قالت مصادر مطلعة أن الحكومة الجزائرية قررت إعادة نشر قوات أمنية ووحدات من الجيش في المناطق التي تعرف تصعيداً ملحوظاً لأعمال العنف منذ أكثر من شهر. وتشمل إعادة الإنتشار هذه المناطق التي تأكد وجود مجموعات مسلحة بأعداد كبيرة فيها مثل منطقة "مثلث الموت" الذي يضم ولايات المدية وعين الدفلى والشلف وهي مناطق جبلية متقاربة تتميز بوعورة مسالكها وصعوبة محاصرتها كونها تربط سهول المتيجة بسلسلة جبال الورسنيس الممتدة الى غاية الحدود مع المغرب. وأفادت صحف محلية ان الجماعات الإسلامية المسلحة قتلت أكثر من 300 مواطن خلال شهر رمضان الماضي، في أكبر تصعيد لعملياتها منذ وصول الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الى الحكم قبل سنة ونصف سنة. وشنت صحف وأوساط سياسية حملة ضد رئيس الجمهورية واتهمته بتمكين الجماعات المسلحة من إعادة تنظيم نفسها من خلال تدابير العفو الجزئي والكلي الذي أقره قانون الوئام. وأعلنت وكالة الانباء الجزائرية ان وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد نورالدين يزيد زرهوني رأس، الإثنين، أول إجتماع للجنة الأمنية لولاية الشلف للبحث في تدابير الإنتشار الجديد لفرق الجيش وقوى الأمن في الولاية. وحضر اللقاء مسؤول الأمن الوطني السيد علي تونسي ومسؤول القطاع العسكري. وقال وزير الداخلية في تصريح أوردته وكالة الانباء الرسمية: "لم يعد لنا من خيار سوى محاربة الجماعات الارهابية التي لا تزال تتصرف كوحوش". ولاحظ أن العمليات المسلحة الاخيرة تؤكد أن "هؤلاء الارهابيين محاصرون ... فالعمليات الاجرامية تهدف الى فك الخناق عن الجماعات الارهابية وحملنا على جلب أكبر عدد من قوات الامن نحو المراكز الحضرية". ودعا أئمة مساجد العاصمة، أمس، الشعب الجزائري إلى "المزيد من التضامن وتضافر الجهود وشحذ العزائم والهمم" لمواجهة المتاعب التي تعصف بالجهود للوصول إلى "شاطئ النجاة". ولوحظ غياب الخطب التي تحض على "التوبة" و"العودة إلى الرشد"، والتي كان الخطباء يركّزون عليها منذ 1995. ويبدو ان ذلك تم بإيعاز من مراجع عليا نظراً إلى تزايد الإنتقادات لسياسة التوبة أمام عناصر الجماعات المسلحة. وذكر إمام مسجد الجامع الكبير في العاصمة، حيث أدى الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة صلاة العيد برفقة عدد من الوزراء والمسؤولين، أن خلاص الجزائريين في "نبذ الخلاف لتحقيق الوحدة والتلاحم" من خلال مساندة "كل الجهود التي تبذل تحت راية الإلفة والمحبة والوئام". وتلقى الرئيس الجزائري تهاني جموع من المصلين في مسجد الجامع الكبير. وانتقل بعد ذلك إلى "قصر الشعب" حيث تلقى تهاني أعضاء الحكومة والسلك الديبلوماسي وكبار الموظفين في الدولة. وخيم جو من السكينة والهدوء على مقابر مدينة الجزائر العاصمة خصوصاً في "العاليا" و"قاريدي" و"القطار". وامتلأت المقابر بحشود من المواطنين جاؤوا لزيارة قبور موتاهم وهم في الغالب ضحايا أعمال العنف التي تهز البلاد منذ سنوات.