} خلت المناظرة التلفزيونية الأولى بين المرشحين للرئاسة الاميركية من الاثارة وانتهت من دون "ضربة قاضية" يسددها احدهما للآخر، لكن المرشح الديموقراطي آل غور اعطى انطباعاً أنه يفضل التركيز على القضايا، بدل الرد على هجمات شخصية حاول منافسه الجمهوري جورج بوش استدراجه اليها. للمرة الاولى منذ بدء الحملة الانتخابية الرئاسية في الولاياتالمتحدة، تابع الناخبون الاميركيون المناظرة التلفزيونية للمرشحين الجمهوري والديموقراطي التي شرحا فيها وجهاً لوجه مشروعيهما الانتخابيين. على مدى تسعين دقيقة خلت من الاثارة، عرض المرشح الجمهوري جورج بوش والديموقراطي آل غور مخططهما لكيفية التعاطي مع اكثر الامور اهمية بالنسبة الى الناخب الاميركي وهي: العناية الصحية والضرائب والتعليم والضمان الاجتماعي. والمناظرة وهي الاولى من اصل ثلاث، بدأها آل غور نائب الرئىس الاميركي، رداً على سؤال من المحاور وهو مذيع الاخبار المعروف جيم ليهرير. وبدا غور جامداً ومملاً تماماً كالصورة التي رسمها الناس له قبل المناظرة. لكنه حرص على تعزيز الاعتقاد السائد أنه محاور بارع يركز على القضايا، كما انه يحضر ملفاته بشكل جيد ويتمتع بخبرة عالية. اما جورج بوش حاكم تكساس فنجح بالظهور بشكل "محبب" وكشخصية "خفيفة الظل" وذلك لتعزيز التباين بين شخصه وشخص غور لدى الناخب الاميركي. وخلت المناظرة من لحظات اثارة ومن عبارات تعلق في الذهن وتدخل التاريخ، إضافة الى خلوها الاكيد من "ضربة قاضية". ولم يترتكب اي من المرشحين هفوات، وهذا ما توقعه كثير من المراقبين الذين شددوا على صعوبة الفوز بمناظرة تلفزيونية اذا لم يخسر الخصم لوحده. وكان بوش البادئ في التهجم على غور، فاستمع الى بعض الارقام التي قدمها الاخير عن الضرائب والضمان الصحي ثم وصف هذه الارقام ب"الزائف". وعاد مجدداً ليسخر من نائب الرئىس الذي "لم يخترع الانترنت فقط بل اخترع الآلة الحاسبة"، وذلك في اشارة لما كان غور قد اعلنه منذ سنوات أنه اخترع الانترنت، ما جعله عرضة للانتقادات والسخرية. وبدا واضحاً ان غور اراد ان يشبع سياسة التركيز على القضايا بدلاً من الانجراف وراء الاتهامات وتبادل التهجمات الشخصية. شدد غور على ان ادارته ستكون امتداداً للازدهار الاقتصادي الذي تنعم به الولاياتالمتحدة وفي المقابل حاول بوش ترك الانطباع أنه يريد تغليب قوة الفرد في الاختيار على مصلحة الحكومة الفيديرالية. وكرر بوش اكثر من مرة، ان "الفائض في الميزانية" هو ملك الشعب الاميركي لا اموال الدولة، لذا فإن كيفية استعمال هذا الفائض يجب ان يعود لدافعي الضرائب وليس للحكومة، مشدداً ان مشاريع ومخططات آل غور الاجتماعية ستزيد من حجم تدخل الحكومة وتبدد الفائض. ولم يؤتَ على ذكر الشرق الاوسط الا في الحديث عن النفط. فانتقد بوش ادارة كلينتون - غور لعدم وجود سياسة نفطية لديها ودعا الى الزيادة في انتاج النفط محلياً للتخفيف من حجم الاعتماد على النفط المستورد وابدال المليون برميل الذي تستورده الولاياتالمتحدة يومياً من "صدام حسين" بالمنتج محلياً. وحاز موضوع تخفيف الضرائب على قسم كبير من المناظرة، نظراً الى ما له من اهمية لدى الناخب الاميركي. واتهم غور بوش أن مشروعه لتخفيض الضرائب يفضل الاغنياء الذين يمثلون واحداً في المئة من الشعب ويعطيهم اموالاً اكثر مما يريد ان ينفقه على التعليم. ودافع بوش عن مشروعه بشكل عام قائلاً انه ينوي تعزيز قدرة الفرد على بناء حياته، مؤكداً انه سيعيد ربع الفائض في الميزانية للشعب "لمساعدته على دفع الفواتير". وتحولت نهاية المناظرة الى تركيز بوش على التصرفات الشخصية لكلينتون من دون ان يسميه ومحاولة ربطها بآل غور، لتردد الاخير في اتخاذ مواقف. وانتقد بوش غور لعدم مصداقيته، مشيراً الى "شبه الفضيحة" التي تعرض لها غور حين ذهب الى معبد بوذي تبين في ما بعد انه كان حملة تبرعات. ونفى غور في حينه ان يكون على علم بذلك. وانتقد بوش ايضاً الادارة الحالية لاستعمالها "غرفة نوم لينكولن" في البيت الابيض لاستضافة المتبرعين للحملات الانتخابية الديموقراطية. واضاف ان على الناخب ان يقرر موقفه من هذه التصرفات. وفي المقابل، تجنب غور الخوض في هذه الاتهامات، قائلاً: "اريد ان اقضي وقتي بجعل هذا البلد افضل مما هو عليه الآن، وليس لجعلك تبدو سيئاً". واضاف: "لقد هاجمت شخصي ومصداقيتي ولكنني لن ارد بالمثل". وكان موضوع السياسة الخارجية الوحيد الذي تم الخوض فيه، هو الانتخابات في يوغوسلافيا، اذ سئل المرشحان عما ينويان في حال رفض سلوبودان ميلوشيفيتش قبول الخسارة. ودعا آل غور الى دعم الشعب الصربي من خلال التلويح برفع الحصار كحافز لهم للتخلص من ميلوشيفيتش. اما بوش فقال: "لقد حان الوقت ليرحل" وطالب بدور اكبر تلعبه روسيا للتوسط في الازمة. وكانت مناظرة الثلثاء الاكثر تقليدية بين المناظرات الثلاث المقررة. فالمرشحان وقفا كل على منبره وردا على اسئلة من المحاور. اما في المناظرة الثانية يوم الثلثاء المقبل، فسيجلس المرشحان الى طاولة مع المحاور نفسه والمناظرة الاخيرة، في 17 الشهر الجاري، فستكون على شكل "مؤتمر مدينة" حيث سيجيب المرشحان على اسئلة الجمهور مباشرة. وتجرى اليوم المناظرة التلفزيونية المخصصة للمرشحين لمنصب نائب الرئىس، بين الجمهوري ديك تشيني والديموقراطي جوزف ليبرمان.