سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المجلس النيابي اللبناني يصوت اليوم على منح الثقة للحكومة الجديدة . كرامي يدعو الى مؤتمر وطني يبحث "القضايا الخطيرة" ونسيب لحود يحدد ثلاثة محاور لتصحيح العلاقة مع سورية
يختتم مساء اليوم المجلس النيابي اللبناني مناقشة البيان الوزاري للحكومة الجديدة بالتصويت على الثقة بعد رد للرئيس رفيق الحريري على مداخلات النواب خلال أطول جلسة ماراتونية لم تشهدها ساحة النجمة مقر البرلمان من قبل، وحفلت بمواقف متباينة تناولت في معظمها العلاقات اللبنانية - السورية وتراوحت مطالبة النواب بين إعادة انتشار الجيش السوري وبين جلائه عن لبنان في مقابل إصرار البعض على تمتين العلاقات وتوثيقها بذريعة أن ملف الصراع اللبناني - الإسرائيلي لم يقفل ما دامت إسرائيل تحتل مزارع شبعا. ورأى النائب نسيب لحود في مداخلته في الجلسة المسائية التي عقدت أمس، "أن المشكلات المعقدة التي تعتري العلاقات اللبنانية - السورية لا يمكن اختصارها هكذا بكلمة "ثغرات"، كما جاء في البيان الوزاري الذي لا يورد أي تفصيل عن هذه الثغرات". وقال: "إن أصوات الشكوى من هذه المشكلات لا يمكن إسكاتها بدعوى العلاقات المميزة حيناً أو بدعوى الإجماع الوطني أحياناً أخرى". وإذ أكد "أن تصحيح هذه العلاقات بات من الأولويات"، رأى "أن ذلك يتم على ثلاثة محاور: الوجود العسكري السوري ومدى الحاجة إليه وحجمه ونطاقه الجغرافي ومداه الزمني وهنا يجب أن تتم دراسة أوضاع نقاط التمركز السوري في ضوء الاعتبارات الاستراتيجية للبلدين وحاجات لبنان الأمنية، والحضور السوري في الشؤون الداخلية اللبنانية والخلل الذي يحدثه هذا الحضور في عمل المؤسسات اللبنانية والضرر الذي يلحقه بالعلاقات بين الدولتين، والخلل في العلاقات الاقتصادية بين البلدين ولا سيما التدفق العشوائي لليد العاملة من ناحية وللبضائع والمنتجات الزراعية من ناحية ثانية، فالدورة الاقتصادية اللبنانية قد تكون في حاجة الى بعض شرائح القوى العاملة السورية، لكن الدخول العشوائي للعمالة الماهرة السورية يدفع بعدد كبير من الحرفيين اللبنانيين الى البطالة، وهذا امر لا يجب أن يرضاه لا لبنان ولا سورية، والصناعة اللبنانية التي بدأت تعود الى الحياة بعدما عانت كثيراً خلال الحرب لا تتحمل الإغراق الخارجي ولا الدخول العشوائي للبضائع وما يسري على الصناعة يصح بصورة أقوى على الزراعة". واعتبر "أن هذه المشكلات المعقدة تتطلب بحثاً تفصيلياً من قبل الحكومة اللبنانية أولاً وبين الحكومتين ثانياً، ولا يجوز ان تهمل الحكومة اللبنانية واجبها في هذا المجال أو أن تتقاعس عن مسؤولياتها، ولا يجوز خصوصاً أن تطالعنا الحكومة بأجوبة جاهزة لأسئلة على هذا القدر من التعقيد كأن المقصود هو إبقاء الحظر على البحث في هذه المواضيع من قبل القوى السياسية أو من قبل مرجعيات وطنية كبيرة كبكركي. إن في هذا السلوك ضرراً كبيراً للبنان وضرراً كبيراً لسورية وضرراً أكبر لمستقبل العلاقة بين البلدين". وانتقد لحود في مداخلته "مرحلة امتدت طوال السنتين الماضيتين دفع اللبنانيون خلالها ثمناً غالياً من اقتصادهم وحقوقهم وحرياتهم لقاء مشروع سلطوي عمد إلى تهميش مجلس الوزراء كمؤسسة وإلى تهميش الوزراء كشركاء في السلطة والقرار السياسي، فغدت السلطة الفعلية تمارس من مكان آخر، في غرفة ضيقة لا تتمتع بأية صفة دستورية تستعين بمندوبين ومراقبين في كل الوزارات والإدارات