تشهد العاصمة السعودية الرياض في الحادي والعشرين من الجاري ندوة في عنوان "مستقبل الثقافة العربية" وتنظمها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة . تأتي هذه الندوة ضمن مشاركات المكتبة في الاحتفاء باختيار الرياض عاصمة ثقافية عربية للعام 2000. وكان هذا الاختيار محل تساؤل الكثيرين، اذ كيف تم اختيار الرياض وهي العاصمة التي ينقصها الكثير من ادوات الثقافة مثل المسرح والسينما. كيف تم هذا الاختيار؟ وما هو الدور الذي لعبته مكتبة الملك عبدالعزيز في الثقافة العربية؟ وكيف يخطط القائمون عليها للمستقبل؟ هذه الاسئلة يجيب عنها وكيل الحرس الوطني للشؤون الثقافية والتعليمية والمشرف على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة فيصل بن عبدالرحمن بن معمر في هذا الحوار: اكثر من عشر سنوات مضت على انشاء مكتبة الملك عبدالعزيز... فكيف تقومون دورها خلال هذه السنوات؟ - تعتبر مكتبة الملك عبدالعزيز فاتحة خير على المكتبات في السعودية اذ قدمت نموذجين فريدين. الاول هو الخروج بالمكتبة العربية من الصفة التقليدية واصبحت مكتبة تحمل هموم الثقافة سواء كان ذلك من طريق ايجاد مصادر المعرفة المتنوعة او من طريق الندوات الدولية السنوية والمحاضرات والمعارض والنشر واستخدام التقنيات الحديثة والمتطورة. اما النموذج الآخر فهو فتح المجال على مصراعيه أمام المرأة السعودية للمشاركة في استخدام المكتبة حسب النظم والتقاليد المتبعة في السعودية. فهناك مكتبة نسائية متكاملة تحمل الهموم النسائية في المجتمع الى جانب مكتبة متطورة جداً للاطفال اذن نحن امام ثلاث مكتبات في مكتبة واحدة. استطيع ان اقول ان مكتبة الملك عبدالعزيز اصبحت مؤسسة ثقافية بارزة في المجتمع السعودي والعربي. وماذا عن التقنيات الحديثة التي ذكرتها؟ - نحن اول مكتبة عربية تكون جميع محتوياتها على الانترنت ولا يوجد في الوطن العربي مكتبة يوجد لها نحو 250 ألف تسجيل على الانترنت وتكون متاحة لأي شخص في اي مكان في العالم من طريق شبكة المعلومات الدولية، الى جانب اننا نوفر لمرتادي المكتبة خدمة استخدام الانترنت. ولماذا جاء تنظيم الندوات كأحد انشطة المكتبة؟ - احد اهداف المكتبة الخروج من الاطار التقليدي للمكتبات. لهذا رسم برنامج لندوة كبرى سنوية وندوات اخرى كل عام يتم تحديدها من طريق لجان علمية. وعندما تقوم المكتبة بهذا النشاط فهي تخرج عن الصفة التقليدية التي ذكرتها وتنطلق لخدمة المجتمع بجميع اوجه الثقافة لأننا نهدف الى رفع المستوى الثقافي من خلال الندوات والمحاضرات. كيف تم اختيار موضوع "مستقبل الثقافة العربية" كندوة لهذا العام؟ - ندوة مستقبل الثقافة العربية من اهم الندوات في العالم العربي وتم اختيار هذا الموضوع تماشياً مع اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية، واعتقد ان من اهم المواضيع ان يناقش مستقبل الثقافة وماضيها وواقعها، إضافة الى ان الندوة تعتبر اكبر تجمع عربي للمثفقين العرب للتباحث والتشاور لرسم مستقبل الثقافة العربية في كل ابعاده. وتسعى الندوة الى بلورة رؤية أكثر استيعاباً لثوابت هذه الثقافة ومتغيراتها ومن ثم توجهاتها وصورها المستقبلية. فهي تؤسس لرؤية أكثر وضوحاً لواقع الثقافة العربية من خلال بناء أرضية معلوماتية تحليلية تتمعن فى الاحداث والارقام وتستكشف المشكلات والصعوبات والرؤى والمقترحات. ولكن الا يمثل نشاط الندوات وخصوصاً ندوة هذا العام ازدواجية تكرار لما يقدم في مهرجان الجنادرية؟ - ما نقوم به في المكتبة يمثل امتداداً لما نقوم به في الجنادرية، الجنادرية تطرقت الى مواضيع اخرى مثل "الاسلام والشرق" و"الاسلام والغرب" بينما تناقش ندوة هذا العام موضوعاً محدداً وهو الثقافة العربية في كل محاورها. اثار اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية تساؤل الكثيرين بسبب غياب الكثير من أدوات الثقافة عن السعودية... فما تعليقكم على ذلك؟ - الخطأ الذي يقع فيه الناس انهم يعتقدون ان الاختيار جاء بعد منافسة مع عواصم اخرى. وهذا لم يحدث لأن اختيار عاصمة للثقافة العربية يتم سنوياً من خلال اليونسكو لابراز ثقافة البلد الذي تمثله العاصمة. وكذلك تنشيط المؤسسات الثقافية ومناقشة الحاضر والماضي وايجاد خطط ثقافية للمستقبل. اذاً ليس هناك "فوز" كما نشر في وسائل الاعلام انما هو "اختيار". وتمّت جدولة جميع العواصم العربية في اليونسكو لاختيار عاصمة منها كل عام لتكون عاصمة للثقافة العربية. وسبقنا الى ذلك بيروت والشارقة والعام المقبل ستكون الكويت. ولكن هذا لا يمنع ان نقول ان في الرياض مؤسسات ثقافية وجامعية تعتبر متقدمة جداً في المجال الثقافي ما يؤهلها لتكون عاصمة للثقافة العربية. وماذا عن خطط المكتبة للمستقبل؟ - يجب ان يركز البرنامج المستقبلي على اشياء عدة اولها ان يكون هناك برنامج طموح للترجمة وبرنامج آخر للطفل، ونخطط للدخول في هذين المجالين بقوة. ومصير النشر لديكم؟ - نبحث عن الرسائل الجامعية ولدينا لجنة علمية وفريق يقوّم هذه الرسائل. ونقدم من خلال صحيفة "الحياة" دعوة للباحثين في المواضيع الجادة التي تهم الامة العربية للتقدم بأبحاثهم وسنقوم بنشرها اذا انطبقت عليها لائحة النشر خصوصاً اننا نخضع للتحكيم كل ما يقدم لنا لان هناك بعض الكتب لا ترقى الى المستوى النشر. هل توافقون على نشر الابحاث ذات القيمة الفكرية التي قد تختلف مع التوجهات السعودية؟ - نحن نبحث عما يخدم الامة العربية والسعودية وثقافتها. نحن مؤسسة ثقافية وما ننشره موجه الى خدمة المثقف السعودي والعربي. كيف تقوّمون دور المكاتب العربية في اطار المنافسة غير المتكافئة من الفضائيات؟ - نحن نعاني من الاستخدام السيئ للفضائيات. الامة العربية الان تعاني من فراغ. واصبح ما يقدم للمشاهد العربي فراغ ثقافي من خلال برامج قد تكون هابطة. وأعتقد ان الاحباطات المتتالية للمثقف العربي احد اسباب التراجع الثقافي، فضلاً عن ان التقدم المادي الحاد في العالم احد اسباب الهوة الثقافية الى المثقف العربي، في ما معناه ان التقدم الاجتماعي لم يتماشَ مع التطورات المادية. ونحن نحتاج الى اعادة النظر في امور كثيرة في حياتنا ودعم نوعي للبرامج والمؤسسات الثقافية. وعندما نتحدث عن الثقافة فنحن نتحدث عن شيء مختلف عن الانفاق على التعليم. اما المؤسسات الثقافية فنقصد بها انتشار المكتبات والمعارض والمسارح. وهي للأسف تراجعت في السنوات الاخيرة في العالم العربي.