أجيال موسيقية وغنائية عربية مختلفة وتجارب وأشكال عدة اجتمعت في أمسيات "مهرجان الموسيقى العربية التاسع" الذي أقيم في دار الاوبرا المصرية وهي استضافته بادارة حيوية من الفنانة الدكتورة رتيبة الحفني مقررة المهرجان والمشرفة على بحوث مؤتمره العلمي التي طاولت هذا العام فنون غناء "الموال" وواصلت للعام الثاني قراءة "كتاب الاغاني" لابي الفرج الاصفهاني. المهرجان وعملاً بنهج رسخه على امتداد دوراته التي بدأت في العام 1992 واصل تكريم فنانين وباحثين اثروا الموسيقى العربية وطبعوا ذائقة اجيال كثيرة بلمسات اغنياتهم وألحانهم. وفي هذا العام كرم المهرجان الفنانين حلمي بكر وفؤاد حلمي والدكتور جمال سلامة من مصر الى جانب الباحث في علم موسيقى الشعوب الدكتور محمود قطاط من تونس. وكرم المهرجان اسم الراحل كارم محمود واسمي المؤرخين الموسيقيين عبدالعزيز عناني واحمد المصري وجميعهم من مصر. واذا كان الراحل كارم محمود حضر عبر مجموعة من اغنياته وألحانه في افتتاح المهرجان إلى جانب فيلم وثائقي استعرض فيه ظهوره في غير فيلم سينمائي، فإن اصوات فنانين كرّموا ضمن محور "اعلام الغناء العربي المكرمين" شدت امام الجمهور في حفلة خاصة، فظهرت اللبنانية سعاد محمد وهي تعاند أثر السنوات وبدا صوتها شاباً فيما الجسد يشيخ كما غنت المصرية زينب يونس التي كانت بين من غنى في اوبريت "الارض الطيبة" لمحمد عبدالوهاب وانشد سيد اسماعيل لحنين من أغنياته التي كانت حملته الى جانب عدد من نجوم الغناء واللحن في مصر خلال الخمسينات والستينات. وما اثار الانتباه في حفلات الغناء كان وجود اسماء شابة إضافة الى اسماء غنائية اصبحت علامات في الاغنية العربية. فإلى جانب المطربين الكبيرين وديع الصافي وصباح فخري كان هناك المطرب التونسي لطفي بوشناق والسوري حمام خيري الذي صاغ من مدرسة حلب الغنائية العتيدة اغنيات جديدة الى جانب لمسات من التجديد للمطربة ماجدة الرومي والمطرب هاني شاكر. وفي صف الاسماء الشابة غنت في مستوى طيب المصرية ريهام عبدالكريم التي شاهدناها سابقاً تغني وتمثل في مسلسل "أم كلثوم" بعد انسحاب آمال ماهر التي بدأت بوضع شروط للظهور على المسرح، تتردد في وضعها مطربات معروفات، على رغم كونها لم تصل العشرين من عمرها. وأدت بحيوية ناعمة المطربة المصرية الشابة مها البدري فيما بدت غادة رجب تزيد في منح ظهورها ملمحاً يزاوج بين الرقة والخبرة في آن. ومع فوزها بالجائزة الاولى في مسابقة المهرجان الخاصة لهذا العام بالقصيدة الغنائية تكون الشابة مي فاروق مصر الأكثر حظاً في اعطاء الاغنية المصرية الجديدة ملمحاً من الرصانة والاصالة باتت في أتم الحاجة اليه. فمع صوتها الواسع وحيويتها في الأداء وحرصها على ان تمنح السعة في خامة صوتها ملمحاً رقيقاً، يمكن المطربة الشابة مي فاروق ان تشغل موقعاً بارزاً في خارطة الغناء المصري والعربي عموماً. وفي ظهورها عبر مناسبتين على المسرح الكبير في دار الاوبرا مرة في فقرة الفائزين بجوائز المهرجان هذا العام وأخرى في فقرة الفائزين بجوائز الاغنية سبق لها الفوز بجائزة مهرجان الاغنية الذي تنظمه وزارة السياحة المصرية سنوياً، أكدت مي فاروق امكاناً لافتاً في أداء اغنيات تنبع من أكثر أشكال الغناء وقوالبه صعوبة. والى جانب مي فاروق، تعرف الجمهور الى صوتين نسويين من المغرب للمطربتين الشابتين: جنات مهيد الفائزة بجائزة مهرجان الاغنية العربية في الامارات وفدوى المالكي الفائزة بالجائزة الثانية في مسابقة المهرجان هذا العام وفيهما قدرة جيدة على اداء تطريبي وتعبيري في آن وتحديداً عند جنات مهيد. ومن بين الابتسامات الشابة التي طبعت ملامح المهرجان ابتسامة السوري أحمد شريف الذي فاز بالجائزة الثالثة في مسابقة المهرجان الخاصة بالقصيدة الغنائية، فيما كانت ملامح المؤدين المصريين الثلاثة الذين قدموا اغنيات كارم محمود قوية في حضورها. ومع اصواتهم طرح سؤال: لماذا تغيب اصوات كهذه عن الاغنية المصرية اليوم؟ ولعلّ السؤال ذاته تعزز مع ظهور المطرب المصري الشاب أحمد إبراهيم سواء كان ذلك في احيائه مقاطع من "تابلوه الغناء القديم" وتقديمه اغنيات لصالح عبدالحي أم في تقديمه اغنيات معاصرة مع "الفرقة القومية للموسيقى العربية" بقيادة المايسترو سليم سحاب. علي عبدالأمي