عام 1999 كويتياً كان حافلاً بالتغيرات: برلمان جديد تقوده المعارضة، واغلاق ملف "دول الضد" باستكمال عودة العلاقات مع الاردن واليمن والسودان، وهمس عن مستجدات في اسلوب ادارة الاسرة الحاكمة للدولة وتوزيع المسؤوليات السياسية بين افرادها. ويمكن اعتبار قرار الامير الشيخ جابر الاحمد الصباح حل مجلس الأمة البرلمان في 4 ايار مايو ابرز احداث العام الماضي، اذ ادى ذلك الى انتخابات في 3 تموز يوليو افرزت مجلساً تتمتع فيه المعارضة بغالبية واسعة، لكنها معارضة مفككة بين الليبراليين والاسلاميين. واظهر المجلس المعارض قوته من خلال اسقاط 35 مرسوماً اصدرها الامير خلال غياب البرلمان، ما عزز سلطة المجلس بصفته المختص بتشريع القوانين وتعديلها، لكن المجلس الذي اتفقت قواه على رفض "اغتصاب" الحكومة سلطة التشريع، اختلف على تعديل لقانون الانتخاب يمنح المرأة حق الترشيح والانتخاب. وفي 30 تشرين الثاني نوفمبر اثبت الاسلاميون ان لهم اليد العليا برلمانياً واسقطوا "قانون المرأة" مما اثار سخط الليبراليين. ووجد الاسلاميون والليبراليون قضية اخرى يتواجهون من خلالها، هي المحاكمات التي حرّكتها شكاوى الاسلاميين ضد كتّاب ومثقفين ليبراليين، لا سيما الدكتور احمد البغدادي الذي حُكم في 4 تشرين الاول اكتوبر بالسجن شهراً لإساءته الادب مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ثم اصدر الامير في 18 من الشهر نفسه عفواً انهى سجن البغدادي، لكن الكاتبتين عاليه شعيب وليلى العثمان ما زالتا تترددان على المحاكم بانتظار صدور الحكم في القضايا المرفوعة ضدهما من اسلاميين بسبب ما اعتبروه كتابات تخدش الحياء العام وتسيء الى الدين. وشهد عام 1999 افتتاح كل من الاردن والسودان واليمن سفارته في الكويت، واستعادة العلاقات الديبلوماسية كاملة بعد الجفاء الذي نتج عن الاحتلال العراقي للكويت. وجاءت زيارة الملك عبدالله بن الحسين للكويت في 6 ايلول سبتمبر تتويجاً لنجاح السياسة التي قادها وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الاحمد نحو التطبيع مع ما كان يعرف بدول "الضد" على رغم استمرار التحفظ الشعبي عن هذه السياسة. لكن العلاقة الوثيقة مع مصر عرفت هزّة بسبب احداث الشغب المفاجئة التي شارك فيها آلاف من العمال المصريين في ضاحية "خيطان" الكويتية واسفرت عن مئة جريح وآلاف من المعتقلين وخسائر بملايين الدنانير. وبذلت الحكومتان جهداً لتطويق الحادث ومسح آثاره بسرعة، وابدت الكويت تساهلاً مع الموقوفين المصريين فاقتصرت الاجراءات القضائية على 19 منهم، ووعدت الحكومة الكويتية بتدابير ضد "تجّار الاقامات" الذين اصبحوا - رسمياً - سبب احداث "خيطان". ادارة الاسرة الحاكمة وخلال 1999 تزايد الهمس عن تغيير محتمل في اسلوب ادارة الأسرة الحاكمة شؤون الحكم، في ظل الحال الصحية لولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله الصباح. ونفت الاسرة بشدة ما أوردته وكالات اجنبية عن اصابة الشيخ سعد بمرض عضال، لكن المصادر الكويتية توقعت ألا تساعد حاله الصحية التي سافر مرتين للعلاج منها خلال 1999 في استمراره في ادارة الحكومة، كما كان يفعل منذ تسلمه رئاستها عام 1978، واعتبرت ان تفويضاً لمزيد من الصلاحيات للنائب الاول لرئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الاحمد اصبح مفروغاً منه. وأثار مقال نشره قبل اسبوعين النائب السابق الدكتور اسماعيل الشطي، ودعا فيه الاسرة الحاكمة الى تقديم صف ثانٍ من القياديين وتدريبهم للحكم، جدلاً في الاوساط الكويتية حول مستقبل ادارة اسرة آل الصباح الدولة لا سيما ان "الثلاثة الكبار" وهم الأمير وولي العهد والشيخ صباح الأحمد تجاوزوا السبعين، ولن يكونوا قادرين على المتابعة التفصيلية لشؤون الحكم في المستقبل. ورأى وزير الدفاع الشيخ سالم الصباح ان الأولوية في تسلّم المسؤولية ستكون حسب السن مشيراً الى وصية للشيخ مبارك حكم بين 1897 و1915 في هذا الخصوص، ومؤكداً انه لا يوجد "صف ثان وثالث ورابع"، بل "الذي يمكنه ان يخدم الكويت وأهلها سنقدمه ليكون حاكم المستقبل".