يمارسون ما يشبه الوصاية حتى على الوزراء انفسهم". وقال: "هذا المشروع السلطوي تنكر بزي الإصلاح وتذرع بأخطاء المرحلة التي سبقته، وهي لا شك كانت كثيرة وتستحق التصويب فانقض اصحاب المشروع على الحريات باسم الدفاع عنها فأبيح حق التظاهر نظرياً فيما قمعت التظاهرات، ودُجنت وسائل الإعلام وفُرض الصمت عليها، وحلت المصادر والأشباح في التصريح مكان الوزراء والمسؤولين وصادرت أصواتهم، وشُلت الإدارة باسم الإصلاح وزُرع فيها المحاسيب والأزلام وتم التنكيل بالموظفين الأخصام ومعظمهم ليسوا من المرتكبين، فاختلط الإصلاح مع المحاسبة، والمساءلة مع تصفية الحسابات السياسية فكانت الملفات تفتح بسحر ساحر وتقفل بقدرة قادر فأصبح المعارضون والأخصام يلقون المعاملة نفسها كما المقصرين أو المرتكبين، فيساقون إلى المحاكم ويودعون السجون، حتى ولو كانوا أبرياء، فيما المرضي عنهم وأزلام السلطة يتعززون حتى ولو كانوا من غلاة الفاسدين". وإذ أشار "الى أثر ذلك على تفاقم الأزمة الاقتصادية وإحجام المتمولين عن الاستثمار وتفشي البطالة واتساع رقعة الفقر وتزايد الهجرة، توقف عند الانتخابات النيابية التي كان لها دور مهم في تظهير المأزق حيث عبّر الناخبون وفي مناطق عدة وبقدر ما استطاعوا في ظل قانون مجحف وإدارة سيئة منحازة للانتخابات عن رفضهم القاطع لهذا النهج وأساليبه القمعية ونتائجه الكارثية". وقال: "إن الدرس الأول من كل ما جرى أن لبنان لا يمكن أن يحكم بالتسلط ولا بالتفرد ولا من خارج المؤسسات الدستورية ولا بتجاوزها، وأن الديموقراطية والتعددية والحرية وإن كانت غير مكتملة وتشوبها الشوائب تبقى حجر الزاوية في البنيان السياسي السليم وحجر الأساس لتأمين الاستقرار والازدهار ونأمل من الجميع أن يكونوا استوعبوا هذا الأمر جيداً". وانتقد وجود مشاركة البعض في الحكومة "ممن لا تتوافر فيهم أي شروط موضوعية لتبوؤ سدة المسؤولية أو توزير آخرين غيرهم ممن لم يبرعوا بشيء سوى بغيابهم اللامع أو بصمتهم المدوي طوال سنوات نيابتهم، أما بدعة البدع فهي انتقال الوزارات بالوراثة كأنها ملك خاص كما العقارات والسيارات وفرش المنازل". ورأى "أن المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه هذه الحكومة هو المحاصصة، وكل شيء يهون على مذبح المحاصصة، ففي يوم القسمة والتقاسم، تبخرت شعارات المساءلة والملاحقة وغُض النظر عن ملفات قضائية كانت فتحت في الأصل كيداً واستنساباً ليتبين جلياً أن هذه الشعارات الطنانة المقتبسة لم تطرح يوماً إلا لذر الرماد في العيون، والدرس الثاني الذي كان يجب أن يأخذ به مؤلفو هذه الحكومة، جميع المؤلفين هو أن بديل التفرد والتسلط ليس المحاصصة، والدرس الثالث هو أن المساءلة والمحاسبة ليستا موسماً سياسياً والعدالة ليست أداة أو سلاحاً في يد السلطة تشهره استنساباً متى تشاء وتخفيه استنساباً متى تشاء". واعتبر أنه "كلما كبرت الحكومة كلما أدى ذلك الى تفتيت السلطة التنفيذية، وكلما عبدت الطريق أمام عودة الترويكا أو ما يشبه الترويكا من بدع غير دستورية"، ولاحظ عدم تعهد الحكومة "تعهدات ملموسة تلتزم الحكومة تنفيذها". وسأل "عن صدقية الحكومة في التعامل مع موضوع سيادة القانون وحماية المواطن وحقوق الإنسان حين نرى توقيفات سياسية يتم نفي العلم بها أولاً وبطريقة استعراضية ثم ما تلبث المصادر المسؤولة أن تعترف بها ضمناً". وإذ سأل عن مصير البرنامج الخمسي للتصحيح المالي الذي وضعته