رولان الى المطاعم الفاخرة، وتقدم له هدايا ثمنية، ومنها تماثيل فنية بقيمة 300 ألف فرنك، وحذاء فاخر - بات أحدوثة الصحافة الفرنسية - بقيمة ألفي دولار، مستخدمة في كل ذلك بطاقة الاعتماد المفتوحة المعطاة لها من شركة الف. ثم كان تطور كبير عندما أبلغت كريستين رولان ان الشركة إياها قررت ان تهديها شقة في شارع ليل في حي سان جرمان الباريسي الأنيق لتكون "عشاً" لهما. ولم يكن هذا إلا مجرد تعبير. فالشقة كانت كبيرة بسعة 343 م2، وبسعر واحد وخمسين ألف فرنك للمتر المربع الواحد، مما جعل اجمالي قيمتها 18 مليون فرنك، دفعت شركة إلف 14 مليون فرنك منها بموجب حوالة على مصرف سويسري، ودفعت كريستين الباقي 4 ملايين فرنك من رصيد عمولتها على عملية برافو. ولم يكن يكفي ان يتعهد رولان دوما بعدم وضع "العصي بين عجلات" العملية. فقد كان لا بد ايضاً من تذليل معارضة ميتران، سيد قصر الإليزيه في حينه. ويبدو ان المخابرات الفرنسية، المتعاونة مع شركتي طومسون وإلف معاً، هي التي تكفلت تدبير الحل. فقد أوصلت الى رئيس الجمهورية تقريراً "سرياً" كاذباً يفيد بأن حكومة بكين لم تعد تعارض الصفقة، نظراً الى ان الصين الشعبية ستستعيد في أجل قريب جزيرة تايوان، وبذلك ستضع يدها على الفرقاطات التي ستباع الى تايوان من دون ان تدفع قرشاً واحداً من جيبها. والعجيب - وهنا لا بد من وضع اشارة تعجب ! - ان الرئيس ميتران صدق محتوى التقرير السري وأعطى في نهاية المطاف موافقته على الصفقة. وفي 12 آب اغسطس 1991 تم التوقيع على عقد بيع الفرقاطات الست، ولكن مع تصنيفه حالاً في عداد "أسرار الدفاع الوطني". ومع ان العقد نص على ان الفرقاطات ستسلم بلا سلاح، فقد كان متفقاً عليه ضمنياً ان شركة ماترا ستتولى تجهيز الفرقاطات بالصواريخ والطوربيدات، وهذا في اطار صفقة اضافية عمّدت باسم "عملية تانغو". وقد كان من المفترض ان ترتفع عمولة كريستين من جراء ذلك الى 80 مليون فرنك فرنسي. ولكن خلافاً لما هو متوقع، فقد انفجر علناً الخلاف بين شركتي طومسون والف، عندما رفضت الأولى ان تدفع للثانية عمولة ال1 في المئة المقررة، أي ما يعادل 160 مليون فرنك فرنسي، فكان ان تقاضيتا أمام محكمة سويسرية في جنيف، فحكمت بتغريم شركة طومسون كامل المبلغ مع فوائده، مما رفع الرقم الى 230 مليون فرنك. ومع انفجار الخلاف بين الشركتين انفجرت فضيحة "مومس الجمهورية"، فاعتقلت وقضت شهوراً "رهيبة" في سجن "فرين" المشهور بقسوة الحياة فيه. ولم يطلق سراحها - مع بقائها رهن التحقيق القضائي - الا بعد ان ردت الى الخزينة الفرنسية مبلغ 24 مليون فرنك من العمولة التي قبضتها. اما رولان دوما، فقد اضطر الى تقديم استقالته من منصبه اللاحق كرئيس للمجلس الدستوري الأعلى بانتظار محاكمته هو الآخر. والخطورة في عملية برافو انها إن لم تكن من الجانب الفرنسي اقتصرت على فضيحة سياسية - جنسية - مالية، فانها استتبعت من الجانب الصيني لا تورط شخصيات سياسية وعسكرية مهمة، وفي عدادها تيان كنغ ابنة الرئيس الصيني السابق ليو شاو شي، فحسب بل أدت ايضاً الى تصفية حسابات أخذت شكل "اغتيالات" و"انتحارات"، ومنها على سبيل المثال تصفية الكولونيل ين شين فنغ، الرجل الثاني في البحرية التايوانية الذي وجدت جثته عائمة في ميناء العاصمة تايبه في كانون الأول ديسمبر 1993. ويبدو ان هذا الضابط كان مكلفاً من قبل السلطات الصينية الوطنية، بالتحقيق في ملف العمولات التي قبضها سياسيون وعسكريون ومافيوزيون صينيون والتي قدرت بأربعة أضعاف ما قبضه الوسطاء الفرنسيون، أي بأكثر من بليون ونصف بليون فرنك فرنسي. يضاف اليها خمسمئة مليون فرنك دفعت الى موظفين كبار في الصين الشعبية نفسها لإطفاء غضب حكومة بكين.