تتداول الأوساط السياسية الكويتية منذ أيام تكهنات عن قرب حسم الجمود في توزيع المسؤوليات داخل الأسرة الحاكمة في الكويت. ففي حين يحمل ولي العهد الشيخ سعد العبدالله الصباح لقب رئيس مجلس الوزراء، فإن نائبه الأول وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد يتحمل عملياً مسؤوليات رئاسة الحكومة منذ أكثر من سنتين، ويتعامل في الوقت نفسه مع فريق حكومي تولى الشيخ سعد اختيار أعضائه في 17 تموز يوليو 1999. وهذا التفاوت بين المسؤوليات والصلاحيات خلق حالاً من عدم الانسجام تكثّف جانب منها في الاستقالة "الخشنة" لوزير الإعلام سعد العجمي الشهر الماضي. وبحسب التكهنات، فإن العودة الموقتة للشيخ سعد من اجازته المرضية الطويلة في لندن قبل أسبوعين، إنما جاءت لتنفيذ "الحسم". ويذهب بعض الأوساط إلى افتراض أن "تنازلاً" من جانب الشيخ سعد عن منصب رئاسة الحكومة لمصلحة الشيخ صباح سيتم قبل بداية شهر رمضان، وبصورة ودية وعلنية عبر التلفزيون الرسمي، يعود بعدها ولي العهد إلى الخارج لاستكمال علاجه. ويتبع ذلك تكليف الشيخ صباح تشكيل حكومة جديدة ستشهد غياب معظم الوجوه الوزارية الحالية. ونقلت مجلة "الطليعة" الكويتية المعبرة عن التيار الليبرالي، أمس، عن مصادر سياسية مطلعة قولها إن "الكبار اتفقوا على التغيير"، وان "الاتفاق جرى على أن يقوم النائب الأول الشيخ صباح بممارسة لقب رئيس الوزراء ودوره وسلطاته كاملة، بينما يخلد ولي العهد للراحة التي تقتضيها صحته بعدما قضى وقتاً طويلاً من العطاء"، وتابعت ان "التغييرات المزمع اتخاذها ستباشر بشكل حثيث بعد أن عاد الشيخ صباح الأحمد من اجتماع مؤتمر القمة الإسلامية، بل إن بعضها تم فعلاً، إذ ان الاتصالات لتشكيل وزارة جديدة قد بدأت". ورأت "الطليعة"، التي اعتادت منذ سنوات معارضة الشيخ سعد وانتقاده ومهاجمة اسلوبه في قيادة الحكومة، أن "الظروف لم تعد تسمح بالإبطاء من أي نوع" في هذا الحسم، وأن "الأوضاع المخلخلة" في الإدارة الكويتية "جعلت بعض الأشقاء يعرضون وساطتهم لحسم الأمور"، في إشارة إلى نصائح وجهت من عواصم خليجية إلى المراجع السياسية العليا في الكويت. وترى المجلة أن الخلاف على تسلسل المراكز في ظل مجلس الوزراء المنتظر، وكذلك انشغال الحكومة بقضية الاستجواب البرلماني ضد وزير الدولة لشؤون الإسكان الدكتور عادل الصبيح، هو ما يؤخر الإقدام على التغيير السياسي الكبير المنتظر. يذكر أن الشيخ سعد 71 عاماً الذي شغل منصب ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء منذ العام 1978، اصيب في آذار مارس 1997 بنزف اجريت على اثره جراحة، لكن حاله الصحية اضطرته إلى غياب طويل للعلاج في الخارج. وكان الشيخ سعد يتمتع بتعاطف وقرب التيار الإسلامي إليه في مقابل العلاقة الوثيقة بين الشيخ صباح والليبراليين.