الحكومة السابقة وعن المشاريع التي ستعمل الحكومة على إطلاقها والآليات والضوابط المنوي اعتمادها لمنع الاحتكار في مجال الخصخصة، توقف عند مسألة "تطبيع الحياة السياسية وإقفال صفحة الحرب وإنجاز المصالحة الوطنية". قائلاً: "إنه لا يجوز أن يكون هناك فرقاء سياسيون لا يزالون خارج النظام السياسي وخارج الشرعية السياسية وأن يلاحق الناشطون ويبقى قادة معتقلين وآخرون منفيين". وشدد على ضرورة تحقيق السيادة اللبنانية في مناطق الجنوب المحررة عبر نشر الجيش اللبناني. وفي قضية مزارع شبعا قال لحود: "ينبغي على لبنان وفي أقرب فرصة وبعد تأكيد سورية والجامعة العربية لبنانية هذه المنطقة أن يستكمل دولياً ملف إثبات ملكيته لها بالتعاون مع الاخوة في سورية وأن يتوجه الى مجلس الأمن طالباً منه تعديل الخط الأزرق كي يشمل هذه المزارع ولا حجة لمجلس الأمن كي يرفض للبنان هذا الطلب". وأشار الى أن ثقته بقدرات الرئيس الحريري "ليست شيكاً على بياض". ورفض منح الحكومة الثقة. وكان رئيس الحكومة السابق النائب عمر كرامي آخر المتحدثين في جلسة ليل أول من أمس فقال: إن الحريري عاد الى الحكم بتأييد شعبي كاسح، وأريد أن أصارحك "أن هذه الثقة هي عبء كبير عليك لأن المسؤولية هي بضخامتها والناس تعتقد عن حق أو عن غير حق بأنك تملك المعجزات وزمن المعجزات قد ولى، من هنا عليك الانتباه لأن الناس صبرها قصير وتأمل منك الكثير وهذا ما صارحتك به يوم تشرفت بزيارتي". وبعد أن أشار كرامي الى أن من أسباب الأزمة هي المبالغ الكبيرة التي صرفت والدين الكبير الذي أصبح يتجاوز ال21 بليون دولار، تطرق الى مسألة الوجود السوري، وقال إنه يتبنى ما ورد على لسان الحريري في رده على النائب الدكتور البير مخيبر. وأضاف: "على رغم أني أؤيد كلامك، أود أن أقول لك الحقيقة، وهي تتعلق بوحدتنا الوطنية التي هي أساس وجود هذا الوطن، لكن يجب أن تعرف أن في مجتمعنا تعددية وقناعات مختلفة وإن ما قاله غبطة البطريرك نصرالله صفير، والدكتور مخيبر والنائب وليد جنبلاط، يعبّر عن رأي شريحة من اللبنانيين ولا يمكن معالجة هذا الموضوع إلا بالحوار العقلاني وليس بالردود الضيقة". ولفت الى أنه كان على قناعة عندما أطلق نداء من بكركي الى رئيس الجمهورية إميل لحود متمنياً عليه الدعوة الى مؤتمر وطني تبحث فيه كل القضايا الخطيرة وغير الخطيرة التي يختلف عليها اللبنانيون للوصول الى حلول يقتنع بها الجميع. وشدد كرامي على حماية الحريات العامة وطالب بتطوير القضاء ووقف تدخل السياسيين في شؤونه، وقال: "إن البيان الوزاري ما هو إلا إعلان عن النيات، ونحن قررنا منحك الثقة، لمدة ثلاثة أشهر لنقرر بعدها الموقف الذي سنتخذه في ضوء ما ستفعله الحكومة في تصديها للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، ودعا الى معاملة الموقوفين في حوادث الضنية بروح القانون والرحمة مؤكداً أن لا علاقة لمعظم الموقوفين بهذه الحوادث، إذ إنهم اضطروا للجوء الى هذه المنطقة خوفاً من الملاحقات التي تعرضوا لها باستمرار إثر إلقاء المتفجرات أمام باحات بعض الكنائس في طرابلس، وقد اعترف بعضهم بعلاقته تحت الضغط. وتحدثت النائبة نائلة معوض فقالت: "كنا ننتظر تشكيل حكومة استثنائية لظروف وأوضاع استثنائية وحكومة وفاق وطني، فوجئنا بحكومة محاصصة تذكرنا بتجارب الماضي". وتوقفت عند موضوع الحريات العامة ودعت الى الحوار ولا سيما الحوار مع الشباب، وحجبت الثقة عن الحكومة.