احتدمت "معركة الصلاحيات الدستورية" التي فتحها الرئيس الايراني محمد خاتمي، ودخلت مرحلة جديدة، عنوانها حشد القوى والدعم لمساندة الدعوة الى تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية، وفقاً لما يريده الاصلاحيون، في موازاة تشبث المحافظين برفض ادخال اي تعديل على صلاحيات مراكز القرار، واعتبارهم ان مواقف خاتمي "عكست اعترافاً ضمنياً بتقصيره في تنفيذ مهماته". وتتميز المعركة الدستورية في ايران بأنها تجري بين السلطتين التنفيذية برئاسة خاتمي والقضائية برئاسة هاشمي شاهرودي، فيما تقف السلطة التشريعية ممثلة في البرلمان الاصلاحي الى جانب خاتمي، ما فتح المجال امام مجلس صيانة الدستور ذي الغالبية المحافظة للوقوف تلقائياً الى جانب السلطة القضائية، وسط التجاذبات بين المجلس المكلف المصادقة على القوانين، والبرلمان المعني بالتشريع. ورسخت هذه المعطيات حقيقة ان المعركة الدستورية الحالية تدور بين صناع القرار، ما دفع أنصار التيارين الاصلاحي والمحافظ الى التحصن خلف هؤلاء الكبار لدعمهم في الاستحقاق الجديد المرتبط باستحقاق الانتخابات الرئاسية المقررة في ايار مايو 2001. ورأت أوساط التيار المحافظ ان "يأس الاصلاحيين ينبع من عدم التزامهم كل مواد الدستور"، مشيرة الى "انتقائية العمل فيه، وعدم استطاعتهم إلغاء المؤسسات الدستورية" المجلس الدستوري. واعتبرت "جماعة المؤتلفة" المسيطرة على البازار، بلسان عضو الشورى المركزية بادامجيان ان خاتمي "اعترف ضمنياً بأنه لم يقم بواجبه الذي نص عليه الدستور"، في اتهام واضح للرئيس الايراني بعدم الاكتراث بدستور البلاد. وكان رئيس السلطة القضائية هاشمي شاهرودي دعا خاتمي الى اتخاذ خطوات جدية لتطبيق الاصول المنسية من الدستور، ملقياً الكرة في ملعب رئيس الدولة. ورد أنصار خاتمي بأن ما يمنعه من الاشراف على تنفيذ احكام الدستور هو بعض "القوى الخفية"، كما وصفها النائب الاصلاحي محمد رشيديان الذي قال ان "مراكز القرار تعلن ظاهرياً دعمها خاتمي، ولكن هل تقف معه فعلاً اكثرية اعضاء الحكومة وتعمل لتنفيذ برامجه". ويشير الاصلاحيون الى ان "انتهاك الدستور يحصل خارج اطار السلطة التنفيذية"، في اتهام للمؤسسات الخاضعة لسيطرة المحافظين. ويقول مستشار خاتمي رئيس لجنة مراقبة تطبيق الدستور حسين مهر بور ان الرئيس "وجه رسمياً ثلاث توصيات وانذاراً، حول خرق بنود الدستور في قضايا عدة، ابرزها تلك المتعلقة بالحقوق الاساسية للمواطنين، وتفتيش العقائد، ومسار المحاكمات والاعتقالات والتعذيب وصلاحية المحاكم". ويبدو ان معركة الصلاحيات الدستورية ستتواصل اذا لم يتدخل مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي، كونه صاحب الكلمة الأخيرة في القضايا الاساسية، وفقاً لاحكام الدستور.